عشرةُ آلاف مهندسٍ تونسيّ حملوا حقائبهم وتَرَكُوا البلادَ منذ عام 2016، أي خلال ثلاثِ سنواتٍ فقط، ما يمثل نزيفًا حقيقيًّا في بلدٍ تعدادُ سكانه لا يتجاوز 11 مليونَ ساكن. هذا الرقمُ الكبير قدمتْه عمادةُ المهندسين التونسيين في مؤتمرٍ عقدتْه في العاصمة تونس الأحد 30 سبتمبر، لإطلاق صيحةِ فزع. وخاطبَ أسامة الخريجي عميدُ المهندسين نواب الشعب الذين دعاهم لحضور المؤتمر مستنكرًا لامبالاةَ الدولةِ التي "تفرّطُ في الغالي والنفيس (المهندسين) بعد أن أنفقت وبذلت الكثيرَ لتدريسهم في تونس طوالَ سنوات" وقال الخريجي محذرًا "العواقبُ ستكون وخيمةً"، وعزا نزيفَ الكفاءات الهندسية إلى تردّي الأوضاع الماديةِ في تونس، حيث لا يتحاوزُ راتبُ المهندس في القطاع العام 1300 دينارٍ (460 دولاراً)، ولا يتجاوز 1700 دينارٍ (600 دولارٍ) عند بلوغِ المهندس سنَّ التقاعد، وتتدنى هذه الأجور "بشكلٍ مُهينٍ أكثر" في القطاع الخاص، حسب ما أكدَه عميدُ المهندسين. وتنتشر الاحتجاجاتُ في كل القطاعاتِ في تونس، حيث لا يكادُ يخلو شهرٌ من احتجاجٍ عماليّ هنا، وإضراب كفاءاتٍ هناك، وهذا هو الإيقاعُ الذي تعيش عليه تونس منذ ثورة 2011. عميدُ المهندسين أشارَ إلى أن "المهندسَ انهمكَ في العمل منذ الثورة ولم يشارك في التحركاتِ المطلبيةِ لذلك لم يتحسن أجرُه، ومع ارتفاع الأسعار تراجعت مقدرتُه الشرائيةُ بشكلٍ لافت". الحقيقةُ أن النقابةَ الوطنية للمهندسين التونسيين دخلت في إضرابٍ عامٍ حضوريّ يومي 24 و25 يناير 2018 تنديدًا "بالوضع المتردّي للمهنة وتدني مستوى الأجور وعدمِ اكتراثِ رئاسة الحكومة بمطالب القطاع" حسب بيان النقابة آنذاك. وحذّرَ الخريجي من تفشي الفساد، قائلًا إن تحسينَ الوضع المادي للمهندسين سيحولُ دون سقوطِ عددٍ منهم في الفساد لتوفير الحد الأدنى الذي يحفظُ لهم كرامتَهم وهو ما سيقلّل من اللجوء إلى الرشاوى. وطالبَ عميدُ المهندسين نواب الشعب بالإسراع بالمصادقة على مشروع القانونِ الأساسي المنظمِ لمهنة المهندس. ولفت انتباهَ النواب إلى تردي التكوينِ في كليات الهندسةِ الخاصة التي شهدت طفرةً حقيقيةً بعد أن كان التكوينُ الهندسيُّ حكرًا على كليات الدولة المعروفة بانضباطها وتعليمها العالي المعروف دوليًّا. كانت تونسُ قد فتحتْ منذ سنة 2000 البابَ للقطاع الخاصِ لإحداث مدارسَ هندسيةً خاصة ما نتج عنه تكاثرٌ في عدد خريجي الهندسةِ يصعبُ على دولةٍ تعاني مشاكلَ اقتصاديةً خانقة استيعابَهم. أقوال جاهزة شاركغردعشرةُ آلاف مهندسٍ تونسيّ حملوا حقائبهم وتَرَكُوا البلادَ منذ عام 2016، ما هي عواقب نزيف الأدمغة هذا في بلدٍ تعدادُ سكانه لا يتجاوز 11 مليونَ ساكن؟ شاركغردتحتل تونس المرتبةَ الثانيةَ عربياً بعد سوريا في هجرةِ الكفاءاتِ العلمية أو ما يُعرفُ بهجرة الأدمغة. فخلال ست سنواتٍ فقط غادرت 94 ألفَ كفاءةٍ تونسية، 84 بالمائة منهم كانت وجهتُهم الدولَ الأوروبية وانتقد عميد المهندسين بشدةٍ عدمَ جديةِ التعليم في مدارس الهندسةِ الخاصة قائلاً : "فتحت المدارس الخاصة أبوابَها حتى لمن حصلوا على معدلاتٍ تقل عن عشرة من عشرين، بل إنها تقبلُ حتى الذين هم على أبواب التقاعد وحدث كلُّ هذا في ظلّ تجاهلٍ تام لوزارة التعليم العالي". واقترح العميد لحلّ هذه الأزمة إنشاءَ هيئةٍ مستقلة للتكوين الهندسي في القطاعِ الخاص حتى يكونَ "طرفًا جديًا في مراقبةِ التكوين في هذه المدارس". وتحتل تونس المرتبةَ الثانيةَ عربياً بعد سوريا في هجرةِ الكفاءاتِ العلمية أو ما يُعرفُ بهجرة الأدمغة. وقالت وزارةُ التعليم العالي في مايو الماضي إن 94 ألفَ كفاءةٍ تونسية غادرت تونسَ خلال ستّ سنواتٍ فقط، 84 بالمائة منهم كانت وجهتُهم الدولَ الأوروبية.اقرأ أيضاًفي تونس الباهية.. تدريب موسيقي لأئمة المساجد وعبّاد النشاز يمتعضوننهاية توافق دام خمس سنوات بين السبسي وحزب النهضة... هل دخلت تونس نفقاً مظلماً؟مصر والكويت في ذيل ترتيب جودة تعليم الرياضيات والعلوم "دعوة سلفية وحقيقة صوفية"... كيف أثّرت الصوفية الحصافية في منهج وفكر الإخوان المسلمين؟ رصيف 22 رصيف22 منبر إعلامي يخاطب 360 مليون عربي من خلال مقاربة مبتكرة للحياة اليومية. تشكّل المبادئ الديمقراطية عصب خطّه التحريري الذي يشرف عليه فريق مستقل، ناقد ولكن بشكل بنّاء، له مواقفه من شؤون المنطقة، ولكن بعيداً عن التجاذبات السياسية القائمة. كلمات مفتاحية تونس هجرة التعليقات
مشاركة :