مع تدشين مشروع أو نظام «الحماية من الإيذاء» الذي ترعاه بعض الجهات المعنية بشؤون الأسرة والمجتمع، فإنه يتحتم على الجميع التعرّف على هذا النظام والتفاعل معه وتكريس مفهوم العمل الخلاَّق خدمة له، وللفئة المستهدفة فيه، إذ يعد هذا المشروع رؤية حضارية، وضرورة أخلاقية عصرية تفرضها التحديات الجديدة لا سيما فيما يتعلّق برعاية الإنسان وحمايته من الكثير من صور الإيذاء المعنوي والجسدي. فمفهوم الإيذاء قد يتلخص باستغلال الإنسان وإساءة معاملته والاعتداء عليه، إما من خلال عمل مهني، أو بصفة شخصية، أو اعتبارية، من قِبَلِ من يرعى شأنه أو يقوم على تربيته. وقد يلحق هذا الإيذاء بالصغار والقاصرين أو حتى بكبار السن، إلا أن صوره تبدو أليمة وقاسية حينما يتعلّق بالطفل، لا سيما ما تفرزه بعض المشاكل الأسرية، وانتقام بعض الأطراف في هذه الشراكة الزوجية الفاشلة من بعضهم، كالبطش والحبس والاحتجاز والإيذاء الجسدي الذي تكشفه بعض الجهات المعنية. ومع توفر هذا النظام وتكامل مشروعه النظري والتطبيقي فإنه من المهم أن يُنْهَضَ بتطبيقه، وأن تتضافر الجهود خدمة لهذه الفئة، مع السعي إلى تطوير الذات وبناء منظومات أسرية واجتماعية وبيئات عمل مناسبة، تكفل للفرد حياته وحريته وحقوقه المعنوية والمادية. ومن أبرز هذه الجهات والمنظومات التي ترعى هذا النظام وتعمل على تطبيقه وإنجاح مساعيه هي وزارات: الشؤون الاجتماعية والصحة والداخلية، إضافة إلى هيئة حقوق الإنسان واللجنة الوطنية للطفولة، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، إضافة إلى دور وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات المتميزة في المجتمع التي قد يكون لها دور فاعل في نجاح هذه الجهود، وخدمة هذه الحملات الوطنية لمحاربة آفة الإيذاء، والتقليل من أضراره، وحماية المجتمع من نتائجه السلبية. وتتوافر في هذا الاتجاه عناصر ثلاث يرتكز عليها هذا النظام؛ وهي: الحماية والعلاج والتأهيل، إلا أن بناء الثقة والتعاون بين هذه المؤسسات والأسر والأفراد هو الخطوة الأولى لنجاح هذه العناصر لا سيما حينما تكون هناك رغبة صادقة لدى الناس، مع وجود مختصين يسهمون في بناء منظومات عمل تدعم هذه الحملات، من أجل الحد من حالات الإيذاء التي يتعرض لها هؤلاء المستهدفون بمثل هذه المشاريع الإنسانية الضرورية. وربما الجانب الوقائي في مثل هذه الحالة هو المناسب والضروري أكثر من الجانب العلاجي، على نحو حل الكثير من المشاكل الأسرية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الفئة من الناس الذين لا يملكون الكثير من الحلول، وقد يكونوا ضحية لمثل هذه الممارسات من العنف.. فلا ذنب لهم إلا أنهم وقعوا ضحية لمثل هذه المشاكل والمعاناة. ومن أبرز تداعيات هذه الحالات من الإيذاء أنها تنعكس على المجتمع بنتائج مؤذية، حينما تخرج هذه النماذج إلى المجتمع أو الشارع، لتشاهدها رأي العين دون رقيب أو حسيب، في وقت كان من الأجدى وضع الحلول المناسبة مبكراً من أجل الوقاية من تداعياتها، وعلاج انحراف السلوك قبل أن يستفحل أو يتطور إلى ما لا تحمد عقباه.
مشاركة :