شهد الشارع السوري جدلا كبيرا بعد موافقة الحكومة السورية أخيرا على مشروع قانون رآه البعض تهديدا لعلمانية الدولة السورية، وتكريسا للسلطة الدينية. فقد كشف نبيل صالح عضو مجلس الشعب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن موافقة الحكومة على مشروع القانون الذي يعطي صلاحيات واسعة لوزارة الأوقاف. وبحسب صالح فإن القانون رقم 16 المؤلف من 39 صفحة يتيح لوزارة الأوقاف "التحكم في مؤسسات مالية وتربوية، واخرى للانتاج الفني والثقافي" و"تأميم" النشاط الديني، على حد وصفه. وقال صالح إن المجلس فوجئ خلال جلسته الأخيرة بموافقة الحكومة على مشروع جديد لوزارة الأوقاف "يدعو في ظاهره للتطوير والتحديث ومكافحة الإرهاب، وفي باطنه يرسخ وزارة الأوقاف كمؤسسة مستقلة عن الحكومة، كما يضاعف سلطان وزيرها بحيث يغدو أكبر من وزارته، وهذا لا يستقيم في قوانين الإدارة الحديثة" على حد قوله. وقال صالح إن المجلس لم يكن على علم مسبق بهذا القانون، واعتبره " مخالفاً لقانون العمل والقوانين المالية والرقابية في البلاد، كما أنه يخالف المبدأ الأول في الدستور السوري، الذي يقول إن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات". وأضاف" إن هذا القانون سيزيد من صلاحيات وزارة الأوقاف، وبالتالي سيصبح النظام السوري نسخة من النظام الديني السعودي". أما علاء السيد، وهو محام سوري، فيؤكد أن القانون قد نشر من قبل في الجريدة الرسمية الحكومية "التي تختص بنشر المراسيم والقوانين ولا علاقة لها بالصحف الحكومية الأخرى كتشرين والبعث وغيرها". ووصفت مجد نيازي، رئيسة حزب "سوريا الوطن"، في منشور على صفحتها على فيسبوك، الميزات التي ستعطى لوزارة الأوقاف ورجال الدين بأنها إعادة لسورية للعصر الوهابي وفق تعبيرها، كما دعت إلى وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب. ومن ضمن البنود التي نص عليها القانون ان وزير الأوقاف يعد المسؤول عن تنفيذ خطة الدولة فيما يختص بالوزارة، واعتباره المرجع الأعلى وعاقد النفقة وآمر التصفية والصرف لنفقاتها، كما سيعتبر الوزير الممثل الشرعي والقانوني للأوقاف الإسلامية في سوريا. ومن بين صلاحيات وزير الأوقاف أنه هو من سيتولى تعيين مفتي الجمهورية ولمدة 3 سنوات غير قابلة للتمديد. في حين كان هذا المنصب يعين سابقا من قبل رئيس الجمهورية مباشرة ومدى الحياة. كما ينص القانون على إنشاء 1355 وحدة دينية في المدن والبلدات والمناطق السورية، يدير كل وحدة المفتي الخاص بها. كما ينص كذلك على اعتماد الفريق الديني الشبابي" في الوزارة، لتمكين وتأهيل نسق من الأئمة والخطباء ومعلمات القرآن الكريم من الجيل الشاب. ويتكون الفريق الديني الشبابي، بحسب ما أوردت وكالة سانا السورية الرسمية، من مجلس مركزي مؤلف من 10 أعضاء، يعتمد على متطوعين شباب بينهم أئمة وخطباء مساجد من جميع المحافظات، والهدف منه هو "تطوير الخطاب الديني المعاصر عبر مبادرات عملية تجعله أكثر مرونة واقترابا من هموم الوطن والمواطنين وبعيدا عن التعصب والانغلاق". من جانبه اوضح وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد في لقاء مع قناة "الإخبارية" السورية، أن الغاية من القانون هو "تطوير القوانين القديمة للوزارة، وأنه كباقي مشاريع المراسيم التي تضعها مختلف الوزارات لتنظيم عملها". واضاف انه "للمرة الأولى يصدر في سوريا تشريع لضبط العمل الديني"، ونوه الى وجود نص في مشروع المرسوم يتعلق "بمحاربة الفكر التكفيري المتطرف كالوهابية والإخوان". واشار الوزير الى ان "موضوع وجود مفتي في كل وحدة إدارية غير صحيح ، فهناك من زور نسخا للمرسوم، و الكثير مما تم تداوله غير موجود أصلاً، كما ان هناك نصوصا مدسوسة زورا في نسخ نُشرت للمرسوم ضمن وسائل التواصل". هل يكرس القانون الجديد لدولة دينية في سورية كما يرى معارضوه؟ ما هي مميزات وعيوب القانون الجديد؟ هل هناك دلالة لصدور القانون في هذا التوقيت؟ كيف يمكن تجاوز الجدل الكبير الذي أثاره القانون؟ هل يؤثر القانون على الوضع في سوريا في ظل الصراع الدائر منذ سنوات؟ كيف؟
مشاركة :