الواجبات المدرسية واحدة من أهم المهام التعليمية، التي تؤثر بشكل مباشر على مستوى الطالب، وتدفعه للوصول إلى درجات عليا من النجاح والتوفيق، والعكس تماماً إذا لم يحسن الإفادة من تأدية الواجبات المنزلية بأسلوب صحيح لا يصقل كاهله ويزيد من الأعباء الدراسية عليه، وفي الوقت ذاته لا يمثل عبئاً إضافياً على أولياء الأمور بوصفهم عنصراً رئيساً في تحفيز الطالب وتشجيعه ومساعدته على تأدية واجباته والتغلب على الصعوبات التي قد تواجهه أثناء قيامه بها، بحيث تصبح الواجبات المنزلية طريقاً لتحصيل أعلى الدرجات العلمية، وهو الهدف الرئيس من العملية التعليمية التي يتشارك فيها الطالب والمنزل والمدرسة، وهذا يتحقق بأن تكون الواجبات المدرسية وفقاً لأساليب علمية ناجحة ومنها أن تناسب قدرات الطلاب وتراعي الفروق الفردية، وتسهم في الارتقاء بمهاراتهم وقدراتهم. مشاريع محببة من جهته، أشار محمد العبيدلي، مساعد المدير بمدرسة الرواد بأبوظبي، إلى أن مشاريع تجميع الصور والبحث عن طريق صفحات الويب والمشاريع البسيطة التي لها نتائج ملموسة مثل البرمجة البسيطة أو واجبات إبداعية تنشط التفكير الإبداعي للطلاب، وتدفعهم للابتكار، كذلك يمكن أن يكون الواجب ممتداً لفترة، فمثلا لو طلبنا من الطالب أن يزرع نبتة ويصور لنا كل يوم مدى نمو هذه النبتة ويكتب ملاحظاته حولها، فهذا يؤدي إلى نمو مهارات عديدة لديه كالملاحظة والدقة والاكتشاف والتوقع، ومن خلال كتابة الملاحظات نرى أسلوب الكتابة للطفل ويمكن أن نعمق المفهوم لو أدخلنا تغيرات على المشروع، مثل توجيه الطالب بأن يحجب الضوء عن النبتة ويكتب ملاحظاته حول نتيجة ذلك. ركيزة أساسية يرى محمد نصر الاختصاصي التربوي بإحدى مدارس أبوظبي، أن الواجبات المنزلية، من الأنشطة التعليمية المخطط لها والمحددة من المعلم ليقوم بها الطالب في المنزل بهدف تحسين مستواه مع مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، وتكمن أهميتها في تطبيق ما تعلمه الطالب في المدرسة، والاعتماد على النفس في إنجاز المهام والإبداع، لتحفز الاتجاه الإيجابي للتعلم، كما أن الدراسات العلمية أثبتت أن للواجبات المدرسية أهمية في عملية التعليم ولها ما يجعلها من الركائز الأساسية لتحسين التعلم. وأوضح نصر أن مشكلة الواجبات المدرسية تكمن في نوعية الواجبات المقدمة للطلاب، وهل تناسب قدراتهم وتراعي الفروق الفردية بينهم، وهل مخطط لها ضمن المنهاج، ومناسبة لجذب الطلاب وخدمة عملية التعليم، وهل تساهم في التعزيز الإيجابي للتعلم وتهيئ المتعلم نفسياً لزيادة الثقة في النفس، وهل هي مناسبة للبيئة المنزلية لتساهم في تحقيق الإنجاز الذي يصبو إليه الطالب؟. ولفت نصر إلى أن الواجبات المنزلية بمفهومها الحديث تشجع الطالب من خلال أنشطة جذابة ليكتسب مفاهيم جديدة، فلابد أن تكون هذه الأنشطة موائمة مع متطلبات العصر وأن تكون على هيئة مشاريع أو أبحاث تعتمد على قدرات الطالب نفسه وتكشف عن قدراته وومهاراته وإبداعاته لندعمها، موضحاً أن المعلم يستطيع من خلال الواجبات المنزلية المخطط لها بطريقة ذكية أن يحفز الطلاب لإعطائهم الثقة بأنفسهم واكتشاف قدراتهم الخفية لعلاج نقاط ضعفهم. تواصل وشكوى عبدالله الحارثي أخصائي اجتماعي بإحدى المدارس في منطقة الوثبة، يقول: «من خلال وظيفتي ألاحظ أن الطلاب لا ينفذون الواجبات بالشكل الأمثل، فيطلب مني أن أتواصل مع أولياء الأمور من أجل التنبيه على أبنائهم، والذين بدورهم يشكون بأن الواجب المدرسي يمثل عبئاً عليهم وعلى أبنائهم الذين يبذلون فيه مجهوداً كبيراً، وفي بعض الأحيان يشتكي الأبناء من صعوبة الأسئلة، ولكن المناهج