قد يكون رئيس الاحتياط الفيديرالي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول، يبدي تفاؤله في شأن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، غير أنه أعرب عن مخاوف، قال ممازحاً إنها تحرمه من النوم. وذكر من بين الأسئلة التي تراوده: هل سيتسارع التضخم؟ وهل أن معدلات الفوائد أعلى أو أدنى مما ينبغي؟ وهل هناك أخطار محدقة بأكبر اقتصاد في العالم؟ وأضاف بنبرة ساخرة خلال منتدى نظمه مركز «المجلس الأطلسي» للدراسات أول من أمس، أنه «في الإجمال، كل شيء» يحرمه من النوم، في حين أن الآخرين يرقدون مطمئنين، مشيراً إلى أن «لا أحد يريد حاكم مصرف مركزي ينام نوماً عميقاً». وفي طليعة هذه الأسئلة، المخاوف المحيطة بالسياسة النقدية التي ينتهجها الاحتياط الفيديرالي، لكنه تابع: «أعجز عن النوم بسبب مسائل تختلف ليلة عن ليلة». في المقابل، لفت إلى أن نسبة البطالة متدنية جداً، في حين أن التضخم معتدل، موضحاً في تصريحات عكست التناقضات التي تتجاذبه: «ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن هذه الدورة لن تتواصل لبعض الوقت». وتطرق إلى الأزمة المقبلة التي قد تحصل في المستقبل، فقال إنها ستكون مختلفة عن أزمة 2008 في غياب بوادر بلبلة مالية أو مشاكل في القطاع المصرفي، ورأى أنها قد تكون مشكلة مماثلة لهجوم إلكتروني. وحذّر من أن السياسة الحمائية التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب وتباطؤ اقتصادات كبرى مثل الصين، قد تكون عوامل «سيئة للعمال الأميركيين والاقتصاد الأميركي». وطرح سيناريو عكسياً، فقال إنه في حال أدت التوترات التجارية التي باشرها ترامب بقراره فرض رسوم جمركية إضافية على 250 بليون دولار من البضائع الصينية، إلى خفض الحواجز الجمركية وفرض احترام أكبر لقواعد التجارة الدولية، فإن «ذلك سيكون جيداً لنا». وتأتي تصريحات باول، إبان بيانات تشير إلى تعاظم الاقتصاد الأميركي. إذ تسارع نشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى في 21 عاماً خلال أيلول (سبتمبر)، في وقت زادت الشركات التوظيف في نهاية الربع الثالث من السنة. وقد تبقي هذه الأنباء الجيدة مجلس الاحتياط الاتحادي على مسار زيادة أسعار الفائدة مجدداً في كانون الأول (ديسمبر). ورفع المجلس أسعار الفائدة الأسبوع الماضي للمرة الثالثة خلال السنة. وارتفع مؤشر معهد إدراة التوريدات الفرعي للطلبات الجديدة 1.2 نقطة ليسجل قراءة عند 61.6 نقطة الشهر الماضي. وقفز مؤشر المسح للتوظيف في المصانع إلى 62.4 نقطة في أيلول من 56.7 نقطة في آب (أغسطس). كما استقر الدولار عند أعلى مستوى في ستة أسابيع، إذ ارتفعت العائدات على سندات الخزانة الأميركية أول من أمس، على خلفية بيانات قوية، ما دفع المستثمرين الى المراهنة على صعود العملة الأميركية في مقابل العملات ذات العائدات الأعلى وعملات الأسواق الناشئة. وازدادت العائدات على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشرة أعوام نحو 12 نقطة أساس أول من أمس، لتقفز إلى 3.23 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ منتصف 2011 بعدما جاءت بيانات الوظائف بالقطاع الخاص أقوى من المتوقع. ودفع مزيج من البيانات القوية وتعليقات مسؤولي البنك المركزي الأميركي في شأن سعر الفائدة، مؤشر الدولار إلى الارتفاع 0.2 في المئة إلى 96.1 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ 20 آب، ويقترب من أعلى مستوى منذ بداية السنة عند 96.99 نقطة، المسجل في منتصف آب. وفي الإطار، تراجع عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات للحصول على إعانة البطالة الأسبوع الماضي ليقترب من أدنى مستوى في 49 عاماً، ما يشير إلى استمرار قوة سوق العمل. وأكدت وزارة العمل الأميركية أمس، أن طلبات الإعانة الجديدة انخفضت ثمانية آلاف طلب إلى مستوى معدّل في ضوء العوامل الموسمية بلغ 207 آلاف طلب للأسبوع المنتهي في 29 أيلول (سبتمبر). وجرى تعديل طلبات الأسبوع السابق لتظهر زيادة ألف طلب فوق المعلن من قبل. وكانت طلبات الإعانة انخفضت إلى 202 ألف طلب في الأسبوع المنتهي 15 أيلول، وهو أدنى مستوى منذ تشرين الثاني 1969. وكان خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا انخفاض طلبات إعانة البطالة إلى 213 ألف طلب في أحدث أسبوع. وزاد متوسط طلبات أربعة أسابيع، الذي يعتبر مقياساً أدق لسوق العمل لأنه يستبعد التقلبات الأسبوعية، بمقدار 500 طلب في الأسبوع الماضي إلى 207 آلاف طلب. وتعتبر سوق العمل الأميركية عند حد التوظيف الكامل أو قريبة منه، وتشهد تعززاً في نمو الأجور ما قد يساهم في دعم إنفاق المستهلكين مع تبدد أثر باقة الخفوضات الضريبية البالغة 1.5 تريليون دولار التي وضعتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
مشاركة :