أعلن وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، استعداد بلاده حول التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، لإبرام اتفاق جديد، رغم إعلان المرشد الإيراني، علي خامنئي، رفضه لأية مفاوضات جديدة مع واشنطن. ووفقاً لموقع هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، أكد ظريف خلال مقابلة مع قناة «بي. بي. سي» البريطانية في نيويورك أن «الأبواب مفتوحة، شرط أن يكون مثل هذا اللقاء جديراً بالثقة». وأضاف أن «شرط إيران للبدء في مفاوضات مع الولايات المتحدة هو ضمان تنفيذ الاتفاق بمجرد التوصل إلى اتفاق». في سياق متصل، اعتبر ظريف أن دعم أوروبا للحفاظ على الاتفاق النووي المبرم عام 2015 في مواجهة الضغوط الأميركية «كان أفضل من المتوقع». وكان خامنئي قد رفض، في كلمة له أمام حشود من ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري، الخميس الماضي، أية مفاوضات جديدة مع واشنطن. ونعت خامنئي الشخصيات الإيرانية التي تدعو للحوار بأنهم «عملاء وليسوا برجال دولة»، قائلاً إن «مَن يروّج في الداخل الإيراني للتفاوض مع الأعداء هم الخونة». ورغم تصريحات خامنئي، يرى العديد من المراقبين أن تصريحات المرشد تأتي في إطار الاستهلاك المحلي وأنه عندما يواجه ضغوطا تهدد بقاءه واستمرار النظام، يوعز للحكومة بالتفاوض كما حدث فيما يتعلق بالاتفاق النووي. في المقابل، تشترط أميركا تنفيذ 12 شرطا لبدء أي مفاوضات لإبرام أي اتفاق جديد مع طهران، تتضمن بالدرجة الأولى سحب إيران قواتها وميليشياتها من دول المنطقة والكف عن دعم الإرهاب وتجميد البرنامجين الصاروخي والنووي، الأمر الذي يراه المتشددون بأنه سيؤدي الى إضعاف النظام تدريجيا وبالتالي إسقاطه. من جانب آخر، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن البنوك الإيرانية بدأت بتطبيق العقوبات المصرفية على الأفراد والكيانات التي تشملها العقوبات الأميركية. ونشرت وكالة «فارس» وثيقة تظهر صدور تعليمات للبنوك بعدم التعامل مع الأفراد والكيانات التي شملتها قائمة عقوبات الأمم المتحدة وأوروبا وأميركا وخاصة وزارة الخزانة الأميركية. وجاء في الوثيقة أن الدائرة العامة لمكافحة غسيل الأموال، وبموجب إعلان البنك المركزي الإيراني لفروعه وكافة الدوائر المرتبطة، تطلب تقديم استفسار حول الأشخاص والكيانات الخاضعة للعقوبات، قبل تقديم أية خدمات لهم. واعتبرت وكالة «فارس» المقربة من الحرس الثوري أن «تطبيق هذه العقوبات على الكيانات المحلية والدوائر الداخلية يعني تجاوز الخطوط الحمراء للنظام والخضوع للعقوبات الدولية». وجاء في تعليمات البنك المركزي الإيراني أنه من «أجل إلزام الهيئات الرقابية بالامتثال للقوانين الدولية واتفاقيات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك تطبيق الحظر المفروض على تقديم الخدمات المالية لجميع الأشخاص والكيانات الخاضعة للعقوبات الدولية خاصة تلك التي تشملها حظر الاستيراد والتصدير وعدم استخدام شركات الشحن، وفقاً لقائمة نشرتها جهات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية الأميركية والخزانة الأميركية، وما إلى ذلك، يعلن البنك المركزي لجمهورية إيران الإسلامية أنه سيقوم بتأمين بدائل عن طريق شبكات غير مالية للأفراد والشركات والكيانات المذكورة». كما أكدت الوثيقة أنه «من الواضح أنه نظراً لوجود قائمة العقوبات يجب التدقيق في أسماء شركات الشحن قبل إصدار تعليمات لهم بتزويدها بالعملة الأجنبية أو الأوراق المالية». وفقاً لوكالة «فارس»، فإن تطبيق هذه التعليمات تدل على أن إيران بدأت بشكل ذاتي في الالتزام بالعقوبات. ويأتي الكشف عن هذه الوثيقة بينما صادق مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني أمس الأحد على لائحة انضمام إيران إلى المعاهدة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب «CFT» وسط معارضة شديدة من قبل نواب التيار الأصولي المتشدد الذين اعتبروها رضوخا لضغوط الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. كما تجمّع عدد من معارضي هذه اللائحة أمام مبنى البرلمان، احتجاجاً على المعاهدة التي يرون أنها تهدد صلة إيران بالجماعات المتطرفة التي تدعمها مالياً ولوجستيا وعسكريا، وبالتالي إمكانية محاسبة إيران على دعم تلك الجماعات التي قد يتم تصنيفها قريبا كمنظمات إرهابية دولية كميليشيات حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي العراقي وغيرها. من جهتها، تقول الحكومة الإيرانية إن الانضمام إلى هذه المعاهدة سيعزز موقف إيران في الفريق الخاص للإجراءات المالية لمكافحة الارهاب ويجنبها المزيد من العقوبات.
مشاركة :