بعد 72 عاماً من تصدير أول شحنة من النفط الكويتي إلى العالم، بدأت مؤسسة البترول تصدير أول شحنة من النفط الكويتي الخفيف خلال الأشهر القليلة الماضية بمؤشر كثافته بين 48 و49 درجة، ويعد من أفضل أنواع النفوط وأعلاها قيمة. ويفوق سعر النفط الكويتي الحالي بأكثر من 5 دولارات، واستطلعت «الجريدة» آراء بعض المتخصصين من جدوى تصدير هذا النوع من النفوط في التحقيق التالي. قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إن هذا النوع من النفط قد يكون مساوياً لمؤشر نفط برنت الذي يفوق سعره حالياً 77 دولاراً للبرميل، ويعتبر أيضاً من أفضل أنواع النفوط الخفيفة، ويكون الأقرب للنفط الجزائري «صحارى بلند» والنفط الماليزي «تابز» من الكثافة، وفق المؤشر الأميركي. وأضاف أن جهة الشحنة الأولى إلى شرق آسيا بدلاً من أوروبا بسبب فرق الأسعار. وتنتج الكويت من هذا النوع من النفط بمعدل 130000 برميل من حقول الشمال، والتي تحققت مع اكتشاف الغاز الحر في نهاية عام 2005. وذكر أن إنتاجنا من هذا النوع قد يصل إلى أكثر من 300 ألف برميل مع نهاية 2025؛ وللمرة الأولى استطاعت الكويت فصل النفط الثقيل عن الخفيف، وعدم خلطه مع النفط الكويتي الحمضي لزيادة الكثافة النوعية وخفض نسبة الكبريت، وبناء خزانات خاصة وأنابيب منفصلة لاستيعابه في صهاريج خاصة. وأصبحنا نمتلك نوعاً آخر من النفط الخام، كبقية دول العالم المنتجة للنفط والتي تمتلك عدة أنواع. عوائد مالية وأشار الحرمي إلى أن المصافي ستحقق عوائد مالية أفضل بخلط النفط الكويتي السوبر لايت الخفيف مع بقية النفوط الأخرى، وتحصل على قيمة مضافة ومشتقات نفطية أفضل، لافتاً إلى أن من الممكن خلطه مع النفط الكويتي المتوسط الكثافة على ظهر البواخر بنسب مختلفة للحصول على مزيج يناسب طلبات المشترين ومتطلبات المصافي الخارجية، ومن الممكن أيضاً خلطه مع المشتقات النفطية إن أرادت المصافي الخارجية ذلك، وجميع الخيارات موجودة مع وجود أكثر من نوع من النفط. وقال إنه مع إنتاج النفط السوبر لايت الخفيف نكون قد دخلنا إلى أندية السوبر، وهي تمثل نحو 40 في المئة من إجمالي إنتاج النفط، والبقية من منتجي النفط المتوسط والثقيل، مما يعد إنجازاً للقطاع النفطي وشركة نفط الكويت، لأن تلك الخطوة ستمكننا من إضافة نوع آخر من النفط وهو الأفضل والمطلوب عالمياً. 200 ألف برميل من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية المفتوحة، د. عواد النصافي، إن الكويت تسعى منذ فترة الى تنفيذ مشاريع لعزل النفط الخام، بغية تصدير 4 أنواع من النفط الخام، وهي خام التصدير الكويتي النفط الثقيل والنفط الثقيل المتوسط والنفط الخفيف. وأضاف أن النفط الخفيف ذو محتوى منخفض من الكبريت، ويعد مرغوباً أكثر من الخام عالي المحتوى الكبريتي الذي يصعب تصفيته، لأنه يتعرض لمراحل تصفية أسرع وأكثر بساطة مقارنة بالنفط الثقيل أو الخام الثقيل جداً، وبشكل عام النفط الخفيف مفضل في الأسواق، وخصوصاً للمصافي لسهولة الإنتاج منه وقلة المحتوى الكبريتي له. وأشار النصافي إلى أن الكويت صدرت 5 ملايين برميل من النفط الخفيف الممتاز منذ يوليو الماضي، ويتوقع الوصول إلى طاقة إنتاجية قدرها 200 ألف برميل من النفط الخفيف يومياً خلال الفترة القليلة المقبلة، مما سيعمل على حل بعض المشكلات في الأسواق، خصوصاً مع الأزمة السياسية في فنزويلا وما تعانيه من تراجع صادراتها نتيجة انكماش الإنتاج ومشكلات لوجستية والعقوبات الأميركية على إيران، التي تدخل حيز التنفيذ في نوفمبر المقبل. سوق جديد وقال إن تسويق هذا النوع سيكون في دول كوريا الجنوبية واليابان والصين، حيث تعتبر كوريا الجنوبية واليابان أهم عملاء النفط الكويتي الخفيف، خصوصاً مع بدء العقوبات الأميركية على إيران، إذ إنهما كانا في السابق يعتمدان على النفط الإيراني المكثف، ويمكن للنفط الكويتي الخفيف أن يكون بديلاً للمكثفات الإيرانية في سياق العقوبات الأميركية التي تلوح في الأفق، مما يعزز سوقاً جديداً للكويت في هذا النوع من النفط. كما أن الصين تعتمد بشكل كبير على الصادرات الفنزولية التي تشهد تراجعاً نتيجة للمشكلات التقنية والسياسية هناك. تسويقه سهل من ناحيته، أكد أستاذ الاقتصاد في الجامعـــة العربيـــــة المفتوحــــة د. عبدالمحسن المطيري أن الطلب في المستقبل سيكون على النفط الخفيف، لأنه