جمال عبد الناصر.. رمز القومية مازال حيّاً

  • 9/28/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: «الخليج» تحل اليوم الجمعة الثامن والعشرين من سبتمبر، الذكرى الثامنة والأربعون لرحيل الزعيم العربي والمصري الكبير جمال عبد الناصر، بينما لا تزال شخصيته حية في تاريخ المنطقة والعالم وتحظى بالمزيد من مشاعر المحبة والتقدير والاحترام، إذ يكنّ ملايين الأحرار في مصر والوطن العربي والعالم، حبّاً جارفاً لعبد الناصر الذي مازال يمثل رمزاً للكرامة الوطنية والاعتزاز القومي ورائداً لنظام العدالة الاجتماعية والانحياز للفقراء. كما كان نصير القضية الفلسطينية، إذ قاتل من أجلها جندياً في أرض المعركة وقائداً أعلى للجيش المصري وزعيماً للأمة حتى وفاته في مثل هذا اليوم من العام 1970.وفي هذا اليوم يتم استدعاء منجزات الزعيم، رغم الاختلاف عليها، لكن ذاكرة الأجيال في المنطقة العربية ما زالت تحتفظ بتكريم واحد من أبطال وحدتها القومية والمدافع عن حقها من أجل امتلاك عناصر القوة والتقدم العلمي والتقني، وهو توجّه قاده عبد الناصر ولمع فيه بين زعماء العالم الكبار حتى خارج حدود الوطن العربي. ففي إفريقيا لم تشكل الاختلافات الثقافية عائقاً أمام اعتبار عبد الناصر واحداً من أهم قادة القارة؛ فقد سجل كفاحه العنيد من أجل طرد الاستعمار من دولها؛ علامة بارزة حققت خلال فترة حكمه وفي حياته، نجاحات كبرى في تحرير الكثير من الدول والشعوب من ربقة الاستعمار ونيل الحرية والاستقلال. وامتدت تأثيرات قائد ثورة يوليو إلى مساحات جغرافية أكبر بجهوده الحثيثة لتوحيد دول العالم الثالث في كتلة واحدة، تواجه طغيان القوى الكبرى وأفلحت مساعيه مع الزعيم الهندي جواهر لال نهرو والإندونيسي أحمد سوكارنو واليوغسلافي جوزيف بروز تيتو، في إنشاء كتلة عدم الانحياز، في وقت كان العالم منقسماً بين معسكرين كبيرين يحوزان كل وسائل السيطرة والنفوذ ويسعيان للهيمنة على موارد الأمم الأخرى الصغيرة والمقسمة.لقد نالت شخصية الزعيم جمال عبد الناصر، حبّ الجماهير المصرية والعربية والإفريقية، كما نالت محبة وتقدير شعوب العالم الثالث على مر العصور والسنوات، ولا تزال ذكراه تزداد توهجاً في قلوب وضمائر الملايين. كما بقى إرثه باقياً في ذاكرة التاريخ، فقد جعل عبد الناصر مصر دولة مستقلة تماماً، عن النفوذ البريطاني، وأصبحت في عهده قوة إقليمية كبرى في العالم النامي، وواحدة من جهوده المحلية الرئيسية، كانت إقامة العدالة الاجتماعية، التي تعتبر شرطاً أساسياً لتحقيق الديمقراطية.وخلال فترة رئاسته، تمتع المصريون العاديون، بمزايا غير مسبوقة في السكن والتعليم وفرص العمل والخدمات الصحية والتغذية، فضلاً عن العديد من أشكال الرعاية الاجتماعية، في حين تراجع نفوذ الإقطاعية وبحلول نهاية رئاسته تحسنت ظروف العمل والعمال بشكل كبير. على الرغم من ذلك، ظل الفقر مرتفعاً في البلاد وتم تحويل موارد كبيرة كانت مخصصة للرعاية الاجتماعية.وما زالت رمزية جمال عبد الناصر وجاذبيته تتغذى في قلوب الناس على شجاعته الاستثنائية ودفاعه المستميت عن الكرامة الوطنية وإيمانه الكبير بالوحدة العربية وسعيه الحثيث لتحقيقها على أرض الواقع، كما تستند إلى تاريخه الناصع في مقاومة استمرار الوجود الاستعماري في المنطقتين العربية والإفريقية وهو أحد أهم قادة تيار التحرر الإفريقي من القوى الاستعمارية الإنجليزية والفرنسية وشكّل مع زملائه في النضال كوامي نكروما وباتريس لوممبا وأحمد بن بيلا، رأس الرمح في قيادة المقاومة بأشكالها المختلفة، السياسية والعسكرية والثقافية واستعادة الشعوب ثقتها بنفسها.وفّر عبد الناصر الدعم الكامل ونسق الجهود الإقليمية، حتى تحقق استقلال الجزائر. وكان قادراً على تجسيد الإرادة الشعبية العربية، والوعي القيادي والشجاعة الروحية في العالم الثالث بأسره. لم يكن زعيماً عادياً؛ بل كان ملهماً لأمة بأسرها، وعلامة فارقة بين مجتمع التبعية والشخصية المصرية المستقلة، وبين الاحتلال والسيادة الوطنية والعروبة. حقق عبد الناصر ثورة كبرى على صعيد الدولة المصرية، فهو الذي عقد اتفاقية الجلاء مع بريطانيا في عام 1956، والتي على إثرها غادر كافة الجنود البريطانيين الأراضي المصرية. وقام في العام ذاته، بتأميم قناة السويس. ومن إنجازاته: تشييد السد العالي وإطلاق الإصلاحات الزراعية، التي هدفت لتحقيق العدالة بين المصريين وتقليل نسبة الإقطاعيين من الأراضي، كما شجّع على مجانية التعليم. كما قام بتطوير النظام الاقتصادي في مصر، وذلك من خلال زيادة الصادرات، والتشجيع على الصناعة، بالإضافة إلى تأميم البنوك المصرية الخاصة والأجنبية.ومن أبرز نشاطاته في مجال تحقيق الوحدة العربية والإفريقية إنشاء الجمهورية العربية المتحدّة بين مصر وسوريا، والمساهمة في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية التي كان هدفها تعزيز تضامن الدول الإفريقية مع بعضها خلال فترة الاستعمار (1963م). قام بترسيخ مبادئ السلام في فترة الحرب الباردة، وذلك من خلال إنشائه منظمة عدم الانحياز مع رؤساء يوغسلافيا، وإندونيسيا، والهند في (1964م). وبسبب نجاحاته وصرامته في الدفاع عن توجهاته، تعرض عبد الناصر خلال فترة حكمه لعدة محاولات اغتيال، كان من بينها محاولة اغتيال نسبت لأحد أعضاء جماعة الإخوان، وحتى بعد رحيله حاول البعض النيل من شخصيته، ولكنه انتصر، وظل هامةً شامخةً ورمزاً ثابتاً بين رموز الأمة العربية العظيمة.

مشاركة :