مواقف قومية لا تنسى للزعيم جمال عبد الناصر (1)

  • 1/28/2023
  • 19:41
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لقد‭ ‬كان‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬زعيم‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تردد،‭ ‬كان‭ ‬قائدا‭ ‬لأمة،‭ ‬فكل‭ ‬كلمة‭ ‬لها‭ ‬وزن،‭ ‬ويلتزم‭ ‬كلمات‭ ‬الصدق،‭ ‬وكان‭ ‬لحكم‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬قرارات‭ ‬جادة‭ ‬واجراءات‭ ‬مدروسة‭ ‬وكانت‭ ‬له‭ ‬رؤى‭ ‬ثاقبة‭ ‬جوهرها‭ ‬روح‭ ‬الإيثار‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬المصير‭ ‬القومي‭ ‬المشترك،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدفعه‭ ‬دائما‭ ‬الى‭ ‬التشاور‭ ‬مع‭ ‬رفاق‭ ‬السلاح‭ ‬بكل‭ ‬رغبة‭ ‬صادقة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬القومي‭ ‬الموحد‭: ‬وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬رأينا‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تحتل‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬توجهات‭ ‬ومبادئ‭ ‬الزعيم‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭.‬ فلسطين‭:‬ ‭(‬من‭ ‬أجلنا‭ ‬ثار‭).. ‬بهذا‭ ‬الشعار‭ ‬خرج‭ ‬آلاف‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬الارض‭ ‬المحتلة،‭ ‬يهتفون‭ ‬ويبكون‭ ‬على‭ ‬وفاة‭ ‬الزعيم‭ ‬والقائد،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الشعار‭ ‬الذي‭ ‬قالوه‭ ‬في‭ ‬المظاهرات‭ ‬شعارا‭ ‬عفويا،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬يلخص‭ ‬نضال‭ ‬الفقيد‭ ‬العظيم‭. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فلسطين‭.. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭.‬ لقد‭ ‬بدأت‭ ‬أولى‭ ‬مراحل‭ ‬الثورة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬الفالوجة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬وآخر‭ ‬توقيع‭ ‬للعظيم‭ ‬الراحل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وقف‭ ‬نزيف‭ ‬الدم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬أريق‭ ‬في‭ ‬أيلول‭ ‬الأسود،‭ ‬وبين‭ ‬بداية‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬الأخير‭ ‬كان‭ ‬يكرس‭ ‬كل‭ ‬جهوده‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عودة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الى‭ ‬وطنه‭ ‬وإحباط‭ ‬محاولات‭ ‬اسرائيل‭ ‬في‭ ‬تصفية‭ ‬الوجود‭ ‬الفلسطيني‭. ‬كان‭ ‬يرفض‭ ‬عبدالناصر‭ ‬كل‭ ‬مشروعات‭ ‬توطين‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬خارج‭ ‬أرضهم‭ ‬وديارهم،‭ ‬وقدم‭ ‬عبدالناصر‭ ‬كل‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬والمادية‭ ‬لإقامة‭ ‬جيش‭ ‬تحرير‭ ‬فلسطين‭ ‬طليعة‭ ‬الكيان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المسلح‭. ‬ ‭ ‬ووقف‭ ‬عبدالناصر‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬الحكومات‭ ‬والأفراد‭ ‬الذين‭ ‬أرادوا‭ (‬إنهاء‭ ‬قضية‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭)‬،‭ ‬وظل‭ ‬يقف‭ ‬بجانبهم‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬حياته‭. ‬كانت‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬تحمل‭ ‬مدافع‭ ‬بورسعيد‭ ‬التي‭ ‬صنعت‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬وأرسلت‭ ‬إليهم‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬الثائر‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭. ‬كانت‭ ‬القاهرة‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬المكان‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يشعر‭ ‬فيه‭ ‬المواطن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بأنه‭ ‬يقول‭ ‬ما‭ ‬يريد،‭ ‬ويتصرف‭ ‬كيفما‭ ‬يريد‭. ‬ولقد‭ ‬ظلت‭ ‬القاهرة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬عبدالناصر‭ ‬هي‭ ‬نقطة‭ ‬انطلاق‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لتحقيق‭ ‬آماله،‭ ‬وشهدت‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بوجود‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬ميلاد‭ ‬الكيان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬أروقة‭ ‬القاهرة‭ ‬مساندات‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬لهذا‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭.‬ الأردن‭:‬ كان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أدوار‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأردن‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬الاحلاف،‭ ‬وخاصة‭ ‬حلف‭ ‬بغداد،‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬قلبه‭ ‬هناك‭ ‬مع‭ ‬الذين‭ ‬قدر‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬تحت‭ ‬أنقاض‭ ‬البيوت‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬مغيث‭ ‬وبعد‭ ‬جهد‭ ‬شاق،‭ ‬أمكنه‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬القاهرة‭ ‬لوقف‭ ‬الاقتتال‭ ‬بين‭ ‬الاشقاء‭ ‬في‭ ‬محنة‭ ‬أيلول‭ ‬الأسود،‭ ‬تمكن‭ ‬الرجل‭ ‬العظيم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحول‭ ‬المستحيل‭ ‬الى‭ ‬أمر‭ ‬ميسور،‭ ‬أن‭ ‬يوافق‭ ‬الملك‭ ‬حسين‭ ‬وياسر‭ ‬عرفات،‭ ‬وأن‭ ‬تشكل‭ ‬اللجنة‭ ‬العربية‭ ‬برئاسة‭ ‬الباهي‭ ‬الادغم،‭ ‬ولجنة‭ ‬الاغاثة‭ ‬برئاسة‭ ‬الملك‭ ‬فيصل،‭ ‬واتجه‭ ‬الى‭ ‬المطار‭ ‬يودع‭ ‬الجميع،‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬رئيس،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬المجهود‭ ‬الرائع‭ ‬الذي‭ ‬بذله‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تهدئة‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬الاردن‭.. ‬ثم‭ ‬فجأة‭ ‬مات‭ ‬عبدالناصر‭.. ‬كان‭ ‬الخبر‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬الرصاص،‭ ‬والموت‭ ‬وخرج‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬البيوت‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬حزينة‭ ‬الى‭ ‬السفارة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬عمان،‭ ‬يقدمون‭ ‬التعازي‭ ‬في‭ ‬وفاة‭ ‬الزعيم‭ ‬الذي‭ ‬ثار‭ ‬من‭ ‬أجلهم،‭ ‬وناضل‭ ‬من‭ ‬أجلهم‭.‬ ليبيا‭:‬ كانت‭ ‬ثورة‭ ‬مصر‭ ‬بقيادة‭ ‬الزعيم‭ ‬الخالد‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬تطالب‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬بأن‭ ‬يثور‭ ‬ضد‭ ‬القواعد‭ ‬الاستعمارية‭ ‬في‭ ‬أرضه،‭ ‬وأقام‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬مناخا‭ ‬ثوريا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬جيل‭ ‬عبدالناصر‭ ‬مبادئه‭ ‬وثورته،‭ ‬وجاء‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثي،‭ ‬وكانت‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬هويليس‭ ‬الامريكية‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬طائرات‭ ‬امريكية‭ ‬الى‭ ‬أماكن‭ ‬مجهولة،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تشارك‭ ‬بشكل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هزيمة‭ ‬العرب‭ ‬ونكستهم،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬بين‭ ‬صفوف‭ ‬الضباط‭ ‬مجموعة‭ ‬بقيادة‭ ‬العقيد‭ ‬معمر‭ ‬القذافي،‭ ‬تعد‭ ‬للثورة‭ ‬لتطيح‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قديم‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وتبنى‭ ‬ليبيا‭ ‬الثورة،‭ ‬بدون‭ ‬قواعد‭ ‬أجنبية،‭ ‬ليبيا‭ ‬بدون‭ ‬استغلال‭ ‬الاجانب،‭ ‬ليبيا‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬الامة‭ ‬العربية‭ ‬آمالها‭ ‬وأفراحها،‭ ‬ليبيا‭ ‬العربية‭ ‬المسلمة‭. ‬ونجحت‭ ‬ثورة‭ ‬العقيد‭ ‬معمر‭ ‬القذافي،‭ ‬ووقف‭ ‬عبدالناصر‭ ‬يساند‭ ‬ثورة‭ ‬ليبيا،‭ ‬ووضعت‭ ‬مصر‭ ‬كل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬ثورة‭ ‬ليبيا،‭ ‬فلقد‭ ‬كانت‭ ‬ثورة‭ ‬ليبيا‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬للثورة‭ ‬العربية‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬عبدالناصر‭ ‬فجر‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬عام‭ ‬1952،‭ ‬ووضعت‭ ‬الثورة‭ ‬المصرية‭ ‬بقيادة‭ ‬عبدالناصر‭ ‬خبرتها‭ ‬الطويلة‭ ‬تحت‭ ‬أمر‭ ‬العقيد‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬قيادة‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭. ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬اللقاء‭ ‬الرائع‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬بين‭ ‬الثائر‭ ‬عبدالناصر‭ ‬والثائر‭ ‬معمر‭ ‬القذافي،‭ ‬وكان‭ ‬اللقاء‭ ‬الرائع‭ ‬بين‭ ‬الجماهير‭ ‬الليبية‭ ‬وناصر‭ ‬والقذافي‭. ‬وشهد‭ ‬عبدالناصر‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬وهي‭ ‬ترحل‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬ليبيا،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬ثورة‭ ‬ليبيا‭ ‬بقيادة‭ ‬معمر‭ ‬القذافي،‭ ‬وشهد‭ ‬عبدالناصر‭ ‬القوات‭ ‬الامريكية‭ ‬وهي‭ ‬ترحل‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬هويليس‭ ‬وتحررها‭ ‬القوات‭ ‬الليبية‭ ‬المسلحة‭ ‬وتصبح‭ ‬قاعدة‭ ‬عقبة‭ ‬ابن‭ ‬نافع،‭ ‬وكان‭ ‬أروع‭ ‬خطاب‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬ألقاه‭ ‬عبدالناصر‭ ‬عندما‭ ‬تحدث‭ ‬الى‭ ‬جماهير‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الليبي‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬عقبة‭ ‬بن‭ ‬نافع،‭ ‬نفس‭ ‬القاعدة‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬لإحباط‭ ‬آمال‭ ‬جماهير‭ ‬الامة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬مبادئ‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يبكيه‭ ‬العقيد‭ ‬معمر‭ ‬القذافي،‭ ‬فلقد‭ ‬كانوا‭ ‬أخوة‭ ‬سلاح‭ ‬وأخوة‭ ‬نضال‭. ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬بكى‭ ‬شعب‭ ‬ليبيا‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬وجاء‭ ‬العقيد‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬ينعى‭ ‬الامة‭ ‬العربية‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬الزعيم‭ ‬والقائد‭ ‬والمعلم،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬كل‭ ‬شبابه‭ ‬وثورته‭ ‬الأصيلة،‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬فيه‭ ‬الأخ‭ ‬والصديق،‭ ‬وأن‭ ‬تصبح‭ ‬ليبيا‭ ‬دعامة‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭.‬ السودان‭:‬ عاش‭ ‬عبدالناصر‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬أحبها،‭ ‬وأحبته،‭ ‬وكان‭ ‬إذا‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬وطنه‭ ‬بين‭ ‬أهله‭ ‬وأصدقائه،‭ ‬فهنا‭ ‬كان‭ ‬ضابطا‭ ‬صغيرا،‭ ‬واليوم‭ ‬هو‭ ‬زعيم‭ ‬الاصدقاء،‭ ‬والاشقاء‭ ‬والاخوة،‭ ‬ومنذ‭ ‬قيام‭ ‬الثورة،‭ ‬وعبدالناصر‭ ‬يساند‭ ‬شعب‭ ‬السودان‭ ‬مساندة‭ ‬حقيقية‭ ‬وفعالة،‭ ‬وقف‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬مع‭ ‬شعب‭ ‬السودان‭ ‬حتى‭ ‬نال‭ ‬استقلاله‭ ‬الكامل‭ ‬عام‭ ‬1953‭. ‬وتصدى‭ ‬عبدالناصر‭ ‬بحكمته‭ ‬المعهودة‭ ‬للاستعمار‭ ‬البريطاني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يستخدم‭ ‬كل‭ ‬المهارة‭ ‬السياسية‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الضغط‭ ‬لاستمرار‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬السودان،‭ ‬ولكن‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬جابه‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬وشجاعة‭ ‬وارسل‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬1952‭ ‬مذكرة‭ ‬تقترح‭ ‬الآتي‭:‬ 1-‭ ‬تمكين‭ ‬السودانيين‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬الكامل،‭ ‬وتهيئة‭ ‬الجو‭ ‬المحايد‭ ‬الحر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬توافره‭ ‬لتقرير‭ ‬المصير‭.