تحقيق: يمامة بدوان أكد مركز محمد بن راشد للفضاء، أن دولة الإمارات تتبنى سياسة متميزة، تمثلت في الاستثمار بالعقول البشرية والكوادر الوطنية بشكل مستدام، الأمر الذي مكنها من النجاح على مستوى عالِ، كما أنها تجعل من حلم وصول الإنسان إلى المريخ حقيقة، وستؤهل وتستثمر بمقدرات الإنسان الإماراتي مدى العقود المقبلة إلى أقصى الحدود، لتثبيت البصمة الإماراتية في إثراء وإغناء المعرفة البشرية، لقيادة العالم في رحلة استكشاف الفضاء.وقال المهندس عدنان الريس، مدير برنامج المريخ 2117 في مركز محمد بن راشد للفضاء، في حوار مع «الخليج» إن الإمارات لديها رؤية ثابتة، لأن تكون في مصاف الدول المتقدمة التي ستقود الحلم البشري نحو الوصول للمريخ؛ حيث تم تشكيل فريق وطني، مكون من 15 مهندساً من مركز محمد بن راشد للفضاء، وجهات داخلية وخارجية، ووضع استراتيجية تشمل 4 محاور رئيسية، وهي البحث والتطوير، والتعليم والتمكين والتعاون الدولي، وذلك ضمن «خطة أجيال» ل100 عام.وأوضح أن المركز لا يهدف إلى الانتظار 100 عام، كي يشهد نتائج الاستراتيجية، بل يسعى لأن يعيشها الجيل الحالي، ومن أجل ذلك يتم التركيز على التحديات، وإيجاد حلول تتناسب مع طبيعة الحياة على الكوكب الأحمر؛ حيث من المتوقع التوصل لحلول مبتكرة في غضون 5-10 سنوات مقبلة.وشدد على أهمية أن تشمل المناهج التعليمية لمختلف المراحل الدراسية مواد توضح ماهية الفضاء وطبيعة الكواكب، مشيراً إلى أن عدداً من الجامعات الوطنية توجهت نحو تخصيص مساقات تتعلق بقطاع الفضاء والطيران، وبرنامج دراسات عليا في مجال الاستشعار عن بُعد، والفضاء والفيزياء الفلكية.. وفيما يلي الحوار كاملاً: * مشاركتكم في «جيتكس فيوتشر ستارز»، هل تعتبر بوابة لمنافسة حقيقية بين شركات تكنولوجيا الفضاء الناشئة لعرض تقنياتها، من خلال «تحدي الابتكار» الذي أطلقه المركز مؤخرا؟ - يهدف مركز محمد بن راشد للفضاء من خلال مبادراته الرائدة إلى أن يصبح حاضنة للابتكار والمبتكرين في مجال العلوم والتقنيات المبتكرة من جميع أنحاء العالم، من خلال «تحدي الابتكار» الذي أطلقه المركز، ويشارك في «جيتكس فيوتشر ستارز»، الذي يستضيفه مركز دبي التجاري العالمي، خلال الفترة ما بين 14 و17 أكتوبر الجاري، بالتزامن مع انعقاد «أسبوع جيتكس للتقنية 2018»، كما يعد التحدي واحدة من المبادرات التي تسعى لخلق منصة عمل محفزة وداعمة للمبتكرين ورواد الأعمال والشركات الناشئة.وبات من الأهمية وجود القطاع الخاص في المشاريع الفضائية، سواء في تطوير الأقمار الصناعية أو الوصول للمريخ وغيرها؛ حيث نسعى من خلال «تحدي الابتكار» إلى خلق بيئة محفزة لرواد الأعمال والشركات الناشئة والمتوسطة، المحلية والعالمية. تحدي الابتكار * كيف يمكن لمبادرة «تحدي الابتكار»، أن تصبح منصة عمل محفزة وداعمة للمبتكرين ورواد الأعمال، وما هي أبرز الامتيازات التي يتيحها المركز للمشاركين؟ - يتيح مركز محمد بن راشد للفضاء، للشركات المشاركة في تحدي الابتكار جملة من الامتيازات، من أبرزها تمكين هذه الشركات من عقد اجتماعات فردية مع فريق إدارة المركز، إلى جانب الالتقاء بشبكة واسعة من المستثمرين من جميع أنحاء العالم، كما خصص المركز جوائز مالية قيّمة للشركات التي سيجري اختيارها بناء على التحديات تتراوح بين 10 و20 و30 ألف دولار أمريكي، أيضاً يمكن للشركات ال 15 المتأهلة للمرحلة النهائية، عرض الابتكارات الخاصة بها مجاناً في «جيتكس فيوتشر ستارز»، كما تتيح المشاركة في التحدي فرصة قوية للشركات في العمل مع مركز محمد بن راشد للفضاء، لتطبيق ابتكاراتها في مشاريع المركز القائمة حالياً أو المستقبلية.وتتمثل فئات المنافسة في ابتكار تقنيات لجميع جوانب تصنيع المركبة الفضائية (البرمجيات والأجهزة) والتكنولوجيات التمكينية، أنظمة تجهيز البيانات ومعالجتها على متن مركبة الفضاء، وأنظمة تجهيز البيانات ومعالجتها واستخدامها على الأرض، إلى جانب التطبيقات غير المباشرة ذات الصلة بالفضاء التي تهدف إلى استخدام التكنولوجيات الفضائية القائمة لتحسين نوعية الحياة، كما حدد المركز تحدياً خاصاً بالحياة على الأرض مثل ابتكار منازل منخفضة أو صفر الطاقة. مناهج تعليمية * هل هناك توجهات أو توصيات لإدراج مساقات تتعلق بعلوم الفضاء في الجامعات والمدارس، كي يحصل الطلبة على معلومات تؤهلهم للتخصص في هذا القطاع مبكراً؟ - منذ بدايات تأسيس المركز، ونحن نعمل على وجود مواد متخصصة بعلوم الفضاء في شتى المراحل الدراسية، ففي العام 2009، كان لنا أول تعاون مع وزارة التربية والتعليم، عبر جزئية تتحدث عن الفضاء والأقمار الصناعية في منهاج الجغرافيا للصف التاسع، كذلك فإنه من المهم جداً أن تشمل المناهج التعليمية لمختلف المراحل الدراسية مواد توضح ماهية الفضاء وطبيعة الكواكب؛ حيث إن التعاون مع الجهات التعليمية موجود؛ إذ هناك جامعات توجهت نحو تخصيص مساقات وبرامج تتعلق في قطاع الفضاء والطيران كما الحال في جامعة خليفة، كما أن جامعة الإمارات، استحدثت برنامج دراسات عليا في مجال الاستشعار عن بُعد، فضلاً عن أن جامعة الشارقة تعتزم إطلاق برنامج ماجستير الفضاء والفيزياء الفلكية.كما أن الطلبة يشاركون في برامج الابتعاث للخارج ضمن مهمات مسبار الأمل، ومنهم من يشارك من خلال المركز في مشاريع بحثية ضمن مشاريع التخرج، أو ضمن برامج الابتعاث للولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة الصيف. سابقة تاريخية * برنامج المريخ 2117، سابقة ستسجل في تاريخ دولة الإمارات؟ إلى أين وصلتم في تنفيذ البرنامج؟ وما هي الخطوات المقبلة؟ وهل هناك ميزانية تم رصدها لكل مرحلة؟ - لدينا أفكار كبيرة تتعلق بكيفية التعاون مع المجتمع الدولي، من أجل تحقيق الاستدامة في قطاع الفضاء واستكشاف الكواكب، كما أن الحكومة الرشيدة رصدت ميزانية للعمل على الاستراتيجية للسنوات السبع المقبلة، بالتعاون مع هيئة تنظيم اتصالات، وهي الجهة الممولة للمشاريع ضمن استراتيجية المريخ 2117، فيما يصل حجم الاستثمارات في قطاع الفضاء الوطني إلى أكثر من 22 مليار درهم، تشمل المشاريع الفضائية والمبادرات وغيرها.