مُنحت جائزة نوبل للطب لعام 2018 في استوكهولم أمس، مناصفة إلى العالميْن الأميركي جيمس أليسون والياباني تاسوكو هونجو، لاكتشافاتهما التي أحدثت ثورة في علاج السرطان، إذ قادت أبحاثهما في تسعينات القرن الماضي حول بروتينات تكبح عمل جهاز المناعة، إلى علاجات جديدة متطورة بشكل كبير لعلاج أنواع من السرطان، مثل سرطان الجلد والرئة. وخلافاً للأشكال الأخرى من علاجات السرطان التي تستهدف الخلايا السرطانية مباشرة، أوجد كل من أليسون وهونجو طريقة لمساعدة الجهاز المناعي للمريض على مواجهة السرطان بسرعة أكبر، من خلال درس البروتينات التي تمنع جهاز المناعة من مهاجمة خلايا الورم بفاعلية. لقد كشف العالمان استراتيجيات الخلايا السرطانية للالتفاف على دفاعات الجسم، من خلال البروتينات المعروفة باسم «الحواجز المناعية» وكابحة «الخلايا التائية»، وهذه نوع من الكريات البيض يلعب دوراً أساسياً في مناعة الجسم الطبيعية ضد الأمراض. ففي عام 1995، تمكّن أليسون مع عالم آخر من تحديد جزئية «سي تي أل أيه-4» التي تكبح الخلايا المناعية وتمنعها من مهاجمة الأورام. في الوقت نفسه تقريباً، اكتشف هونجو بروتينة في الخلايا المناعية تُعرف باسم «بي دي-1»، وأدرك لاحقاً أنها أيضاً تتمتع بقوة كابحة، لكن بطريقة مختلفة. ويمكن لهذه البروتينات تعطيل دفاعات الجسم الطبيعية ومنع القضاء على الخلايا السرطانية. ويهدف العلاج إلى إزالة هذه البروتينات «اللاجمة»، والسماح للنظام المناعي بالتحرك بسرعة أكبر لمكافحة السرطان. وأدت أبحاث فريق أليسون إلى إنتاج دواء يقوم على أجسام مضادة وافقت عليه الإدارة الأميركية للأغذية والأدوية عام 2011 لمعالجة الميلانوما، أخطر أنواع سرطان الجلد. وكان الطب يقف عاجزاً أمام هذا النوع من السرطان مع وفاة 50 في المئة من المرضى بعد أقل من سنة على تشخيص إصابتهم. واليوم، ثمة مرضى لا يزالون على قيد الحياة بعد عشر سنوات على شفائهم منه. ويُعرف الدواء تجارياً باسم «يرفوي». وقالت لجنة نوبل بعد إعلان فوز أليسون وهونجو، إن العلاج الذي توصلا إليه «أحدث ثورة في محاربة السرطان، وغيّر بشكل جذري الطريقة التي يمكن فيها السيطرة على المرض». وأكدت: «حاول العلماء لأكثر من مئة عام أن يُقحموا الجهاز المناعي في الحرب على السرطان. وقبل اكتشافات الفائزيْن، كان التقدم باتجاه التطور السريري متواضعاً جداً». وكتب أليسون على الموقع الإلكتروني لجامعة تكساس حيث يدرّس: «إنه لامتياز عظيم أن التقي مرضى سرطان عولجوا بنجاح بفضل هذه التقنية. وهم دليل حيّ على قوة العلوم الأساسية وأهمية مواصلة الحافز إلى التعلم» وفهم مزيد من الأمور. من جانبه، تعهد هونجو (76 سنة) المضي قدماً بعمله، وقال لصحافيين في جامعة كيوتو حيث مقره: «أريد أن أواصل أبحاثي... حتى ينقذ هذا العلاج المناعي مزيداً من مرضى السرطان أكثر من أي وقت مضى». وسبق لأليسون وهونجو أن فازا عام 2014 بجائزة تانغ التي تُعتبر المرادف الآسيوي لجائزة نوبل، على أبحاثهما هذه. وسيتقاسم الرجلان المكافأة المالية المرافقة للجائزة، وقدرها تسعة ملايين كرونة سويدية (1,01 مليون دولار)، وسيتسلمان جائزتهما من ملك السويد كارل غوستاف في حفلة رسمية في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) في ذكرى ميلاد العالم ألفرد نوبل العام 1896. وتُمنح اليوم في استوكهلوم أيضاً جائزة الفيزياء، فيما يُكشف اسم الفائز أو الفائزين بنوبل الكيمياء غداً. أما جائزة نوبل للسلام، فيُعلن عنها في أوسلو الجمعة. وللمرة الأولى منذ عام 1949، أُرجئ إعلان الفائز أو الفائزة بجائزة الآداب لمدة سنة، بسبب انقسامات داخلية وانسحاب أعضاء من الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة. وأتى الإعلان عن نوبل الطب بعد دقائق معدودة من حكم بالسجن سنتين على فرنسي يُعتبر المسؤول المباشر عن إرجاء منح جائزة الآداب. وأدين جان-كلود أرنو (72 سنة) بتهمة اغتصاب امرأة في استوكهولم عام 2011 في قضية لم يُكشف عنها إلا بعد ست سنوات إثر حركة #أنا أيضاً، التي ظهرت بعد انكشاف فضيحة المنتج الأميركي هارفي واينستين.
مشاركة :