ربط الكاتب البريطاني جدعون راخمن بين الجنس والعنف والمدّ الشعبوي عالميا في ظل نوبة من خوف الرجال من ضياع النفوذ والمراكز.واستهل راخمن مقاله بصحيفة الفاينانشيال تايمز، بالتنويه عن أن التفاسير الأكثر تداولاً للمدّ الشعبوي ركزت على عنصرَي عدم المساواة والعرقية؛ لكن العاصفة التي أحاطت بترشيح بريت كافانا لرئاسة المحكمة العليا في أمريكا أشارت إلى عنصر ثالث هو الحِنق الذكوري. ونبه الكاتب إلى أن الأدوار التقليدية الجنسانية (المتعلقة بالنوع من حيث الذكورة والأنوثة) باتت تواجه تحديًا على نحو ترك الرجال نِهْبةً للخوف من ضياع النفوذ والمكانة؛ وقد تبدّى هذا الخوف بجلاء في ظهور نغمة مسيئة للمرأة تميزت بها أصوات ارتفعت في حركات شعبوية بكل من الولايات المتحدة والبرازيل والفلبين وإيطاليا وأماكن أخرى.وبحسب راخمن، فقد أثار هذا الخوف لدى الذكور ردّة فعل وجدتْ سبيلها ليس فقط في النقاشات المتحضرة نسبيًا بشأن المرأة في مضمار العمل أو حول الأدوار الجنسانية في المنزل؛ ولكنها أيضًا، على نحو ما أبرزت قضية كافانا، وجدت سبيلها سريعًا إلى شكل هو الأكثر بدائية من حيث الانفعال هو العنف الجنسي.ولفت الكاتب إلى أن كلا من رودريجو دوتيرتي رئيس الفلبين، وجاير بولسونارو الذي ينافس خلال الشهر الجاري على الرئاسة البرازيلية – يُضّمنان خطاباتهما السياسية بإشارات ونكات حول الاغتصاب؛ كما استخدم ماتيو سالفيني، نائب رئيس الوزراء الإيطالي، افتراءات جنسية للحط من قدر شخصيات سياسية نسائية.وأشار راخمن إلى إعجاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بكل من الرئيس الفلبيني دوتيرتي والسياسي الإيطالي سالفيني.ونبه صاحب المقال إلى أن صعود نجم السياسي البرازيلي بولسونارو المهاجم للنساء إنما جاء في أعقاب رئاسة ديلما روسيف كأول امرأة تتولى قيادة البرازيل؛ كما أن ترامب كان يخوض سباق الرئاسة ضد هيلاري كلينتون التي كانت ستكون أول رئيسة للولايات المتحدة.ورأى راخمن أن لغة ترامب في مضمار الهجوم على المرأة هي أكثر تحفظًا نسبيا لدى مقارنتها بلغة دوتيرتي في الفلبين أو سالفيني في إيطاليا؛ لكنها على كل حال قد تخدم غرضا سياسيا شبيها هو إرسال رسالة إلى الناخبين الرجال الغاضبين مفادها أنه يقف إلى جانبهم.وفي حين يرى معظم المراقبين أن لغة ترامب المسيئة للنساء كفيلة بإلحاق الضرر به في الانتخابات الرئاسية مستقبلا، فإن بعض الرجال ربما يستسيغون تلك اللغة الذكورية التي يستخدمها ترامب.ولفت الكاتب إلى تزامن وجود ترامب في منصبه مع ظهور حركة (#أنا_أيضا) المناهضة للتحرش الجنسي والتي تسببت في إخراج بعض الرجال المشاهير من أعمالهم سواء في هوليوود أو في مجال الإعلام والمال والأعمال والسياسة.ورجح راخمن أن يكون لهذه الحملة (#أنا_أيضا) ردة فعل ذكورية كفيلة بتغذية المدّ الشعبوي الذي يتغذى أكثر ما يتغذى على الغضب والاستقطاب الناجم عن النقاشات الجنسانية في السياسة والمجتمع.
مشاركة :