هاجم الحزب «الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني نظيره حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بـقيادة عائلة الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، متهماً إياه بـ «تخريب الصف الكردي». وهدده بـ «اتباع آلية جديدة» في التعامل واتخاذ القرارات، فيما أكد الأخير أن «السلم ووحدة الصف لن يتحققا عبر أسلوب التهديد والغضب»، داعياً إلى الحفاظ على «وحدة الموقف والتوازن السياسي في إقليم كردستان العراق». ويخيم قلق على الشارع الكردي من أن يعمق اتساع الشرخ بين الحزبين الحاكمين من أزمتي الإقليم السياسية والاقتصادية، على خلفية تفاقم خلافتهما على تقاسم المناصب في الحكومة الاتحادية، وتبادلهما اتهامات بارتكاب «تزوير» في الانتخابات البرلمانية المحلّية التي أجريت الأحد الماضي، وسط مخاوف من انحدار الأوضاع نحو عودتهما إلى نظام «حكم الإدارتين» الذي نشأ بفعل الحرب الأهلية التي خاضاها منتصف تسعينات القرن الماضي. واعتبر رئيس حكومة الإقليم نائب رئيس «الديموقراطي» نيجيرفان بارزاني خلال مؤتمر صحافي أمس أن «ما فعله حزب الاتحاد من تصرف أحادي في انتزاع منصب رئاسة الجمهورية، سابقة خطيرة وبداية مقلقة للمرحلة المقبلة في الإقليم»، لافتاً إلى أن «ذلك تم خارج إرادة شعب كردستان». وأشار إلى أنه «في آخر زيارة لنا إلى بغداد، حاولنا الحفاظ على وحدة الصف الكردي، كون المنصب من حق الأكراد ككل وليس حزباً بعينه». وزاد: «كان يفترض أن يحسم الأمر من قبل الكتل الكردية في بغداد، وطلب الأخوة في الاتحاد منا منحهم بعض المناصب، مقابل طرح مرشح كردي وحيد ووافقوا، لكنهم أخلّوا لاحقاً بالاتفاق». وحول احتمالات العودة إلى نظام «حكم الإدارتين»، قال بارزاني: «لم يتطرق أحد إلى هذا الأمر الذي لن يحصل، لكن من الآن فصاعداً سيتعامل حزبنا مع حزب الاتحاد وفق قاعدة جديدة، لأننا في كل المراحل كنا نشركهم معنا في اتخاذ القرارات، على رغم أن عدد مقاعدهم أقل من مقاعدنا بكثير، لكنهم اليوم يتحدثون عن غالبية وأقلية». وأضاف: «ليكن قلب بغداد مع من يكون، إلا أن عقلها سيبقى مع إربيل، لأنها تعرف جيداً أين يكمن القرار السياسي في الإقليم». وقبيل إعلان نتائج انتخابات الإقليم، تشير البيانات الأولية إلى فوز حزب بارزاني بالمرتبة الأولى بعدد مقاعد قد تفوق 43 من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 111 مقعداً، وبفارق كبير عن الاتحاد الوطني الذي قد لا يتخطى عدد مقاعده الـ22 مقعداً، بعد خوضهما منافسة حامية رافقها اتهامات متبادلة بارتكاب تزوير واسع النطاق. واتهم حزب بارزاني في بيان عقب اجتماع قيادته، حزب طالباني بـ «تخريب التوافق الذي كان قائماً بين القوى الكردية في اختيار رئيس الجمهورية، والذي لا نعتبره هذه المرة، جراء الآلية التي اتبعت، ممثلاً أو استحقاقاً للشعب الكردستاني، ذلك أنه فتح باباً لآخرين كي يقرروا عن الأكراد هذا الاستحقاق». وأفاد القيادي في «الديموقراطي» علي تتر بأن حزبه «ليس مضطراً بعد الآن إلى أن يقدم للاتحاد أكثر من استحقاقه وحجمه على حساب نضالنا وناخبينا». وقال: «هذه المرة سنتعامل معهم وفقاً لثقلهم النيابي الذي هو أقل من نصف مقاعدنا». وأكد القيادي في «الاتحاد الوطني» قباد طالباني خلال كلمة ألقاها لمناسبة إحياء الذكرى الأولى لوفاة والده مؤسس الحزب رئيس الجمهورية جلال طالباني، أن الأخير «كان دائماً يرفض التوترات والخلافات، ويؤكد أن كردستان لن تتقدم إلا بتحقيق السلم السياسي والاجتماعي والوحدة بين الأطراف، لذا كان يصر على أن تكون العلاقات مع الحزب الديموقراطي متينة»، داعياً إلى «مواصلة هذا النهج للحفاظ على وحدة الإقليم والتوازن السياسي». إلى ذلك، حض نائب رئيس حزب طالباني كوسرت رسول على «وحدة الصف الكردي، خصوصاً بين الاتحاد والديموقراطي»، مشدداً على «ضرورة تعزيز ثقلهما في بغداد». ولفت إلى أن «السلم والوحدة لن يتحققا عبر أسلوب العنف والغضب». وفي مؤشرات على توتر العلاقة بين الحزبين، اتهمت وسائل إعلام تابعة لحزب طالباني نظيره «الديموقراطي»، بـمنع أحد موظفي «الاتحاد» من مزاولة عمله الرسمي في ديوان رئاسة الإقليم، في حين نفى الأخير صحة تلك الادعاءات. ودعا وسائل الإعلام إلى «التعامل بمسؤولية في نقل الأخبار وعدم نشر إشاعات لن تخدم أي جهة». ولم يخفِ القيادي في «الاتحاد الوطني» اريز عبدالله قلقه من أن «ينعكس موقف حزب بارزاني المتشنج إزاء منصب الرئاسة سلباً على تشكيل حكومة الإقليم المقبلة».
مشاركة :