حدد التحالف الشعبوي الحاكم في إيطاليا ليل أمس العجز بـ2.4 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي في السنوات الثلاث المقبلة، مثيرا استياء المفوضية الأوروبية وتوترا في أسواق المال. وعند بدء الجلسات اليوم، ارتفع معدل فائدة الإقراض الإيطالية بينما خسرت بورصة ميلانو أكثر من 3 بالمئة حوالى الساعة العاشرة قبل أن يتم تعليق الأعمال فيها. وبدأت الآثار تظهر على اليورو نفسه أمام الدولار. وأقرت الحكومة الإيطالية العجز بعد مواجهة طويلة بين وزير المال المعتدل جيوفاني تريا الذي يريد أن تكون نسبة العجز 1.6 بالمئة لتجنب أي توتر، وحزبي حركة خمس نجوم والرابطة اللذين حصلا على ما يريدانه. وسيبلغ العجز العام 2.4 بالمئة في 2019 (وكذلك 2020 و2021)، بينما كانت حكومة يسار الوسط تهدف إلى نسبة 0.8 بالمئة للعام الجاري. ودفع الاتفاق حركة خمس نجوم إلى الاحتفال طوال ليل أمس في روما، والرابطة. واعتبر الحزبان أنه من الضروري أن ينفذا وعودهما الانتخابية وعلى رأسها تأمين دخل للمواطن الأكثر فقرا يبلغ 780 يورو ونظام تقاعدي أكثر سخاء وإصلاح ضريبي. ويشمل الإجراء الأول 6.5 ملايين شخصا والإجراء الثاني حوالى 400 ألف شخص. وصرح المفوض الأوروبي للاقتصاد بيار موسكوفيسي إن الميزانية الإيطالية «تبدو مخالفة» للقواعد الأوروبية. وقال لإذاعتي «بي اف ام تي في» ومونتي كارلو «إنها ميزانية تبدو اليوم خارجة عن قواعدنا المشتركة». ووصف الدين الإيطالي العام الذي تبلغ نسبته حوالى 132 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي، بـ«القابل للانفجار». وشدد على أن قواعد منطقة اليورو «يجب أن تحترم». وقال إن «هذه القواعد هدفها مشترك في فرنسا وإيطاليا وكل دول منطقة اليورو. إذا ارتفع الدين العام فإننا نوجد عندها وضعا غير مستقر». وأكد أن «العقوبات ممكنة نظريا لأنها ورادة في الاتفاقيات، لكن لست في وارد العقوبات». وأكد نائب رئيس الوزراء الإيطالي لويجي دي مايو زعيم كتلة حركة خمس نجوم اليوم أن روما «لا تنوي الذهاب إلى نزاع» مع المفوضية الأوروبية. وأضاف إن «المخاوف مشروعة لكن هذه الحكومة ملتزمة الإبقاء على العجز 2.4 بالمئة لثلاث سنوات» وفق مشروع الميزانية الذي وصفه رئيس الحكومة جوزيبي كونتي بأنه «منطقي وشجاع». وأكد دي مايو «نريد تسديد الدين ويمكنني أن أؤكد لكم أن الدين سينخفض» بفضل «نمو اقتصادي لم يكن متوقعا» وسينجم عن الميزانية التي تتضمن استثمارات كبيرة. ورأى كارلو كوتاريلي مدير مرصد الحسابات العامة في جامعة كاتوليكا والمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي إنه بهذا المستوى من العجز، «ستضعف» المالية العامة الإيطالية بما أن الدولة ستقوم بتمويل الإصلاحات «ليس بالضرائب بل بالاقتراض». لكن المعارضة لا تصدق ذلك. فإيطاليا تعاني من دين يبلغ 2300 مليار يورو تمثل حوالى 131 بالمئة من أجمالي ناتجها الداخلي، وهو أعلى معدل في منطقة اليورو بعد اليونان. وقالت المسؤولة في حزب إيطاليا إلى الأمام مارياستيلا جيلميني إن الحكومة «تعرض البلاد لمخاطر غير معقولة عبر رفع العجز في إجمالي الناتج الداخلي إلى أكثر من 2 بالمئة». من جهته، صرح سكرتير الحزب الديموقراطي (يسار الوسط) ماوريتسيو مارتينو «نتحدث عن عجز قدره مئة مليار يورو على مدى ثلاث سنوات، على حساب الشباب». ويمكن أن تشهد روما ارتفاعا في الفارق بين معدلات فائد الإقراض الإيطالية والألمانية الذي يخضع لمراقبة دقيقة وتجاوز الـ300 نقطة بسبب القلق من السياسة المقبلة. وحوالى الساعة 11:45 (09:45 ت غ) ارتفع معدل فائدة الإقراض الإيطالي لعشر سنوات الى 3.170 بالمئة مقابل 2.888 بالمئة في نهاية جلسة الخميس في السوق الثانوية، ما يرفع الفارق إلى 270 نقطة. وبقدر ما ترتفع المعدلات تزداد كلفة التسديد على الدولة، ما يقلص هوامش المناورات المالية. وقال جاك آلن المحلل في مجموعة «كابيتال ايكونوميكس» إنه في هذا الوضع سيشكل الحصول على ضوء أخضر من المفوضية الأوروبية التي تتذمر من كل ميزانية إيطالية، على الرغم من الظروف التخفيفية (الهجرة والزلازل خصوصا...) «أكثر من تحد». وقال آلن إن معدل الفائدة لعشر سنوات يمكن أن يبلغ 3.5 بالمئة بحلول نهاية العام، «ما سيثير قلقا حول قدرة إيطاليا على سداد الدين». وردا على سؤال في هذا الشأن، أكد دي مايو إنه «ليس قلقا» لأن 2.4 بالمئة هي أيضا «15 مليار يورو من الاستثمارات» التي ستؤدي إلى النمو، على حد قوله. من جهته، صرح النائب الآخر لرئيس الوزراء ماتيو سالفيني رئيس حزب الرابطة أن «الأسواق ستستقر مجددا».
مشاركة :