بيروت: «الخليج» قالت إلهام سعيد فريحة، مدير عام دار الصياد، تعليقاً على قرارها وقف مطبوعاتها التي أثرت الصحافتين اللبنانية والعربية عقوداً: «أدّينا قسطنا للعُلا والوطن، وحان الوقت للتوقّف حفاظاً على كرامة سعيد فريحة». في الوقت نفسه، اعتبرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية القرار خسارة كبرى لمؤسسة عريقة وحملت الحكومة وملاك الصحف مسؤولية إغلاقها.تطوي دار الصياد آخر صفحاتها، منهية مسيرة طويلة من العمل الصحفي العريق والملتزم القضايا الوطنية والقومية تجاوزت ال 75 عاماً، واكبت وواجهت خلالها أهم وأصعب المراحل الوطنية، بدءاً من الاستقلال عام 1943، مروراً بكبريات الأحداث العربية والعالمية، وصولاً إلى زمن الأزمات التي تفوق في تداعياتها كل أهوال الحروب.الحدثُ ليس تفصيلاً، وما يحصل مع «الصياد»، وقبلها مع وسائل إعلام مقروءة أخرى، يعكس أزمة الصحافة اللبنانية ككل، ويطرح فوق ذلك أسئلة مصيرية عن مستقبل المهنة والوعي وصناعة الرأي العام، وأيضاً مستقبل لبنان الذي عُرف تاريخياً بصحافته الحرّة وصحفييه المتميزين.«دار الصياد» تغلق أبوابها بعد ثلاثة أرباع قرن من تأسيسها على يد الرجل العصامي سعيد فريحة (1912- 1978 ) وتوقف إصداراتها المتنوعة، السياسية والاقتصادية والفنية والاجتماعية. إنها خسارة كبيرة لصفحة مشرقة من الصحافة المتميزة التي انطلقت على يد رجل عصامي ونمت وتوسعت مع أبنائه من بعده، وواكبت لبنان منذ لحظة الاستقلال، وحملت لواءه في الثورة على الانتداب، وقدّمت أجمل المنشورات والمطبوعات التي واكبت أزمنتها، وكانت في معظم الأحيان ممراً ضرورياً لأي طامح لدخول العمل الصحفي: «الصياد» (1943)، «الشبكة» (1956)، «الأنوار» (1959)، «الدفاع العربي» (1975)، «فيروز» (1980)، «الكمبيوتر والإلكترونيات» (1984)، و«الفارس» (1985).وصدر عن نقابة محرري الصحافة اللبنانية بيان جاء فيه: «إن توقف مطبوعات «دار الصياد» عن الصدور بعد القرار المتخذ من أصحاب الدار بإغلاقها تباعاً حتى الاحتجاب النهائي، هو نبأ صادم للأسرة الصحفية والإعلامية في لبنان والعالم العربي. وإن نقابة محرري الصحافة اللبنانية تأسف أن تلقى هذه الدار العريقة التي أسسها المرحوم سعيد فريحة مثل هذا المصير، خصوصاً أن نتائج هذا القرار ستكون قاسية جداً على عشرات الزملاء والعاملين فيها الذين سينقطع مورد رزقهم، ويدخلون نادي العاطلين من العمل».وأشارت النقابة إلى أنه يهمها أمام هذا التطور المؤسف، «أن تعلن الإصرار على حقوق الزملاء والعاملين في دار الصياد، معتبرة أن ما حلّ بدار الصياد وبالعديد من المؤسسات الصحفية والإعلامية من قبل، يعكس مدى إهمال الدولة لقطاع الصحافة الورقية». وأكدت النقابة «أنه لا يغيب عنها أن أزمة الصحافة المكتوبة هي أزمة عالمية نتيجة التطور التقني، لكن أصحاب المؤسسات والدور الصحفية والإعلامية يتحمّلون قسطاً وافراً من مسؤولية ما آلت إليه أوضاع مؤسساتهم، مشيرة إلى أمثلة كثيرة تدل على إهمالهم لها، وعدم الإفادة من السنوات السمان التي جنوا فيها أرباحاً طائلة». تاريخ وحرية رأت نقابة محرري الصحافة اللبنانية «أن من واجب كل المعنيين في قطاع الإعلام على تنوع اختصاصاته، التحرك من أجل إنقاذ الصحافة الورقية وإقالتها من عثارها، ودعمها مادياً ومعنوياً، لأنها جزء لا يتجزأ من تاريخ لبنان قديمه وحديثه وذاكرته الوطنية والفكرية والأدبية والثقافية، وقدّمت مواكب الشهداء الذين سقوا بدمائهم الزكية نبتة الحرية». وشددت على «أن إنقاذ الصحافة الورقية يعني إنقاذ صورة لبنان الحضارة القائم على تراث الحرية».
مشاركة :