وصف الروائي والفيلسوف الروسي ليو تولستوي أعظم محاربين، وهما الصبر والزمن. وبحسب مقالة في «صحيفة التايمز البريطانية»، فإن إيران لا تملك أيا منهما، ونتيجة لهذا فإن الحرب الباردة بين واشنطن وإيران تزداد قوة، خاصة مع وجود فترة أقل من شهر قبل أن يتم إعادة فرض حظر نفطي أمريكي صارم على إيران، وتلوح مواجهة محتملة خطيرة على جبهات مختلفة. ووصفت الصحيفة قرار أمريكا بالبقاء في سوريا بالحكيم، حيث إن أمريكا محقة بالبقاء والثبات في مكانها. وأشارت إلى أن الحدود الممتدة لمسافة 12 ميلا ما بين الحدود السورية والعراقية، تحولت إلى ساحة للتنافس بين الميليشيات التي تدعمها إيران، وتلك التي تدعمها الولايات المتحدة من ناحية، ومضيق هرمز، هو النقطة الثانية المرشحة للمواجهة، فالبحرية الإيرانية تجد طرقا لعرقلة نقل نفط الخليج إلى الغرب، ونفذت إيران مناورة بحرية في المضيق في أغسطس. القواعد الأمريكية أصبحت القواعد الأمريكية في العراق عرضة للخطر، فتلقي مجمعات أمريكية في البصرة وبغداد الشهر الماضي ضربات صاروخية، والهجمات بالصواريخ على مواقع لداعش في سوريا، ليست مجرد عملية مكافحة إرهاب، فهي إشارة على أن طهران لا تزال جاهزة لهجمات من الجو، فيما يحذر الخبراء الأمريكيون من إمكانية شن إيران حربا الكترونية. وإن الهدف الاستراتيجي الذي تعمل إيران على تحقيقه، هو بناء ممر بري يمتد من أراضيها عبر العراق وسوريا إلى لبنان، فيما تعمل أمريكا على منع إيران من السيطرة، لهذا تراجع الرئيس ترمب عن قراره الأول الداعي للاستعجال والخروج من سوريا، وتعهد مبعوث الخارجية الأمريكي الجديد إلى سوريا بجعل الحياة أكثر بؤسا لإيران، وقال مستشار الأمن القومي جون بولتون، إن القوات الأمريكية ستظل في سوريا طالما بقيت القوات الإيرانية بها. التحايل على العقوبات يسير البلدان نحو التصادم، فواحدة ترغب في بناء نسخة حديثة من الإمبراطورية الفارسية، وأخرى تريد نزع أنياب الملالي، وبالنسبة لطهران فإن العقوبات الأمريكية على النفط، هي بمثابة حرب مالية. حيث غيرت سبع ناقلات إيرانية على الأقل بياناتها، حتى لا تتمكن الولايات المتحدة من تحديد الوجهة المقصودة والهدف واضح، وهو التحايل على السيطرة الأمريكية، والتلويح بالحرب، وتوسيع مساحة الخلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. هذا ولم يخف الدبلوماسيون الإيرانيون فرحتهم عندما انضمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى كل من الصين وروسيا للبحث عن طرق للتحايل على العقوبات الأمريكية، ولو حاولت إيران ضرب الولايات المتحدة بأي طريقة فإن على الأوروبيين التفكير مرة ثانية. التعاون تؤكد الصحيفة على أن هدف الغرب يجب ألا يسمح لإيران بتقسيمه، بل يجب عليهم التعاون معا، والعمل على كسر المحور الذي يربط إيران وروسيا. ففي العام الماضي وعد رئيس النظام السوري إيران بمنحها حقوق التنقيب عن الفوسفات في منطقة تدمر، لكنه منح الآن رخصة لروسيا حتى 2068، وليس لطهران، وحاول الإيرانيون الحصول على أراض مهمة تقع بين داريا في ريف دمشق ومقام السيدة زينب، وتم إحباط المحاولة، ومنذ 2011 مددت إيران قروضا بقيمة 7 مليارات دولار، لكنها استبعدت من قبل الروس من كل مشاريع إعادة الإعمار. وتختتم الصحيفة أن أي شخص يعتقد أن الحرب السورية في طريقها للنهاية عليه التفكير مرة أخرى، فهناك مرحلة جديدة من الحرب تحاول فيها الولايات المتحدة، أو من خلال حلفائها، ردع إيران عن عمليات التخريب في المنطقة، وقرار أمريكا بالبقاء في سوريا قرار حكيم حيث أن أمريكا محقة بالبقاء والثبات في مكانها.
مشاركة :