الحديثة وأساليب التقويم وإبداعات المعلمين أثرت في تغير النظرة إلى الواجبات المدرسية، وخاصة أن المناهج الحديثة تركز على إتقان المهارات وليس الحفظ». ويضيف: يمكن أن يكون الواجب عبارة عن كلمة إبداعية أو صورة أو مشروع ينفذه الطالب ويشرحه لزملائه، وقد لاحظت الاختلاف في نمو دافعية الطلاب نحو التعلم لدرجة أنه تحسنت بالفعل قدرة الطالب في التعلم، وحدث تغير في سلوك البعض نتيجة للإدارة الذكية للمعلم في التكليف بالواجبات. رفع المستوى أما سامي الغليفقي، ولي أمر لأبناء في مراحل عمرية مختلفة، فأورد أن الواجبات المنزلية الآن أصبحت عبارة عن مشاريع موجودة بالمكتبات وما على الطالب أن يذهب إلى المكتبة ليشتري المشروع ليذهب به إلى المدرسة في اليوم التالي، ليعطيها للمعلم ويحصل على الدرجات، وهذا يقلل أهمية الواجب المدرسي للطالب والهدف منه ليصبح فقط مجرد تحصيل درجات دون التأكد من أن الطالب استوعب الدرس أم لا، وهو ما يستدعي من المدرسين ضرورة اختيار واجبات منزلية تسهم في رفع مستوى الطالب بعد أن يؤدي واجباته بنفسه، أو على الأقل القسم الأكبر منها، وذلك من خلال التواصل مع ولي الأمر وإخباره بالأساليب الصحيحة لحل الواجبات المنزلية ومساعدة الطالب على تقسيم وقته بين المذاكرة والنوم واللعب، خاصة للأطفال في المراحل العمرية المبكرة، وفي الوقت ذاته يجب أن تكون الواجبات المدرسية ملائمة لمستويات الطلاب المتباينة حتى لا تصبح منفرة ويؤديها الطلاب بغير جدية. المفهوم تغير يقول إيهاب أحمد (مهندس إلكترونيات): بصفتي ولي أمر وأساعد ابني في بعض الأحيان على تأدية واجباته المدرسية، لاحظت أن مفهوم الواجب المدرسي تغير الآن عما نشأنا عليه في الماضي، حيث كان يعتمد على مهارة الكتابة بالدرجة الأولى، فكنا نكتب الدرس ثلاث أو أربع مرات بهدف تحسين الخط أو حفظ الدرس، أو إتقان لمهارة مثل حفظ جدول الضرب أو حفظ قصيدة أو سورة قرآنية، أما الآن فتعتمد على عمليات نفسية تمنح الطالب التحدث والتخيل وإتقان ما تعلمه في المدرسة، كذلك كان الواجب عبارة عن مهمة لابد من تنفيذها وتسليمها في اليوم التالي من أجل الحصول على درجات أو تجنب العقاب، وكان الواجب المنزلي عبارة عن واجب واحد لجميع الطلاب، والطالب الأكثر حظًا كان الذي يستطيع أن يحل واجباته بمساعدة الآباء، لكن اليوم أصبح للواجب المدرسي مفهوم آخر لدرجة أنها باتت مهنة، فقد انتشرت في الأونة الأخيرة من يعمل بمهنة حل الواجبات المنزلية بعد الظهر فنجد إعلانًا يطلب شخصاً لحل الواجبات المنزلية لابنه مثلاً أو لمجموعة من الطلاب بمقابل مادي، الأمر الذي يتطلب من القائمين على التعليم إدراك هذا الأمر والعمل على مواجهته حتى تؤتي العملية التعليمية ثمارها. اكتشاف قدرات الطالب أكد محمد العبيدلي، مساعد المدير بمدرسة الرواد بأبوظبي، أن الواجبات المدرسية بالأسلوب العلمي تطلق العنان لقدرات ومهارات الطالب الإبداعية، ويمكن مشاركة الآباء في هذه المشاريع، بحيث نحدد المهام المطلوبة من ولي الأمر في هذه الواجبات ليتعرف إلى مهارات وقدرات ابنه، ويكون داعماً للمدرسة من خلال توجيه ابنه لموهبته، فقد يكتشف ولي الأمر أن ابنه له قدرة على موهبة معينة فيحدث التواصل مع المدرسة لتنمية هذه الموهبة، ومن جهة أخرى قد يكتشف ولي الأمر وجود مشكلة نفسية عند ابنه قد تكون الخجل أو النطق أو عدم الثقة بالنفس، أو مشكلة أكاديمية مثل ضعف في القراءة أو الكتابة، فينتبه لها ويعمل مع المدرسة لعلاج هذه المشكلة، أما الواجبات الدرسية فأصبح لها مفهوم ومهارات غير المفاهيم السابقة لذلك تولي الأبحاث الحديثة أهمية لهذا الموضوع.
مشاركة :