مع بداية شهر ربيع الأول من كل عام، تتهادى إلينا نسمات عبقة محملة بذكرى ندية لميلاد سيد الثقلين محمد بن عبدالله ــ صلى الله عليه وسلم، ربيع هو ميلاده وربيع الدين الذي أرسل به وربيع سيرته. هي فرصة لإعادة تمثل تجربته ــ عليه الصلاة والسلام ــ ومعاناته في نشر الدعوة واستحضار سلوكه عندما تمكن، سواء كقائد أم قدوة في تفعيله لمبادئ الإسلام. هذا الخلق العظيم الذي كان يمشي بين الناس، هذا السلوك القويم وهو ينثر رقته وتسامحه بين الناس، هذه الرحمة المهداة للبشر، كل البشر، ما أحوجنا تمثل تعاليمه ــ عليه الصلاة والسلام ــ وإرشاداته وتعامله اليومي مع الناس، فيها تكمن روح الإسلام وتسامحه ورقته، تمثل أخلاقه ــ عليه الصلاة والسلام، الابتسام في وجه أخيك صدقة، إفشاء السلام صدقة، الحوار بالحسنى صدقة، إحسان الظن بالناس صدقة، تماما كما الصدقة المادية مهما صغرت ووصلت لشق تمرة. الإسلام ليس طقوسا تؤدى وعبادات مفروضة وحسب، بل سلوك ومكارم أخلاق في المقام الأول، الله ــ سبحانه وتعالى ــ لا يحاسبنا في علاقتنا به فقط، بل وعلى علاقتنا بالآخرين، هو علاقة بالسماء والأرض معا، وليس بالسماء وحسب. شهد رجل لآخر بالاستقامة أمام الفاروق ــ رضي الله عنه ــ فسأله: هل تعرفه، فأنكر، قال لعلك رأيته يرفع رأسه ويخفضه بالمسجد. تتبع عبدالله بن عمر ــ رضي الله عنه، أكثر الصحابة تمثلا برسول الله ــ عليه الصلاة والسلام، رجلا شهد له النبي بأنه من أهل الجنة حتى اكتشف أنه رجل عادي في عبادته غير أنه يبيت ليلته لا يحمل كرها لأحد. في ذكرى مولده ــ عليه الصلاة والسلام ــ نكثر من الصلاة عليه ونستلهم سيرته في سيرورة حياتنا وتصرفاتنا وسلوكنا اليومي ونفعلها في تعاملنا مع الآخرين، الحب وحده لا يكفي، قراءة السيرة وحدها لا تكفي، لا بد من الاقتداء، جاء في الأثر أن الدين المعاملة، فعلى قدر سمو تعاملك مع الآخرين يكون تدينك. من درر شوقي: ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء والوحي يقطر سلسلا من سلسل واللوح والقلم البديع رواء والدين يسر والخلافة بيعة والأمر شورى والحقوق قضاء بك يا ابن عبدالله طابت سمحة بالحق من ملل الهدى براء
مشاركة :