عواصم- وكالات: أظهرت وثيقة دولية تصاعد غير مسبوق لفساد صفقات السلاح في الإمارات ورشى مالية باهظة يتم دفعها لكبار المسؤولين والمستشارين المقربين من الإمارات وهيئات صنع القرار في الدولة. ونشر موقع ويكليكس وثيقة إمارات ليكس الواقعة في 49 صفحة لفساد كبير وراء صفقة الأسلحة الفرنسية/الألمانية مع دولة الإمارات وهي أسلحة يتم تسريبها لجماعات إرهابية في اليمن وليبيا وسوريا. وتشكل الوثيقة مرافعة قضائية في محكمة التحكيم الدولية التابعة للغرفة التجارية الدولية (ICC) بشأن نزاع حول “دفع عمولة” تقدّم بها عباس إبراهيم يوسف اليوسف وهو رجل أعمال إماراتي، كجزء من صفقة أسلحة بقيمة 3.6 مليار دولار بين شركة الأسلحة الفرنسية المملوكة للدولة Nexter Systems) والإمارات. وبموجب الاتفاق الذي تمّ توقيعه في عام 1993 والذي من المقرر أن ينتهي في عام 2008، اشترت الإمارات 388 دبابة مقاتلة من طراز لوكليرك، و46 عربة مدرعة، ومعدات تدريب، وقطع غيار، بالإضافة إلى ذخيرة. وحسب الوثيقة التي تم تسريبها في القضية فقد ادعى اليوسف بأن شركة نيكستر قد فشلت في الوفاء بالتزامها بدفع رسوم عمولة قدرها 6.5 في المائة على صفقة السلاح، تصل إلى 235 مليون دولار. ووفقاً للتقرير قامت Nexter Systems بتسديد الدفعات بشكل منتظم لفترة من الزمن لرجل الأعمال الإماراتي، بقيمة إجمالية تزيد على 195 مليون دولار، من خلال شركة اليوسف، شركة كينوزا كونسلتينغ آند مانجمنت، وطالبت الشركة بأن تدفع له ما يقرب من 40 مليون دولار بقيت مستحقّاتها. ومع ذلك، فإنّ الحجج اللاحقة من محامي Nexter Systems أكّدت أن المدفوعات توقفت بسبب التشريع الفرنسي لمكافحة الفساد الذي سُنّ في عام 2000، وأن أعمال اليوسف “تهدف إلى ارتكاب أعمال فساد والتي ارتكبت بالفعل”. وقالت شركة Nexter Systems بقوة في المحكمة إن رسوم العمولة “الباهظة” التي قُدمت إلى اليوسف كانت لاستخدام رشوة مسؤولين حكوميين في الإمارات، وعلى ما يبدو بلدان أخرى حتى تتمكن شركة Nexter Systems من الحصول على عقد أسلحة بقيمة 3.6 مليار دولار. ومع ذلك، لم تحكم محكمة التحكيم الدولي على هذه النقطة، حيث زعموا أن إثبات Nexter Systems لهذا الادعاء يفتقر إلى الأدلة الكافية. ومع ذلك، سعت المحكمة إلى تحديد السبب وراء تبرير اليوسف لرسوم العمولات المفرطة، لا سيما بالنظر إلى أنه لم يلعب دوراً هاماً في تطوير دبابات لوكليرك. وفي التحقيق في هذه النقطة، قال اليوسف إنه أقنع المسؤولين الألمان بالتنازل عن الحظر الذي فرضته ألمانيا آنذاك على تقديم أسلحة ألمانية الصنع إلى دول الشرق الأوسط مثل الإمارات العربية المتحدة - وهي خطوة ضرورية، حيث تم تركيب دبابات لوكليرك بمحركات ألمانية. وبحسب تصريحات الشهود اليوسف، فإنّ الطريقة التي حصل بها على هذا التنازل “شملت صناع القرار على أعلى المستويات، في كل من فرنسا وألمانيا”، على الرغم من فشل اليوسف في تذكر أسماء المسؤولين الألمان وادّعى أنه لم يلتقِ بهم مباشرة. وقرّرت المحكمة في النهاية أنه لا يوجد سبب وجيه لرسوم اليوسف الباهظة. ومع ذلك، فإن الحجج الواردة من شركة Nexter Systems وكذلك تصريحات اليوسف نفسه بشأن “الضغط” على المسؤولين الألمان المجهولين، توحي بأن الدفع التقريبي لـ 190 مليون دولار كان يستخدم بالفعل لارتكاب “أعمال الفساد”. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن رشى وتأثير في صناعة القرار في الإمارات باستخدام المخبرين والمستشارين. ففي يوليو 2018 نشرت صحيفة ليموند الفرنسية تقريراً عن صفقة لشراء الإمارات قمرين صناعيين من فرنسا، وكانت الولايات المتحدة تسعى إلى نفس الصفقة مع أبوظبي، وحسب مصادر الصحيفة التي تحدثت في أبوظبي، فإن المخابرات الأمريكية تعتمد بشكل رئيسي على «مُخبريها» المندسين داخل حاشية الشيوخ الإماراتيين ومكاتب الاستشارات الأنجلوسكسونية المكلفة بتقديم المساعدة. وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة لا تزال تشكل ثقلاً في دبي على ضوء ماضيها كقوة استعمارية سابقة، إلا أنه بإمكان الولايات المتحدة أن تسن القوانين في أبوظبي. وفي ملف الأقمار الصناعية الشهير، ساهمت شبكات النفوذ في ربح واشنطن للوقت من جهة، وإعاقة العدالة من جهة أخرى. أكّد مسؤول رفيع سابق في وزارة الدفاع الفرنسية بالقول “اكتشفوا توفر مكوّنات أمريكية الصنع بنسبة تقل عن 10 بالمائة، الأمر الذي أثار حملة صحفية في دولة الإمارات العربية المتحدة تتحدث عن اكتشاف أجهزة تجسس، ولكن ذلك غير صحيح”. ونتيجة لذلك، تمّ خلال شهر يناير من عام 2014 تجميد صفقة شراء القمرين الصناعيين الفرنسيين بحجة عدم الانتهاء من تجهيز القمرين في الوقت المحدد.
مشاركة :