يقول رونالد ريغان في مناظرة تلفزيونية مع وولتر مونديل خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 1974: «سياستنا الخاطئة هي التي أدت إلى سقوط نظام الشاه في إيران، وهي نقطة سوداء في تاريخ الولايات المتحدة، ونتيجة لهذه السياسة استطاع متعصّب مجنون أن يمسك بزمام الأمور في إيران، ليرسل آلاف الإيرانيين إلى أفواج النيران»، هذه الكلمات التي تقطر «ندماً» تمثل إقراراً تاريخياً بالخطأ الجسيم الذي ارتكبته الدول الغربية، المتمثل في تمكين الخميني وأتباعه من تسنّم رئاسة الجمهورية الإيرانية، ورسالةً تحذيرية من تفاقم خطر هذا النظام العنصري الدموي. كان على تلك الدول الغربية أن تعي خطر هذا النظام من الحوادث التي سبقت الإطاحة بحكم شاه إيران محمد رضا بهلوي، فهي كفيلة بإعادة النظر في الموقف الغربي غير الحكيم – إطلاقاً – من الخميني من وأتباعه، ففي آب (أغسطس) 1978 أحرق أتباع الخميني 470 شخصاً أكثرهم من النساء والأطفال في سينما «ركس» في مدينة آبادان، كما هاجم مريدوه بقيادة طيب حاج رضائي عدداً من دور السينما والمراكز الثقافية ومقر مؤسسة النقل العام ومبنى الجمعية الثقافية الإيرانية - الأميركية ومصنع «بيبسي»، وقد سقط خلال هذا الهجوم الكثير من الضحايا، وغيرها من الحوادث التي تدل على وحشية هذا النظام الذي كان في مرحلة تَشَكّل في تلك الفترة، وقد تبصّر بذلك العديد من المفكرين والمثقفين الغربيين ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في الدول الغربية التي جاءت بهذا النظام ووضعته على سدة الرئاسة في إيران. يقول بيار إف دوويلمار، وهو أول صحافي ينجح في إجراء لقاء مع الخميني عندما كان في نوفل لوشاتو الفرنسية، سألت وزارة الداخلية الفرنسية مبدياً تعجبي من السماح للخميني باستخدام الأراضي الفرنسية للتخابر مع الخارج من دون إذن رسمي، فأخبروني بألا أتدخل في هذا الشأن. ويقول موريس دريون الأديب والسياسي الفرنسي الشهير: «لم تكن إيران التي يحكمها محمد رضا بهلوي تخلو من العيوب، لكنها كانت دولة في حالة تحديث ونمو، فهل كان صحيحاً أن يستبدل به نظام متخلف ينتهج العصبيات الدمومية؟ لقد بدأ صعود الإسلام المتطرف من هنا». هل استطاع الخميني أن يخدع الغرب، وتحديداً فرنسا والولايات المتحدة، بالوعود التي أطلقها في ظل فقدان ثقة تلك الدول بنظام الشاه الذي كان حليفهم المفضل أو شرطيهم في المنطقة؟ فقد كان الخميني يتحدث عن إيران الجديدة وكأنه يتحدث عن المدينة الفاضلة التي ستملأ العالم عدلاً! ومن تلك الوعود أنه كان يقول: «نحن أنصار الحرية المطلقة، نظام إيران القادم سيكون نظاماً حراً»، ويقول: «ستحترم جميع الحقوق الإنسانية، كما ستحترم حقوق الأقليات الدينية بشكل كامل»، وفيما يتعلق بوضعه في النظام الناشئ يقول: «لن يكون لي في إيران المستقبل أي منصب سوى القيادة الروحية للشعب»، وبالنسبة لموقف إيران من الاحتلال الإسرائيلي كان يقول: «دولتنا ستبقى على الحياد الكامل فيما يخص النزاع العربي – الإسرائيلي»، ويقول فيما يتعلق بمنهج الحكومة الجديدة: «ستكون الحكومة الإسلامية حكومة ديموقراطية بما تحمله الكلمة من معنى»، ويقول: «سنحل السافاك، ولجميع الجماعات اليسارية الحق في إظهار معتقداتهم وممارسة النشاطات السياسية بحرية»، ويقول بشأن المرأة إنها «مساوية للرجل في الجوانب السياسية والاجتماعية، ولها الحق في المشاركة، وفيما يخص تشكيل الحكومة فللمرأة الحق مثل الرجل في التصويت والترشح، وهم متساوون بشكل كامل». ولكن ما إن قام نظام الخميني على سوقه، بعد مسلسلٍ من الإعدامات الوحشية التي كانت تنفذ في سطح البناية التي كان يقطنها الخميني، كشّر هذا النظام عن أنيابه، وتبين للجميع وفي مقدمهم من ناصروه من الغرب أن ذلك الوعد انقلب وعيداً، وأن النازية انبعثت من جديد في الشرق الأوسط. NaifMoalla@
مشاركة :