أظهرت دراسة جديدة بعنوان " الرواية القطرية .. خطاب العتبات بين رهان الكتابة وارتهان القراءة " أن الوعي التجريبي بهذا الجنس الأدبي (الرواية)، بدأ يأخذ سبيله عند الكاتب القطري، ليس فقط في الأساليب الكتابية، ولكن بمداخل نصوص وعتبات الكتب. وقال الدكتور عبدالحق بلعابد أستاذ النقد بجامعة قطر صاحب الدراسة الصادرة مؤخرا عن دار لوسيل للنشر ،في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"،: إن الدراسة عبارة عن بحث تطبيقي استخدم فيه الكاتب أدوات خطاب العتبات لمقاربة الرواية القطرية بهدف خلال تعميق النظر في مداخل النصوص وعتباتها، موضحا أن أهم ما توصلت إليه الدراسة هو إبراز أهمية الأدب القطري، خاصة الجانب الروائي منه، زيادة الاهتمام بالأدب القطري لدى المجتمع، تقريب الأدب القطري خاصة جنس الرواية من القراء، إضافة إلى تحليل الرواية القطرية بمنهجيات نقدية جديدة والعمل على إظهار مكانة الرواية القطرية أمام مثيلاتها في الوطن العربي وما تعرفه من انتشار، فضلا عن التعريف بالنتاج الروائي القطري محليا وعربيا وعالميا. وأضاف أن هذا الكتاب ركز على دراسة العتبات من حيث هي مقاربة جديدة داخل المؤسسة النقدية العالمية، تبيّن لنا أن خطاب العتبات ما يزال في حاجة إلى دراسات نقدية عديدة لتأصيله في الدرس النقدي العربي المعاصر، وهذا ما حاولناه في بحثنا، تنظيرا لوضع حدود ومحددات لهذه المداخل النصية، ثم تطبيقا من خلال اختيارنا لعالم سردي ما يزال البحث فيه بكرا أيضا وهو السرد القطري والرواية القطرية تحديدا، إلا أننا وجدنا فيه مبتغانا النقدي، لاحتفاء بعض الكتاب بهذه النصوص الموازية، وهذا بحد ذاته يعد ظاهرة أدبية لا بد من الالتفات لها وفق المقاربات الشعرية الحديثة، لدراسة العتبات النصية. وأشار الناقد والأكاديمي بلعابد إلى أن الرواية القطرية عرفت كمثيلاتها من الروايات العربية مراحل تاريخية، واستندت إلى مرجعيات أدبية لانطلاقتها موضحا أنها شهدت مرحلة للبدايات، ومرحلة للامتداد، ومرحلة للتجريب، وما تزال تبحث عنها في أشكال روائية عدة ، غير أن مرحلة البدايات، تعدّ مرحلة مفصليّة عندها، إذ نجد أنّ الرواية القطرية سليلة القصة، فكثير من كتاب الرواية القطرية، انطلقوا من كتابة القصة ثم تحولوا إلى كتابة الرواية . وحول مرجعيات الرواية في قطر يرى أنها شبيهة بالمرجعيات العامة للرواية العربية، منها المرجعية الغربية، وهي التي ساعدت كتاب الرواية في قطر، للاطلاع المباشر بقراءة الروايات العالمية في أصولها، أو للاطلاع غير المباشر عن طريق ترجماتها للغة العربية، وهذا يعد من سبل الحوار والمثاقفة التي تجعل من كاتب الرواية منفتحا على القراءات العالمية، وأما المرجعية الثانية فهي المرجعية العربية، إضافة إلى المرجعية الثالثة، وهي المرجعية المحلية، التي يراهن عليها الكاتب القطري لتقديم ذاكرته السردية النابعة من عاداته الاجتماعية، وتقاليده التراثية ، فكثير من الكتاب يعمدون إلى التناص التراثي والتاريخي لإبراز هذه المرجعية، المعززة للانتماء والمحافظة على الهوية السردية المحلية . وتابع قائلا " وجدنا بعض كتاب الرواية في قطر، يحاولون التجريب الروائي لموضوعات تعرف إقبالا داخل المجتمع الروائي العالمي، خاصة الرواية التاريخية، التي حصدت الجوائز الكبرى، وهذا التجريب الروائي الذي يراهن عليه الروائي القطري، عبد العزيز آل محمود، وهو من بين القلائل في دولة قطر الذي يكتبون في الرواية التاريخية إلى جانب نورة فرج، وعيسى عبدالله، إذ تحتاج هذه الرواية صبرا كتابيا، وإبداعا نوعيا، للامساك بمسالك التاريخ وممالك التخييل، فمن هنا نجد أن الرواية القطرية تحاول مجاراة الرواية في الدول العربية للتنويع في موضوعاتها، و التجديد في أساليب كتابتها. وردا على سؤال لوكالة الأنباء القطرية "قنا" حول مستقبل الرواية القطرية في ظل الراهن الثقافي، قال الناقد الدكتور عبدالحق بلعابد : تعرف المؤسسة الإبداعية القطرية في السنوات الأخيرة حراكا مشهودا، وبخاصة الرواية القطرية التي تعرف انتعاشها الآن، تنافس مثيلاتها إقليميا وعربيا، وهذا يرجع للرؤية التنموية للدولة التي لا تفصل مجتمع المعرفة التي تراهن عليه عن مجتمع الإبداع، مما يزيد من تحفير الروائي القطري على الكتابة النوعية لإسماع صوته الروائي عربيا. واعتبر أن هذا يرجع بالأساس للوعي التجريبي بهذا الجنس الكتابي الذي بدأ يأخذ سبيله عند الكاتب القطري، ليس فقط في الأساليب الكتابية، ولكن من حيث الرؤية للعالم ولما حوله، فنجد أن الروائي خرج من الموضوعات الاجتماعية، ليتطرق إلى موضوعات يكتب فيها على الساحة العالمية مثل الرواية التاريخية، أو الرواية العجائبية، أو رواية الذات، أو رواية الخيال العلمي، وهذا دليل على أن مستقبل الرواية في دولة قطر يعرف حركية على مستوى النوعية الكتابية، والكمية الطباعية، والدليل على ذلك العناوين الكثيرة التي طبعت من الروايات في معرض الدوحة الدولي للكتاب الأخير فلهذا فبناء المعرفة والوجدان، يكتب بالخيال المبدع، ويقرأ بالعقل المنتج، ولهذا نراهن على المستقبل الواعد للرواية في دولة قطر.;
مشاركة :