دينا حسان توقع تقرير للبنك الدولي ارتفاع معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى %2 خلال عام 2018، مقارنة بـ %1.4 عام 2017، ويرجع هذا الارتفاع المتواضع في النمو إلى ارتفاع أسعار النفط مؤخرا، الذي استفاد منه مصدّرو النفط في المنطقة، في حين خلق ضغوطا على موازنات مستوردي النفط. وفي هذا الاطار، قال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، «ان هذا التعافي يعكس أيضاً تأثير الإصلاحات المتواضعة وجهود تحقيق الاستقرار في بعض بلدان المنطقة، ومع ذلك، لن تسفر وتيرة النمو البطيئة عن توفير فرص عمل كافية لعدد سكان المنطقة الضخم من الشباب، فمن الضروري التوصل إلى محركات جديدة للنمو للوصول إلى المستوى المطلوب لخلق فرص العمل». واضاف ان الكثير من شباب وشابات المنطقة عاطلون عن العمل وسيستمر هذا التحدي في النمو ما لم يتحول إلى فرصة للاصلاح، فزخم النمو الحالي هو فرصة لزيادة سرعة الإصلاحات وسقف طموحاتها، كما يجب أن ينصب التركيز على بناء اقتصاد حديث يستفيد من التكنولوجيا الجديدة تقوده طاقة الشباب وابتكارهم. ومن جانبه، اكد كبير الاقتصاديين في البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمؤلف الرئيسي للتقرير رباح أرزقي، ان بلدان المنطقة تمتلك كل ما تحتاج إليه من مكونات للانتقال إلى المستقبل الرقمي، لافتا الى ان الأساس هو التأكد من تعليم الشباب المهارات اللازمة للاقتصاد الجديد، والوصول إلى أدوات مثل المدفوعات الرقمية، وإزالة العقبات التي تحول دون الابتكار وهو ما سيتطلب من الحكومات أن تعمل على العديد من الجبهات، وتستخدم العديد من أدوات السياسات، لكن المكاسب في النمو والوظائف ستكون أكثر قيمة. نمو الناتج المحلي واظهر تقرير البنك الدولي ان معدل نمو إجمالي الناتج المحلي في الكويت سجل تحسناً مع ارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة إنتاج النفط في اعقاب قرارات منظمة أوبك في منتصف العام برفع القيود على الإنتاج، كما انه من المتوقع أيضاً أن تتحسن موازين المعاملات الخارجية والمالية العامة. ويشهد القطاع المصرفي نمواً صحياً، وبلغت نسبة كفاءة رأس المال لدى البنوك %18.4، وهي أعلى من النسبة التي يفرضها البنك المركزي والتي تبلغ %13. ولا تزال المراكز المالية الخارجية قوية وتساند ربط سعر العملة الكويتية بالعملات الأجنبية، وتقدر الدعائم التحوطية المالية (الاحتياطيات المالية) التي تحتفظ بها الهيئة العامة للاستثمار في الكويت بنحو 530 مليار دولار. أسعار النفط وقد أدى ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة عائدات الصادرات، وبلغ فائض ميزان الحساب الجاري للكويت أكثر من %5.9 من إجمالي الناتج المحلي في 2017. وهو تحسن ملحوظ بالمقارنة بعجز نسبته %4.6 في 2016، وأدى تحسن موازين التجارة إلى زيادة أخرى لفائض الحساب الجاري إلى %9.6 من إجمالي الناتج المحلي في الربع الأول للعام (على أساس المجموع التراكمي لأربعة أرباع السنة). وظل التضخم محدوداً، حيث بلغ متوسطه %0.7 خلال النصف الأول لعام 2018 بفضل تراجع تكاليف الإسكان واستمرار ضعف تضخم أسعار الغذاء. الآفاق المستقبلية وتوقع البنك الدولي ان ينتعش معدل النمو إلى %1.5 في 2018 مع زيادة انتاج النفط وصادراته، حيث