صديق للبيئة، لتميزه بكثافة أقل، وبنسب كبريت منخفضة عن نوعية النفط الثقيل، كما أنه يمثل قيمة مضافة للاقتصاد، ويحقق عوائد مجزية. وأشار إلى أن السوق العالمي حالياً يبدي توجها للطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والغاز الطبيعي، لافتاً إلى ضرورة تزايد الاهتمام بإنتاج النفط الخفيف، من خلال الاهتمام بتزايد استخدام التكنولوجيا العالمية الحديثة، للعمل على تحويل النفط الثقيل إلى نوعية النفط الخفيف، لأن تسويقه يعد سهلاً ويسيراً بشكل أكبر. تنويع سلة النفط بدوره، قال الخبير النفطي محمد الشطي، إن «استراتيجية تنويع سلة النفط، التي تنتجها الكويت، ناجحة، لأنها تحقق عدداً من الاهتمامات، أولها تحقيق رضا الزبون عن وجود سلة من النفوط بدلاً من بيع نوع آخر فقط». وأضاف أن كل المنتجين بلا استثناء يقومون ببيع سلة من النفط وليس نوعاً واحداً فقط كالسعودية والإمارات وقطر ما بين 3 و6 أنواع للنفوط، مبيناً أن النفط الخفيف له سوق، ويقدم أسعاراً عالية، وبالتالي يعني إيرادات أعلى للكويت. وأشار إلى أن بيع النفط الخفيف للأسواق الآسيوية أيضاً يحقق أسعاراً أعلى مقارنة ببقية الأسواق، وهو أيضاً يعني إيرادات أفضل، فضلاً عن أن بيع أنواع جديدة من النفوط يعطي قوة تفاوضية للمفاوض الكويتي، كما هو متبع لكل منتج يبيع أكثر من نوع من النفط. منافس قوي أما الخبير والاستشاري النفطي د. عبد السميع بهبهاني فقال، إن الزيت الخفيف هو المصطلح التجاري لنفط الخام الخفيف، وهو ذو كثافة بين 45 و 40 API وذو نسبة كبريت (شوائب) أقل من 0.5 في المئة، وبالمعنى الكيميائي ان نسبة المواد الهيدروكربونية المشبعة تغلب على نسبة العطريات والشوائب وتكون هذه الخامات النفطية سهلة التنقية والتكرير واستعمالها الغالب في الطاقه والنقل إذ إن مخلفاتها قليلة نسبة إلى الزيوت الأخرى، وتعتبر منافساً قوياً لغازات الطاقة LPG وGTL. وأضاف بهبهاني أنه من جانب آخر، إعداد هذا النوع من الزيوت الخفيفة من تنقية وتكرير يحتاج إلى معدات ومنشآت خاصة تختلف عن منشآت زيوت خام المتوسط والثقيل، مشيراً إلى أن الكويت اكتشفت الزيت الخفيف في المكمن الجوراسي في حقل برقان والصابرية عام 2006 بكثافة نفط تقدر بـ 48 API ونسبة كبريت بمقدار 5.1 في المئة، وبعد معالجتها صدرت الكويت أول كمية لها في يوليو 2018 عن طريق شحنتين 500 ألف برميل إلى جنوب شرق اسيا وبمسمى (KSLC) وهو السوبر لايت 48 API ونسبة كبريت 0.4 في المئة، لافتاً إلى أنه بذلك يكون للكويت أربعة أصناف من الزيوت للتصدير الثقيل (الفارس السفلي) الثقيل المتوسط والخفيف المتوسط والخفيف. خيارات مفتوحة وأضاف بهبهاني أن الخيارات المتاحة لاستعمال النفط الخفيف هو وقود الطريق للسيارات الأهلية الذي يعاني الشرق الأوسط نقصانها بمقدار نصف مليون برميل يومياً رغم وجود 48 مصفاة لتكرير المنتجات الأخرى في الشرق الأوسط، الذي يعتبر التنقل فيه بواسطة المركبات الأهلية بسيطة (40 في المئة) نسبة لأوروبا وأميركا والتي تستهلك 9 ملايين برميل يومياً. وقال إنه على الرغم من ذلك نجد نقصاً في هذا المنتج. أما المنتجات الأخرى كالنافتا وخليط الجت والكيروسين وخليط الديزل وزيت الوقود والمشتقات الاخرى فالمناسب لها الخام المتوسط والثقيل، ومن هنا نرى أن خيارات النفط الخام المتوسط والثقيل إذا انتزعنا منه الكبريت سيكون مطلوباً وأكثر اتساعاً في خيارات التسويق، بالإضافة إلى ذلك هناك مشتقات المنتجات الكيميائية التي بلغ الطلب عليها 2.2 مليون برميل ويتوقع لها أن تزداد إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً في 2020 وهي في ازدياد بمعدل 0.5 في المئة سنوياً. وأعرب عن اعتقاده بأن مؤسسة البترول تسير في المسار الصحيح لتغطية حاجة السوق، فرغم أن الصين وهي المشتري الأكبر لنفط الكويت قد افتتحت مصفاتين في الفترة الأخيرة لتكرير النفط الخفيف لكن النفط المتوسط والثقيل منزوع الكبريت يبقى الخيار الأكثر رغبة للسوق والمزيج الحالي والأنسب، بانتظار مصفاة الزور بطاقتها الإنتاجية لـ 615 ألف برميل يومياً والمنتج للمواصفات المرغوبة عالمياً سيكون له قفزة في تسويق المزيج للنفوط المتوسطة والثقيلة ومع الخفيفة، إضافة إلى تطور مصفاة الأحمدي وميناء عبدالله للزيت الثقيل والزيوت الأخرى سيكون له إضافة مميزة لأسعار النفط الكويتي.
مشاركة :