أثيرت عدة تساؤلات ومناقشات متعددة بين متتبعي الشأن الرياضي المحلي حول المبادرة التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، والتي تتمثل في الإعلان عن مشاركة فريق نادي المحرق لكرة القدم في الدوري السعودي (دوري محمد بن سلمان للمحترفين) للموسم القادم 2019/2020م. ولا شك أن مثل هذه المبادرة لها من الفوائد الكثير على نادي المحرق بصفه خاصة وكرة القدم البحرينية بوجه عام، وقد ذكر الشيخ ناصر في تصريحه بأن أسباب اختيار نادي المحرق تتمثل في تفوقه بالمستوى، وحضوره الجماهيري الكبير، واحتكاكه بالبطولات الخارجية. ولكن كانت بعض التساؤلات تتعلق بمدى قانونية مشاركة نادي المحرق في دوري بلد آخر، فهل تسمح قواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بذلك؟. في الاجابة على ذلك، نتناول عدداً من الأحكام القانونية الخاصة بمثل هذه المشاركات. أولاً: موافقة الاتحادات ذات العلاقة: يشترط بطبيعة الحال موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وكذلك الاتحادات الأخرى ذات العلاقة (كالاتحاد الآسيوي باعتبار أن الدولتين تقعان في قارة آسيا، وأيضا موافقة الاتحادات الوطنية المسؤولة)، باعتبار أن هذه الجهات (الاتحادات) معنية بالإشراف على قانونية الدوريات والمسابقات المحلية والإقليمية، وهو الأمر الذي باشرته إدارة نادي المحرق من خلال تصريح الشيخ أحمد بن علي آل خليفة بشأن إعداد ملف متكامل بشأن هذه المشاركة والحصول على التراخيص المعنية بذلك. ولأول وهلة، يشترط الاتحاد الدولي لكرة القدم أن تتم المشاركة متى ما دعت (ظروف استثنائية) لمثل هذه المشاركات، ولكن كيف فسر الاتحاد الدولي (الفيفا) هذه الظروف وكيف تعامل معها في الواقع العملي؟. في الحقيقة يشير الواقع العملي أن (الفيفا) تتعامل مع طلبات الفرق الأجنبية للعب في دوريات دولة أخرى عبر مفهوم مرن لعبارة (الظروف الاستثنائية)، فالمقصود ظرف (استثنائي) ولا يقصد به (ظرف قاهر) فالبون شاسع بين المفهومين. فقد قبل اتحاد (الفيفا) مشاركات كثيرة وتعاملت مع الطلبات بالنظر في (كل حالة على حده) بوصفها حالة استثنائية، وهو ما يتضح فيما يأتي من أحكام. ثانياً: القرب الجغرافي: يتبين من خلال النماذج الكثيرة التي وافقت فيها (الفيفا) مشاركات أندية في دوريات دول أخرى، تكريساً للمفهوم المرن الذي تحدثنا عنه، فالقرب الجغرافي ودواعي الاحتكاك، فضلا عن الدواعي الاستثنائية في بعض الأحيان، جعلت من المشاركة أمرا مقبولا من الوجهة القانونية. أياً كان الأمر فالواقع العملي يعطينا إشارة إلى موافقة (الفيفا) على مثل هذه المشاركات سواء كانت في دوريات الدرجة الأولى أو حتى المشاركة في دوريات الدرجتين الثانية أو الثالثة، ومثل ذلك في قارة أوروبا مشاركة أندية ويلزية في الدوري الإنجليزي وأخرى إنجليزية في الدوري الويلزي، ومشاركة أندية اسكوتلندية في الدوري الإنجليزي وبالعكس، وإيطالية في الدوري السويسري وبالعكس، ومشاركة نادي موناكو في الدوري الفرنسي، وناد من إيرندا الشمالية في دوري جمهورية إيرلندا، وناد من إمارة أندورا في الدوري الأسباني، وناد نمساوي في دوري ألمانيا، وأندية قبرصية في الدوري اليوناني، ونواد فنلندية في الدوري السويدي. وبالنسبة لقارة أمريكا فقد شاركت أندية كندية ومكسيكية في الدوريات الأمريكية، وفي قارة آسيا شاركت أندية صينية في دوري هونغ كونغ، ونواد نيوزلندية وماليزية في الدوري الاسترالي. ومثل هذه المشاركات تحكمها كما يتبين بشكل واضح فكرة القرب الجغرافي، والسبب في ذلك هو سهولة التنقل والارتحال. وفكرة القرب الجغرافي تتحقق بشكل لا شك فيه في حالة مشاركة نادي المحرق في الدوري السعودية للمحترفين، فضلاً عن أن المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين منضويتان بطبيعة الحال تحت إطار مجلس التعاون الخليجي وهو اتحاد كونفيدرالي وفق مفهوم القانون الدولي. ثالثاً: تحديد المواسم الرياضية: في الأمثلة التي تناولتها سلفا، فإن كثير من الحالات يقوم فيها الفريق باللعب في دوري أجنبي لمدة موسم أو موسمين أو أكثر، فدخول النادي للمشاركة في دوري دولة أجنبية، قد يكون بشكل مستمر ودائم مثل حالة نادي موناكو في الدوري الفرنسي، وقد يكون بشكل مؤقت ولموسم رياضي واحد أو موسمين كحالة بعض الفرق الماليزية التي شاركت في الدوري الاسترالي للموسم (2014)، أو نادي لانوا الصيني الذي شارك في دوري هونغ كونغ للفترة (2005-2008)، ومن ثم فإن مشاركة نادي المحرق في الدوري السعودية ستخضع للاتفاقات التي ستجري بين نادي المحرق والاتحادين البحريني والسعودي في تحديد عدد المواسم التي سيلعب فيها نادي المحرق. رابعاً: تطبيق القانون الرياضي السعودي: فمشاركة نادي المحرق تستتبع بطبيعة الحال تطبيق قواعد وأنظمة الدوري السعودي، ومن ثم فإن نادي المحرق سوف يخضع لمجمل القواعد والإجراءات المعمول بها في الدوري السعودي كما لو كان فريقاً سعودياً، من حيث نظام الاحتراف والمحترفين أو نظام اللعب من ذهاب وإياب وغيرها من نظم وقواعد يقررها الاتحاد السعودي لكرة القدم ويطبقها بشأن الدوري السعودي. كانت هذه بعض الأفكار التي تجيب على بعض التساؤلات التي أثارها الشارع الرياضي بشأن مدى قانونية مشاركة نادي المحرق في الدوري السعودي. وفي الختام، نشد على يد سمو الشيخ ناصر، وعلى أيدي المسؤولين في الاتحاد البحريني لكرة القدم، وفي نادي المحرق، على هذه البادرة الطيبة، وكل التوفيق لنادي المحرق في تجربته الجديدة. والشكر أيضا للمستشار تركي آل شيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة لدى المملكة العربية السعودية على هذه الروح الأخوية ودعمه للكرة البحرينية والخليجية.
مشاركة :