يلقى القطاع غير النفطي دعما من زيادة الإنفاق الحكومي ومن شأن الخطط الرامية الى استثمار 115 مليار دولار في قطاع النفط على مدى الأعوام الخمسة القادمة أن تؤدي إلى زيادة أخرى لإنتاج النفط. كما من المتوقع أن يبطل التأخر في تنفيذ إصلاحات ضريبة القيمة المضافة وزيادة الإنفاق الحكومي تأثير زيادة العائدات النفطية، وان يبقى عجز الموازنة العامة مرتفعاً عند أكثر من %4 من إجمالي الناتج المحلي في الأمد المتوسط، ومن المتوقع أيضاً ان يتراجع فائض ميزان الحساب الجاري إلى نحو %6 من إجمالي الناتج المحلي مع زيادة الإنفاق على الواردات المتصلة بالبنية التحتية. المخاطر والتحديات تشتمل المخاطر الخارجية الرئيسية على الآثار غير المباشرة للتوترات الجيوسياسية والصراعات وتقلب الأسواق المالية العالمية وتقلب أسعار النفط، وقد تؤثر قفزة قوية لإنتاج النفط العالمي على أسعار الطاقة، وتؤدي إلى ضغوط على موازين المالية العامة والمعاملات الخارجية، وتتصل التحديات الأطول أمداً بالاعتماد الشديد للكويت على النفط باعتباره مُحركاً للنمو وفي تمويل الدعم السخي، والتحويلات، وتوفير وظائف في القطاع العام للمواطنين، ومع ان الخطة الاستراتيجية (الكويت الجديدة 2035) التي أُطلقت في 2017 تهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي، فان سوء مناخ الأعمال، وكبر حجم القطاع العام يعوقان إنتاجية القطاع الخاص غير النفطي، ويلزم إجراء اصلاحات شاملة تتركز على الابتكار، وزيادة الأعمال في القطاع الخاص، وتوفير فرص العمل والتوظيف، وتحسين مؤهلات قوتها العاملة. الاقتصاد الرقمي يشير التقرير أيضا إلى أن الأسس قائمة بالفعل للتحول نحو الاقتصاد الرقمي. فهناك اعتماد واسع النطاق على التكنولوجيات الرقمية والمحمولة الجديدة بين شباب المنطقة. ولكن بسبب مجموعة من العقبات التنظيمية وعدم وجود بنية تحتية أساسية، فإن الأجهزة المحمولة والمنتشرة تُستخدم في الغالب للوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من بدء مشاريع جديدة. كما يشير التقرير إلى مجموعة من «البوادر على التعافي» فيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي الجديد، من بينها تطبيق كريم للنقل الذي نما من شركة مبتدئة إلى شركة قيمتها مليار دولار وخلق الآلاف من فرص العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. كما تربط المنصات الرقمية الجديدة بين الباحثين عن العمل وأصحاب العمل، وتوفر التدريب المهني، واستضافة حاضنات للشركات الناشئة. يتمثل التحدي الآن في تهيئة الظروف لنمو هذه البوادر وتكاثرها. توصيات البنك الدولي يوصي تقرير البنك الدولي بوضع أهداف من بينها تحقيق التكافؤ مع البلدان المتقدمة في تكنولوجيا المعلومات والاتصال بحلول عام 2022. ويمكن لهذه الأهداف الجريئة أن تعمل على توحيد جهود الحكومات والمواطنين والقطاع الخاص نحو تحقيق جدول الأعمال الطموح. ومن شأن هذا الجهد أن يحول بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويساعد على ضمان عثور الملايين من شباب المنطقة على وظائف جيدة، والذي سيساعد حتما في نمو المنطقة. ويفيد التقرير في توقعاته الاقتصادية بأن النمو الإقليمي سيواصل التحسن بشكل متواضع ليصل إلى %2.8 بحلول نهاية عام 2020.
مشاركة :