يستعين كثيرٌ من الناس في إدارتهم لمختلف المهام والأعمال بعدة طرق وأساليب، بأدوات التحفيز؛ للوصول إلى الهدف المنشود، كلٌ بحسب مايراه أو يعتقده مناسبًا، أو بحسب ماقد ورثه وتعلمه. ويحدث هذا الأمر من خلال التعامل مع الآخرين، سواء في جهة العمل بين المدير وموظفيه، أو في المنزل بين الأبوين وأبنائهم، أو في المؤسسة التعليمية بين المعلم وتلاميذه، علمًا بأن الأشخاص- بطبيعتهم- تحكمهم المشاعر؛ أي قد تغلب العاطفة أحيانًا على الفعل و”رد الفعل”؛ ما قد يعيق الهدف ويعطل العمل. هناك من إنْ تعاملت معه بجفاء، ولَّى عنك، كما في قوله تعالى: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، ومنهم من إنْ تعاملت معه بصرامة، استغنى عنك، ومنهم من إنْ تعاملت معه بهدوء ولين، رأيت منه ما تطمح إليه كما جاء في حديث عائشة- رضي الله عنها- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه)، والعكس صحيح كذلك! إذًا أن أين الخلل؟. من وجهة نظري الشخصية، يجب علينا أن نتفق على أنَّ الناس ليسوا سواسية، والنفوس ليست واحدة، والثقافات مختلفة، وهذا أمر طبيعي بين البشر والمجتمعات، فضلًا عن أن الحياة أيضًا لا تخلو من المصاعب والمشاكل التي قد يتعرض لها الإنسان. التحفيز السلبي إذًا، من هذا المنطلق نضع الأدوات والأساليب التي نستخدمها في تعاملاتنا مع الأشخاص؛ لننجز أعمالنا ونحقق أهدافنا، دون أية عوائق قد تواجهنا. هناك بعض الأمثلة التي يجب أن نوضحها، تتمثل في أساليب التحفيز السلبي، فعلى سبيل المثال: هناك من يستخدم المقارنات بين الآخرين!، وهو أمر ذو حساسية إذا أخطأنا بالمبالغة بها، أو إساءة استخدامها. وكمثال آخر، هناك من عندما تقدم له عملًا، يتعمد ألا يشكرك، أو يتجاهلك، أو قد يقول لك إنه عمل سيء أو دون المستوى، دون ذكر أسباب؛ وذلك بقصد تحفيزك. كذلك، من أساليب التحفيز السلبي، الشعور بعدم الرضا عن المنجز والمهمة، واعتبار أن هذا العمل واجب عليك، وقد يكون بالفعل واجبًا عليك من حيث المنطق، ولكنْ ما نعنيه هنا: المبادرات والأفكار والمقترحات. هذه بعض الأمثلة الشائعة التي تحدث بين الناس والمجتمعات، ولا يداخِلنا شكٌ في أن القصد منها هو تحقيق الهدف، وإخراج أفضل ما تحمله النفس وتقدر عليه، وهو ما يسمَّى بالتحفيز السلبي. وبالرغم من أن نتائجه تكون سريعة في بعض الأحيان، ولكنها وقتية وذات خطورة عالية؛ لذا نرى التسرب الوظيفي، والإهمال الدراسي، والعداوات والمشاكل والخصومات والغيرة التي قد تحدث أحيانًا- لاسمح الله- بين الإخوة والأقرباء. إننا بالعودة إلى ما ذكرناه سابقًا، نتعامل مع مشاعر تحركها التفاصيل البسيطة، وليس آلات تغذيها الأوامر والتعليمات. التحفيز الإيجابي إذًا، ماهو التحفيز المناسب أو الإيجابي بمعنى آخر؟ الأساس في هذا التحفيز هو “فهم” نفوس الناس، وفهم طبيعتهم وتركيبتهم الاجتماعية، وفهم ثقافتهم، وأن تضع نفسك دائمًا مكان الطرف الآخر، وأن تتخيل كيف سيكون رد فعلك لو تعرضت لمثل هذا الموقف؟، فعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”. تأتي بعد ذلك، الأساليب الأخرى؛ والمتمثلة في التقدير، والاحتواء، والثواب، والشكر، والمشاركة في صياغة الحلول والمهام والأعمال، والبعد تمامًا عن الإحباط، والإهمال، والتجاهل. تلك الأساليب والمهارات- إن جاز التعبير- حين تجدها في بيئة العمل، أو المؤسسة التعليمية، أو المنزل، من الصعب أن تجد بها إخفاقًا أو إحباطًا، وإنما ستجد روحًا مشتركة بقلب وهدف واحد. التحفيز الإيجابي يعني: أداء المهام باحترافية، وأكثر إنتاجية، وطريق للنجاح. التحفيز السلبي يعني: أداء المهام بصعوبة، وأقل إنتاجية، وربما فشل. الحصول على الرابط المختصر
مشاركة :