فرنسا تتجه لإلغاء ضريبة مثيرة للجدل على أثرى الأثرياء

  • 1/5/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تستعد فرنسا لإلغاء إجراء اتخذ في بداية عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند ويتمثل في فرض ضريبة نسبتها 75 في المائة على الموارد الكبيرة جدا، بعدما أثار جدلا أكثر، ما سمح بإدخال أموال إلى خزانة الدولة التي تعاني عجزا. وأصبحت الضريبة التي توصف بأنها مساهمة استثنائية تعبيرا عن التضامن وعد بها هولاند في أحد التجمعات خلال الحملة الانتخابية في 2012 وأقر بعض التعديلات بعد انتخابه، تعيش أيامها الأخيرة إذ إن الشركات التي تدفعها أمهلت حتى الأول من شباط (فبراير) لتسديد الشريحة الأخيرة منها. وبحسب "الفرنسية"، فإن إلغاء هذه الضريبة المثيرة للجدل كان مقررا منذ فترة طويلة، وقد فرضت في البداية على الدخل للسنوات 2013 و2014 ولم تدرج في ميزانية 2015 التي أقرها البرلمان الفرنسي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وكان مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي قد أعلن خلال زيارة إلى لندن في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أن هذه الضريبة التي أثار فرضها ضجة كبيرة في البلاد لن تمدد. وهذا التأكيد في العاصمة البريطانية التي زارها فالس مشيدا بسياستها "المؤيدة لقطاع الأعمال" يرتدي طابعا رمزيا، فحتى قبل فرضه، أثار الإجراء توترا دبلوماسيا بين فرنسا وبريطانيا. وخلال قمة العشرين في المكسيك في حزيران (يونيو) 2012، قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني المحافظ إنه مستعد لاستقبال الشركات الفرنسية التي يستهدفها المشروع مثيرا استياء هولاند الذي كان قد تولى مهامه قبل شهر ونصف الشهر فقط. وعلى الرغم من أن الضرائب في فرنسا تعد الأعلى في أوروبا، إلا أنه لم تثر ضريبة جدلا كهذا منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما فرض رئيس اشتراكي آخر هو فرنسوا ميتران ضريبة على الثروة لم تتم مراجعتها منذ ذلك الوقت. وشكلت الضربة السياسية التي تمثلت بإطلاق فكرة فرض ضريبة نسبتها 75 في المائة في شباط (فبراير) 2012 مفاجأة للجميع، وسمحت لهولاند بتنشيط حملته الانتخابية التي كانت مهددة حينذاك بصعود جان لوك ميلانشون مرشح اليسار الراديكالي، وبعد فوزه أصر هولاند على الوعد في الأشهر التي تلت توليه السلطة، ما أثار توترا شديدا في أوساط الأعمال. وتصاعد الجدل خريف 2012 مع إعلان الملياردير برنار أرنو أغنى رجل في فرنسا ورئيس المجموعة العالمية الأولى للمنتجات الفاخرة أنه طلب الجنسية البلجيكية. وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي اتهم الممثل جيرار ديبارديو أحد أشهر الفنانين الفرنسيين في العالم مصلحة الضرائب بأخذ 85 في المائة من دخله وطلب الجنسية الروسية. وكانت صحيفة "ليكو" الفرنسية، التي تعنى بشؤون المال، قد كشفت عن هجرة مالية إلى بلجيكا مشيرة إلى أن أثرياء فرنسا نقلوا نحو 17 مليار يورو من أموالهم إلى بلجيكا، حيث معدلات الضريبة أقل من مثيلتها في فرنسا. ومن بين الأثرياء الفرنسيين الذين نقلوا أموالهم إلى بلجيكا، بيرنار أرنو رئيس مجموعة البضائع الفاخرة "إل في إم إتش"، وستيفان كوربيه القطب الإعلامي، وبيرنار تابي رجل الأعمال الثري، وعائلة مويز المالكة لسلسلة أسواق أوشان. وأشارت الصحيفة إلى أن 20 على الأقل من بين أثرى 100 فرنسي يستثمرون جزءاً من ثرواتهم في بلجيكا، وأن أعداداً أكبر بكثير من هؤلاء بين أثرى 500 فرنسي. وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن المناخ الاستثماري وفرص العمل في بلجيكا كانت أكثر جذباً لأثرياء فرنسا، وقدرت عدد الفرنسيين الموجودين في بلجيكا بنحو 250 ألف شخص، بينهم قرابة 13 ألف رجل الأعمال. وفي نهاية 2012، رد المجلس الدستوري فرض هذه الضريبة مشيرا إلى خطر عمليات مصادرة، وأقرت في نهاية المطاف في أواخر عام 2013 بصيغة معدلة لتدفع الشركات الضريبة على القسم الذي يتجاوز مليون يورو من عائدات موظفيها وحدد سقفها بـ 5 في المائة من حجم الأعمال. ومن ألد أعداء هذه الضريبة ناديان لكرة القدم هددا خريف 2013 بإضراب في المباريات، لكن المبادرة فشلت في الحصول على تأييد جمهور لقضية لاعبين أثرياء من أندية كبيرة مثل باريس سان جيرمان. وتفيد تقديرات الحكومة أن ضريبة الـ 75 في المائة درت خلال سنتين أكثر بقليل من 400 مليون يورو، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بـالعجز الذي تواجهه فرنسا والبالغ مليارات اليورو. ويتزامن عدم تمديد هذه الضريبة مع التوجه الإصلاحي الذي اتخذه هولاند العام الماضي بسياسة ترتكز على خفض أعباء الشركات لإنعاش الاستثمار والوظيفة في بلد يواجه نسبة بطالة عالية.

مشاركة :