‬ وفوجئت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬بهذا‭ ‬الموقف‭ ‬الثوري‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يعطي‭ ‬الحق‭ ‬كاملا‭ ‬لشعب‭ ‬السودان‭ ‬فلم‭ ‬تملك‭ ‬سوى‭ ‬الموافقة‭ ‬وكانت‭ ‬اتفاقية‭ ‬فبراير‭ ‬1953‭ ‬التي‭ ‬قبلها‭ ‬البريطانيون‭ ‬على‭ ‬مضض،‭ ‬وخلال‭ ‬فترة‭ ‬الانتقال‭ ‬التي‭ ‬نصت‭ ‬عليها‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بادرت‭ ‬مصر‭ ‬بسحب‭ ‬جيوشها‭ ‬وكذلك‭ ‬بريطانيا‭ ‬وتركت‭ ‬مصر‭ ‬كل‭ ‬الاسلحة‭ ‬الثقيلة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تخص‭ ‬جيشها‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬هدية‭ ‬الى‭ ‬الشعب‭ ‬الشقيق‭ ‬وتم‭ ‬الجلاء‭ ‬كاملا‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬1955،‭ ‬واعلنت‭ ‬الجمهورية‭ ‬السودانية‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬ديسمبر‭ ‬1955‭ ‬واعلن‭ ‬استقلال‭ ‬السودان‭ ‬رسميا‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬1956‭. ‬وهكذا‭ ‬تجسد‭ ‬موقف‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬بقيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬في‭ ‬خطوات‭ ‬عملية‭ ‬لتحرير‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭ ‬الذي‭ ‬حقق‭ ‬الجلاء‭ ‬الكامل‭ ‬عن‭ ‬أرضه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬عن‭ ‬أرض‭ ‬مصر‭. ‬وظل‭ ‬عبدالناصر‭ ‬يمضي‭ ‬في‭ ‬خطوات‭ ‬التطور‭ ‬وطريق‭ ‬التقدم‭ ‬لمصر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬للتدخل‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭ ‬تأكيدا‭ ‬للمعاني‭ ‬الجديدة‭ ‬النبيلة‭ ‬التي‭ ‬أبرزت‭ ‬الثورة‭ ‬وأنهت‭ ‬بها‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الشعبين‭ ‬كانت‭ ‬تحاول‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬مسايرة‭ ‬النفوذ‭ ‬الاستعماري‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬ساند‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬ثورة‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬1964‭ ‬التي‭ ‬أسقطت‭ ‬حكم‭ ‬الجنرال‭ ‬إبراهيم‭ ‬عبود،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬سقطت‭ ‬فريسة‭ ‬لنكبة‭ ‬تزييف‭ ‬الإرادة‭ ‬الشعبية‭ ‬وأسقط‭ ‬الحكم‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬ايدي‭ ‬الاحزاب‭ ‬التقليدية‭ ‬والعناصر‭ ‬الطائفية‭ ‬حتى‭ ‬قامت‭ ‬ثورة‭ ‬مايو‭ ‬1969‭ ‬بقيادة‭ ‬اللواء‭ ‬جعفر‭ ‬النميري‭ ‬وأعلنت‭ ‬أهدافها‭ ‬الثورية‭ ‬التقدمية،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تلتقي‭ ‬بالثورة‭ ‬الأم‭ ‬ووقف‭ ‬السودان‭ ‬بقادته‭ ‬وجماهيره‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العدو‭ ‬المشترك،‭ ‬وكرس‭ ‬كل‭ ‬إمكانياته‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬لدعم‭ ‬المعركة‭.‬ عندما‭ ‬حاولت‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تساندها‭ ‬دوائر‭ ‬استعمارية‭ ‬القيام‭ ‬بمؤامرة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وقف‭ ‬عبدالناصر‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الشعب‭ ‬والثورة‭ ‬السودانية‭ ‬مؤكدا‭ ‬لهم‭ ‬مساندته‭ ‬الكاملة‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المؤامرة‭.‬

مشاركة :