انطلقت فعاليات مؤتمر حزب المحافظين الأحد، في ظل انقسامات كبيرة حول بريكست والاستراتيجية الواجب اعتمادها قبل ستة أشهر من موعده، حيث تسعى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى رص الصفوف خلف خطتها، بعد أن كثف معارضو الخطة انتقاداتهم لإجبارها على تغييرها، مما يضفي مزاجا ربما يكون الأسوأ الذي يشهده مؤتمر الحزب الذي تتزعمه ماي. برمنغهام ( إنكلترا) – تحاول رئيسة الوزراء البريطانية المحافظة تيريزا ماي التي أضعفها رفض القادة الأوروبيين لخطتها بشأن بريكست مؤخرا، جمع حزبها تحت قيادتها، بينما يسعى أنصار القطيعة الواضحة مع أوروبا إلى فرض وجهة نظرهم وانتهاز كل الفرص في المؤتمر ليتحدثوا ويدافعوا عن طلاق “حاسم” مع الاتحاد الأوروبي. ودعت ماي الأحد، حزب المحافظين، الذي تنتمي إليه، إلى الوقوف وراءها لضمان أن تصل الحكومة إلى اتفاق جيد للخروج من الاتحاد الأوروبي مؤكدة أن خطتها التي تعرف باسم خطة تشيكرز هي السبيل الصحيح للمضي قدما. وأضافت لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في أول أيام المؤتمر السنوي للحزب “رسالتي إلى حزبي هي دعونا نتحد ونصل إلى أفضل اتفاق لبريطانيا”. وبعد إضعافها، إثر رفض القادة الأوروبيين خطتها لبريكست، تجد ماي نفسها في مواجهة مباشرة مع وزير خارجيتها السابق بوريس جونسون منافسها المحتمل على كرسي رئاسة الوزراء، في وقت يحاول فيه أنصار بريكست مع الاتحاد الأوروبي فرض وجهة نظرهم. وينتقد جونسون خطة ماي التي تنص على علاقات تجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي من خلال الإبقاء على القواعد التجارية المشتركة، حيث قال “بخلاف رئيسة الحكومة، لقد قمت بحملة من أجل بريكست وما يجري الآن للأسف ليس ما وعد به الناس عام 2016” بعد فوز “نعم” في استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي. ماي ترد بأن خطتها هي المقترح الوحيد المعروض الذي يتيح مبادلات تجارية عبر الحدود بسلاسة والإبقاء على الحدود مفتوحة مع أيرلندا واعتبر الكثيرون من أعضاء الحزب أن جونسون يقود حملة لخلع ماي وهو ما أثار غضب بعض المحافظين المنتقدين لوزير الخارجية السابق، حيث حظيت ماي ببعض الدعم في نهاية الأمر. وردت رئيسة الحكومة بأن خطتها هي المقترح الوحيد المعروض الذي يتيح مبادلات تجارية عبر الحدود بسلاسة والإبقاء على الحدود مفتوحة مع أيرلندا، حيث يمثل هذا الأمر نقطة خلاف أساسية في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، فيما تطالب بروكسل بتعديل المقترحات البريطانية. ومن غير المتوقع أن تكشف ماي التي تختتم المؤتمر الأربعاء كيف ستعيد النظر في خطتها كما طلبت المفوضية الأوروبية، مع اقتراب القمة الأوروبية التي ستعقد في 18 و19 أكتوبر الجاري. ويرى الخبير السياسي سايمن هاشروود، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ساري، أنها “إذا قدمت تنازلات الآن فستبدو ضعيفة وتحت ضغوط الاتحاد الأوروبي، لكن خصومها ينوون انتهاز كل الفرص في المؤتمر ليتحدثوا ويدافعوا عن طلاق “صعب” مع الاتحاد الأوروبي، حيث لا تملك ماي سوى غالبية ضئيلة في البرلمان وباتت بالتالي تحت رحمة نوابها. وكان جونسون دعا في مقال نشرته صحيفة التلغراف البريطانية إلى التخلي عن خطة ماي، و”إلا فإننا معرضون لخسارة