الرباط - يتنافس كل من محمد العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية المنتهية ولايته، ومصطفى اسلالو عضو المكتب السياسي، على منصب الأمين العام للحزب المشارك في الحكومة المغربية. ورجّحت التوقعات إعادة انتخاب محمد العنصر أمينا عاما للحزب لولاية تاسعة على التوالي، بعدما استجاب لطلب قيادات الحزب بالترشح لولاية أخرى. ورغم أن العنصر كان قد أكد في فبراير الماضي عدم رغبته في الترشح لقيادة الحركة، لافتا إلى أنه لن يطالب بتغيير القوانين من أجل الظفر بولاية جديدة على رأس الحزب الذي يرأسه منذ 30 عاما، حيث قال آنذاك إن “الحركة تتمتع بطاقات كثيرة ويُمكن للحركيين أن يجدوا بسهولة بديلا عني”، إلا أنه عدل عن قراره مؤخرا وأعلن نيته إعادة الترشح لهذا المنصب تحت إلحاح العديد من الحركيين. وأشارت حليمة العسالي، القيادية في الحركة الشعبية، في تصريحات صحافية إلى أن قيادات الحزب وقواعده أرغموا العنصر على العدول عن قراره وتجديد ترشحه لرئاسة الحزب وفسّرت ذلك بأن “العنصر يمثل رمز الإجماع الداخلي وشخصية توافقية، خاصة أن الحزب يريد أن يحافظ على تماسكه بما يحول دون خلق تيارات منقسمة مستقبلا وتفاديا لتصدعه، بعد أن هدد البعض بترك الحزب وتقديم استقالته من الحركة في حال رفض العنصر الترشح”. ورأى مراقبون أن ترشح العنصر لولاية تاسعة يناقض ما دعا إليه العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير عندما حث قيادات الأحزاب المغربية على ضخّ دماء جديدة في هياكلها، بغية تطوير أدائها، وأنه يتعين استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي. ولتبرير موقفه قال محمد العنصر إن “الملك دعا في خطابه إلى استقطاب النخب وإلى الانفتاح على الشباب، لكن إذا فهمنا أن الانفتاح على الشباب مرتبط فقط بمنصب الأمين العام، فأعتقد أننا أخطأنا فهم الخطاب الملكي”. وعلق المحلل السياسي إدريس الكنبوري، على إعادة انتخاب العنصر على رأس حزب الحركة الشعبية بأنه ليس فيه ما يثير المفاجأة إطلاقا، مضيفا أنه عندما يدعو ملك البلاد إلى تشبيب الأحزاب ورد الاعتبار للشباب والمسؤولية الوطنية، ثم نرى هذه السلوكيات لا نملك إلا أن نتأسف، محملا مسؤولية الأزمات الحزبية إلى النخب. وانتقد العنصر في كلمته خلال افتتاح أشغال مؤتمر الحزب 13، تأخر الحكومة في إنجاز عدد من المشاريع، موضحا أننا في الحركة الشعبية، ولو أننا نشارك في الحكومة، فإننا نؤمن بأنه من واجبنا إثارة انتباه حلفائنا إلى الطابع الاستعجالي لبعض القضايا، لافتا إلى أن حزبه غير راض عن إصلاحات مهمة تتقاذفها أمواج نزاعات سياسوية ويدفع المواطنون ثمنها، داعيا إلى “استراتيجية تنموية حقيقية، وليس بالاكتفاء بحلول ترقيعية لإسكات بعض الاحتجاجات”. ويركز الحزب في أدبياته على الأرياف وسكانها، حيث يعتمد عليهم كقواعد للأصوات الانتخابية فضلا عن استخدام الهوية والثقافة الأمازيغية في سياق حديثه عن الدفاع عن البعد العميق للسكان المغاربة. قيادات حزب الحركة الشعبية تريد الاستفادة من خبرة أمينها العام للفوز بمقاعد مهمة في الانتخابات التشريعية المقبلة وقال الأمين العام للحزب، إن حزب الحركة الشعبية منشغل بالقضايا الداخلية ويسعى إلى إيجاد حلول للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فيما لفت سعيد أمسكان، القيادي ورئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر حزب الحركة الشعبية، إلى أن المغرب يمر بظرفية اقتصادية صعبة بالتزامن مع فقدان المواطنين ثقتهم في الأحزاب، وأن المغرب يقاوم من أجل التخلص من سموم الريع والفساد، داعيا إلى بناء مجتمع يوفر التوازن الجهوي والتنموي في كافة مناطق المملكة. وانعقد المؤتمر الثالث عشر للحركة الشعبية تحت شعار “حركة من أجل الوطن” بالتزامن مع الذكرى الستين لتأسيسه، وشارك في المؤتمر بحسب ما ذكره المنظمون 2500 مؤتمر ومؤتمرة وفق معايير تضمن تمثيلية كل الأقاليم المغربية. وحضر المؤتمر رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني إضافة إلى قيادات أخرى كعزيز أخنوش وزير الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية. وأكد محمد العنصر أن المؤتمر الوطني الثالث عشر سيشكل محطة أساسية تستلزم من الأسرة الحركية إنجاحه، داعيا إلى ضرورة تجديد هياكل الحزب وتقوية حضوره لخوض دوره الطلائعي في تأطير المواطنين والدفاع عن مصالحهم وحاجياتهم. واستعدادا للانتخابات المقبلة ألح الأمين العام للحركة الشعبية على التسريع في وضع هياكل جديدة للحزب والاستفادة من التقنيات الحديثة لتقوية حضور الحزب على مستوى شعبي وبهدف إعادة الثقة للمواطن في ممارسة الفعل السياسي والحزبي. ويلفت مراقبون إلى أن الأمين العام لحزب الحركة الشعبية المرجح إعادة انتخابه استفاد من شخصيته غير الصدامية وبراغماتيته للبقاء على رأس الحزب وفي الساحة السياسية المغربية ومن شأن إعادة انتخاب العنصر أن يحافظ الحزب على تماسكه وأن يسترجع قوته، حيث سيجنبه أزمة داخلية قد تتسبب في انقسامه وتحوله إلى تيارات متناحرة. ويعتقد المراقبون أن هدف قيادات الحزب هو الاستفادة من خبرة العنصر للفوز بمقاعد مهمّة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
مشاركة :