خفّضت السلطات السودانية أمس قيمة العملة الوطنية 60 في المئة إلى 47.5 جنيه للدولار، لمواجهة أزمة تراجع قيمة الجنيه نتيجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. وهذه المرة الثالثة التي يخفض فيها المصرف المركزي قيمة الجنيه منذ كانون الثاني (يناير) الماضي. وكان السعر الرسمي السابق للجنيه 28 جنيهاً للدولار، علماً أن قيمته تراجعت الأسبوع الماضي في السوق السوداء إلى 45.5 جنيه للدولار. وجاء قرار خفض قيمة العملة السودانية أمس بعد أسابيع على تشكيل الرئيس عمر البشير حكومة جديدة، معتبراً أن الحكومة السابقة فشلت في معالجة الأزمة الاقتصادية. وكانت «وكالة السودان للأنباء» نقلت عن المصرف المركزي أخيراً أن الخرطوم بدأت طباعة عملة من فئة 100 جنيه للمرة الأولى، لمواجهة أزمة في السيولة النقدية. وتحاول الحكومة خفض الإنفاق، في الوقت الذي تواجه ارتفاعاً قياسياً في التضخم، ونقصاً في العملة الصعبة، فضلاً عن تزايد القلق من تراجع حجم السيولة في المصارف. وأعلن محافظ المصرف المركزي محمد خير الزبير أخيراً أن السودان سيبدأ بتحديد سعر الصرف اليومي من خلال هيئة شُكّلت حديثاً من المصرفيين ومكاتب الصرافة، في إطار حزمة إجراءات لمواجهة الأزمة. وقال عضو الهيئة عباس عبدالله لوكالة «فرانس برس» إنها «قررت أن السعر اليوم هو 47.5 جنيه للدولار، وستجتمع يومياً لتحديد السعر». ونصح صندوق النقد الدولي وخبراء اقتصاد السودان بتعويم عملته لأن الفرق بين السعر الرسمي للجنيه وسعره في السوق الموازية أثرّ في اقتصاد البلد الأفريقي، ولكن ليس واضحاً هل هذا الخفض هو اتجاه نحو تعويم الجنيه. وقال مسؤول تنفيذي في مجموعة أعمال ضخمة: «حتى تعمل سوق العملات بصورة مثلى يجب أن يكون لدى المصرف المركزي احتياط من الدولار والجنيه في الوقت ذاته، وبالنسبة إلى احتياطات الدولار الوضع معروف للجميع». ويعاني السودان نقصاً في العملات الأجنبية منذ انفصال جنوبه عنه عام 2011 وخسارته عائدات نفطية. وأبدى تجار في سوق العملات دهشتهم للخفض الواسع لقيمة العملة، لكنهم أكدوا أن الفرق بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازية سيستمر. وقال أحدهم، طالباً عدم ذكر اسمه: «الخطوة لن يكون لها تأثير في ظل استمرار عقبة التحويلات المصرفية». وأعلن صندوق النقد الدولي عام 2017 في تقرير عن الاقتصاد السوداني أن «توحيد سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق هو المفتاح لمزيد من خفض الاختلالات الخارجية وتعزيز القدرة التنافسية ونمو الاستثمارات والإيرادات المالية». وتضاءلت الآمال بانتعاش اقتصادي بعد رفع واشنطن عقوباتها الاقتصادية عن السودان في تشرين الأول (أكتوبر) 2017، بعدما فرضتها لنحو عقدين. وكانت الحكومة أقرّت حزمة إجراءات، منها إعادة النظر في تدابير التصدير والاستيراد وتحديد سعر صرف العملة مقابل الدولار وطريقة شراء الذهب، بما يضمن إعادة التوازن الاقتصادي ووقف التدهور. وشملت الإجراءات الجديدة منح المغتربين السودانيين الحوافز ذاتها والتسهيلات التي ستقدم للمصدرين عبر الآلية الجديدة لتحديد سعر الصرف. وأكد المصرف المركزي أن خفض قيمة الجنيه ليس تعويماً للعملة الوطنية، في ظل مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات اجتماعية. ونظِمت تظاهرات بداية السنة بسبب رفع جزئي للدعم عن بعض السلع، لكن السلطات تصدت لها. ومنذ ذلك الحين، زادت أسعار المواد الغذائية بما يتجاوز الضعف مع معدل تضخم بلغ نحو 70 في المئة.
مشاركة :