السعودية والكويت.. علاقات نموذجية رسختها وحدة المصير المشترك

  • 10/1/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

تحتفظ المملكة العربية السعودية والكويت الشقيقة بعلاقات خاصة ومتميزة بينهما، سواءً على الصعيد الرسمي أو الشعبي، ولهذه العلاقات أبعاد متعددة، تشير إلى حجم التعاون وأريحية الود وعمق الصداقة التي تربط بين البلدين الشقيقين، وهو ما يفسر سر نجاح تلك العلاقات، إذ أثبتت التجارب والأحداث أنها تزداد متانة وقوة بمرور السنين. وتنفرد خصوصية العلاقات بين البلدين بمميزات غير متوافرة بين بقية دول العالم، حيث إنها مدعومة بانتهاج القيادة في البلدين سياسات تتسم بالعقلانية والحكمة في معالجة القضايا وتطابق مواقفهما في مجمل الأحداث الإقليمية والدولية، فضلاً عن توفر الرغبة الصادقة في تقوية هذه العلاقات، والارتقاء بها إلى آفاق واسعة من التعاون الثنائي الذي يعود بالمنفعة على الشعبين الكويتي والسعودي. وبالنظر إلى صفحات التاريخ، فتعتبر العلاقات بين الرياض والكويت قديمة جداً، وتمتد إلى تأسيس الدولتين، حيث تعود إلى أكثر من قرنين من الزمان. ويشير المؤرخون إلى أن بداية حكم آل الصباح في الكويت، تقترب من بداية قيام الدولة السعودية الأولى. لذا فقد تميزت هذه العلاقات منذ ذلك الوقت وحتى الآن، بأنماط متعددة من التعاون، بيد أن هذه العلاقات ازدادت رسوخاً وبشكل كبير منذ استقلال الكويت عام 1961، الأمر الذي جعل تلك السمة هي الغالبة على هذه العلاقات طوال العقود الخمسة الماضية. ويحدد المؤرخون عوامل تعزيز التعاون الإستراتيجي بين الدولتين، مثل: العوامل التاريخية، والعوامل الاقتصادية وعوامل التهديد الداخلي والخارجي، والعوامل النفسية، والمصالح المشتركة، والثقافة المشتركة، وتشابه الأنظمة السياسية، وهو ما يشير إلى أن العوامل التي تربط بين الدولتين كثيرة ومتعددة المصادر، فمنها القريب المباشر، ومنها البعيد الذي ينطوي على أبعاد إستراتيجية وجيوسياسية تتعلق بنظام الأمن الإقليمي ومستقبله. مرحلة فاصلة ويشهد تاريخ العلاقة بين البلدين مرحلة فاصلة، وهي التي امتدت من عام 1981 إلى تاريخ الغزو العراقي للكويت عام1990، حيث بدأت أهمية كل من الدولتين للأخرى. فالكويت أدركت مدى أهمية السعودية كعمق إستراتيجي لها، خاصة بعد نجاح الثورة الإيرانية وتطبيقها ما يعرف بسياسة "تصدير الثورة"، وزادت الأهمية بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، وتهديدها لأمن واستقرار المنطقة. لقد أدركت الكويت أن سياسة التوازن الإقليمي التي تتبعها في العلاقات مع الجيران، لم تعد ذات جدوى في مثل تلك المتغيرات، ونتيجة لذلك تخلت الكويت عن سياستها، واتجهت إلى سياسة المحاور الإقليمية، عندما شاركت في قيام مجلس التعاون الخليجي كمنظمة إقليمية ذات أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية. أما السعودية فهي الأخرى ترى أن حدودها الشرقية مهددة من جانب إيران، الأمر الذي يتطلب تعزيز العلاقات مع دولة الكويت الشقيقة، إذ أدى التوافق في الرؤى بين الدولتين إلى تأسيس مجلس التعاون الخليجي، والذي يضم بالإضافة للسعودية والكويت كلاً من قطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة وعمان. تقارب ومواقف ثابتة ويكشف تاريخ العصر الحديث عن مسيرة العلاقات السعودية الكويتية، فيسجل بأن الكويت كانت من أوائل البلاد التي زارها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بعد أن أرسى دعائم حكمه ووطد أركان ملكه بعد أن كانت هي الأرض التي انطلق منها لبدء مسيرة التأسيس. وقد جاءت زيارته الأولى إلى الكويت عام 1320هـ وتبعتها زيارة ثانية عام 1335هـ وأعقبتها أخرى عام 1356هـ، كما توالت الزيارات وتبودلت بشكل مكثف بين قادة البلدين وكبار المسؤولين، لبحث المزيد من سبل التعاون والتنسيق في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية. ويجسد الموقف السعودي الشجاع بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ إبان الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت، عمق الروابط المتميزة التي تربط بين المملكة والكويت الشقيقة، إذ عملت المملكة على تخليص الكويت من الغزو، بتحالف ضخم، ضم الدول العربية والغربية، لإجبار صدام حسين على الرحيل. ويعد ذلك الموقف من أوضح وأقوى ما يربط بين البلدين الشقيقين من الوشائج ماضيًا وحاضراً ومستقبلاً. وبرز للعالم كله ـ آنذاك ـ التضامن الحقيقي الوثيق بين المملكة والكويت، يضاف إلى ذلك، سعي التعاون والتنسيق السعودي ـ الكويتي تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لتحقيق ما فيه خير شعوب دول المجلس وشعوب الأمتين العربية والإسلامية وخدمة قضايا العدل والسلام في العالم أجمع. اتفاقيات تعاون وما يزال العمل ديدن المسؤولين في كلا البلدين، وطابع العلاقات الثنائية بين المملكة وشقيقتها الكويت لوضع ‌الجهود المبذولة في سبيل مزيد من التفاهم بينهما، في إطار عملي من باب اقتران القول بالفعل، وللدلالة على تلك العزيمة شهد شهر ربيع الثاني عام 1341هـ توقيع أول اتفاقية ثنائية أبرمت بين البلدين لإنشاء منطقة محايدة ورسم الحدود المشتركة.

مشاركة :