السلطة”. ويرى روبن بيتيت الأستاذ في جامعة كينغستن في لندن أن المؤتمر سيشهد صراعا على النفوذ بين كبار شخصيات الحزب، قائلا “حاليا لا أحد يريد الحلول مكان تيريزا ماي حتى لا يضطر إلى التعامل مع بريكست”، مضيفا “لكن ستكون هناك الكثير من المؤامرات، وسيحاول كل واحد أن يضع نفسه في موقع القائد المقبل”. وفي المقابل تنوي ماي البقاء في منصبها لسنوات قادمة، فيما كتب النائب دومنيك غريفي الأحد في صنداي تلغراف “آن أوان تمرد مهذب من جانب المحافظين البرغماتيين”، وهو أحد النواب الذين يدعمون دعوات إجراء استفتاء جديد بشأن بريكست، الأمر الذي تستبعده ماي تماما. وفي مدينة برمنغهام في وسط إنكلترا، حيث ينعقد مؤتمر حزب المحافظين حتى يوم الأربعاء تشاهد رئيسة الوزراء منافسين محتملين يسيرون أمام أعضاء الحزب وهي تدرك أن بعضا من أعضاء حزبها يعتقدون إنه يتعين عليها التنحي جانبا. وكتب النائب روبرت هلفون على مدونة “كونسرفاتيف هوم” المحافظة أنه ينتظر بفارغ الصبر انتهاء بريكست، قائلا “آمل أن يسمح المؤتمر بوضع رؤية لمكافحة الظلم الاجتماعي الذي وعدت رئيسة الوزراء بمكافحته عند توليها السلطة في يوليو 2016”. ديفيد ديفيس: خطة بريكست خاطئة وكفى، فهي لا تفي بأي ممّا وعد به الاستفتاء الناسديفيد ديفيس: خطة بريكست خاطئة وكفى، فهي لا تفي بأي ممّا وعد به الاستفتاء الناس وانتقد ديفيد ديفيس، المحافظ ووزير بريكست السابق، خطة ماي بشأن بريكست مرة أخرى لكنه كان أقل حدة على زعيمته من بوريس جونسون. وقال ديفيس لشبكة سكاي نيوز إن خطة ماي “خاطئة وكفى”، حيث استقال الأخير مثل جونسون احتجاجا على خطة تشيكرز، التي سميت نسبة للمقر الريفي لماي حيث اتفقت على عجل مع وزرائها عليها في يوليو الماضي. وأضاف “إنها لا تفي بأي مما وعد به الاستفتاء الناس”، لكنه قال كذلك إنه يرجح بنسبة ما بين 80 إلى 90 بالمئة أن تتوصل الحكومة إلى اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي. وكان فريق ماي يأمل أن يعطيها مؤتمر الحزب فرصة لتجديد تعهداتها بمساعدة الناس “الذين بالكاد يدبرون حياتهم” ومحاولة جذب الانتباه بعيدا عن الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى البرامج الداخلية. لكن إعلانها عن جباية ضريبية إضافية على مشتريات الأجانب للمنازل لم تساعدها في ذلك وعاد الاهتمام الأحد لينصب على الخروج من الاتحاد الأوروبي واحتمال إجراء انتخابات مبكرة. وحصل وزير الخارجية السابق على الدعم من اليميني المؤثر جاكوب ريس موغ الذي يرأس مجموعة البحث الأوروبية المؤيدة للخروج من التكتل، داخل حزب المحافظين. وقال ريس موغ في برنامج “كويسشن تايم” السياسي الذي تقدمه هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) “أعتقد أن المفاوضات جرت على نحو سيء، وأعتقد أننا سمحنا للاتحاد الأوروبي بإدارة المفاوضات”. وذكر أنه في أوائل الأسبوع الماضي كانت مجموعته تريد أن ترى “اتفاق تشيكرز وقد تغير، ولكن سنصوت ضده في مجلس العموم إذا لم يتغير”. وقال برنارد جينكين وهو زميل آخر يؤيد الخروج من الاتحاد الأوروبي في تغريدة على موقع تويتر إن حجج جونسون “لا يمكن الرد عليها” وهي “قوية”، في حين قالت نادين دوريس وهي نائبة أخرى متشككة في جدوى الاتحاد الأوروبي، إن جونسون “رجل صاحب خطة”.
مشاركة :