كما أن هدفنا ليس الانتظار 100 عام، كي نرى نتائج الاستراتيجية، بل نسعى لأن يعيشها الجيل الحالي، ومن أجل ذلك يتم التركيز على التحديات، وإيجاد حلول تتناسب مع طبيعة الحياة على الكوكب الأحمر. مكونات رئيسية * من أهم مرتكزات المدينة العلمية، تطوير الأبحاث لمواجهة تحديات استيطان المريخ؟ هل تعتقدون أنه بالإمكان التوصل إلى حلول مبتكرة تحاكي ظروف العيش على المريخ، وتحقيق الحلم في 2117؟ - من المتوقع التوصل لحلول مبتكرة في غضون 5-10 سنوات مقبلة؛ حيث إنه من المكونات الرئيسية لمدينة المريخ العلمية، والتي يميزها عن المدن الأخرى، وجود قسم خاص لمحاكاة الحياة على سطح الكوكب الأحمر، بهدف تطوير التقنيات والآليات، التي تشمل المواد المستخدمة للبناء، والتي يجب أن تكون عازلة لارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها، لحماية الإنسان من البيئة القاسية، من أجل الحياة فعلياً على المريخ. رؤية واضحة * بحسب توقعاتكم، أين سنرى الإمارات في العام 2117 في خريطة استكشاف الفضاء؟ وهل هناك توجهات لقيادة العالم في هذا المجال؟ - تتبنى دولة الإمارات سياسة متميزة، مكنتها من النجاح على مستوى عالِ، تتمثل في الاستثمار بالعقول البشرية والكوادر الوطنية بشكل مستدام، وذلك من خلال التركيز على التعليم، من أجل أن نكون رواداً في هذا القطاع، لقيادة العالم في رحلة استكشاف الفضاء.والإمارات تجعل من حلم وصول الإنسان إلى المريخ حقيقة، وستؤهل وتستثمر بمقدرات الإنسان الإماراتي مدى العقود المقبلة إلى أقصى الحدود، لتثبيت البصمة الإماراتية في إثراء وإغناء المعرفة البشرية؛ حيث إن مشروع المريخ 2117 سيحدث نقلة نوعية في قطاعات العلوم والتكنولوجيا على مستوى العالم.كما أن لدى قيادتنا الرشيدة رؤية واضحة ل100 عام، وهذا يوضح الفرق بيننا وبين الآخرين؛ حيث لدينا التزام للأجيال المقبلة، ورؤية ثابتة، لأن نكون في مصاف الدول المتقدمة التي ستقود الحلم البشري نحو الوصول للمريخ، وذلك نابع من مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «أنا وشعبي لا نرضى إلا بالمركز الأول»، ومن أجل ذلك نسعى للمركز الأول في مجال استكشاف الفضاء. تعاون مشترك * هل هناك تعاون دولي مشترك مع البلدان التي تتبنى مشاريع لاستكشاف الفضاء؟ وإلى أي درجة يمكن الاستفادة من تجاربهم بهدف اختصار الوقت وتجاوز الصعوبات؟ - حرصاً من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على المتابعة من حيث انتهى الآخرون، فإنه من الأهمية الاطلاع على الخطط المثيلة للدول التي تتبنى مشاريع لاستكشاف الفضاء، وقد أصبحت الإمارات أول دولة عربية عضواً في اللجنة الدولية لاستكشاف الفضاء، كما تم الاتفاق على خريطة استكشاف للفضاء الخارجي بين كل من وكالة الإمارات للفضاء و«ناسا» ووكالة الفضاء الأوروبية واليابانية، وجرى تحديد القضايا التي يحتاجها البشر للتغلب على التحديات.كما أن الانضمام للجنة، يعتبر دليلاً على اعتراف العالم بأهمية برنامج الإمارات الفضائي، فضلاً عن دعم نهج خريطة طريق توسع الوجود البشري في المجموعة الشمسية مع وضع مهمة إرسال البعثات الفضائية إلى كوكب المريخ كهدف طويل المدى. بناء القدرات * «خطة أجيال» لمدة 100 عام، تتضمن بناء قدرات وكوادر وطنية تخصصية في مجال علوم الفضاء والأبحاث، إلى أين وصلتم فيها؟ - عقب إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن الخطة، تم تشكيل فريق وطني، مكون من 15 مهندساً من مركز محمد بن راشد للفضاء، وجهات داخلية وخارجية، ووضع استراتيجية تشمل 4 محاور رئيسية، وهي البحث والتطوير، والتعليم والتمكين والتعاون الدولي؛ حيث إنه من أجل بناء مستوطنة على المريخ، وإرسال البشر إلى هناك، فإننا نحتاج إلى التغلب على الصعوبات التقنية والعلمية، التي تتضمن كيفية وصول المواد المستخدمة بالبناء إلى سطح الكوكب الأحمر وكيفية استدامة الحياة عليه، كما هناك تحديات المياه والغذاء والتنقل والطاقة.وتشكل فئة الطلبة أهمية كبرى في خطة أجيال ل 100 عام، ومن أجل تأهيل هذه الفئة بالمستقبل لإكمال ما وصلنا إليه في الخطة، تم إطلاق عدة مبادرات على مستوى المدارس، منها المخيم الصيفي ونشاطات ما بعد المدرسة، أما بالنسبة لطلبة الجامعات، فهناك شراكات مع الجامعات المحلية. مدينة المريخ العلمية يعد مشروع «مدينة المريخ العلمية»، خطوة جديدة في مسيرة البشرية نحو الفضاء، خاصة أن هذه المدينة ستحاكي ظروف العيش على المريخ من أرض الإمارات، وتلبي المدينة العلمية احتياجات المستقبل لارتياد الكوكب الأحمر، وتعد الأكبر عالمياً بقيادة فريق هندسي إماراتي من مركز محمد بن راشد للفضاء وبلدية دبي، لتحتل دولة الإمارات مكانة رائدة مع بقية الدول المتقدمة المهتمة بعلوم الفضاء وحلم الوصول إلى المريخ.وستوفر أقسام المدينة آفاقاً استكشافية؛ حيث تنقسم حديقة المريخ إلى 3 أقسام، المتحف العلمي المخصص لعرض إنجازات الإمارات في مجال الفضاء، والمعرض المؤقت، الذي يركز على التعليم الترفيهي وعرض إنجازات البشرية في علوم الفضاء، وسيشكل قسم المختبرات حيزاً مهماً لمواجهة تحديات أمن الغذاء والمياه والطاقة محلياً ودولياً.وتشمل استراتيجية هذه التجربة النوعية، إشراك فريق بشري مختص، سوف يعيش داخل مدينة المريخ لمدة عام واحد وسط ظروف بيئية وحياتية تحقق الاكتفاء الذاتي من الطاقة والمياه والغذاء. كوادر وطنية يضم مشروع «المريخ 2117»، برنامجاً وطنياً لإعداد كوادر إماراتية علمية متخصصة في مجال استكشاف المريخ والفضاء، ويهدف إلى بناء أول مستوطنة بشرية على الكوكب الأحمر خلال 100 عام من خلال قيادة تحالفات علمية، كما يشمل المشروع مسارات بحثية متوازية، تتضمن استكشاف سبل الحياة على المريخ وآليات بناء أنظمة نقل وتوفير الطاقة والسكن والغذاء كعوامل تشكل أساس الحياة على الكوكب. ويتضمن المشروع أيضاً، إجراء بحوث مستفيضة بشأن تطوير وسائل أسرع من تلك الموجودة حالياً للسفر من وإلى الكوكب الأحمر، إلى جانب وضع تصور علمي متكامل لأول مستوطنة بشرية، عبارة عن مدينة صغيرة تمتلك كل مقومات الحياة المدنية البشرية.وسيبدأ مشروع «المريخ 2117» بفريق علمي إماراتي قبل أن يتوسع لاحقاً، ليضم علماء وباحثين من مختلف أنحاء العالم.
مشاركة :