مما لا شكّ فيه، أن العالم مع بداية الألفية الثالثة، بدأ يأخذ شكلاً جديداً مغايراً تماماً عن أي عصر مضى، فخلال فترة زمنية لم تتجاوز العقدين، وبشكل أكثر دقة خلال ثمانية عشر عاماً فقط، قفز العالم قفزات واسعة جداً في التطور التكنولوجي، ومن الأشياء الرئيسية التي أحدثت كل هذا التغيير، وسائل الإتصال الجديدة، لا سيّما الهواتف والأجهزة الذكية، وهنا يبرز اسم واحد فقط، كان له الفضل الأول بكل ما حدث قبل بداية الألفية وحتى الآن، إنه "ستيف جوبز"، المبتكر الأمريكي الشهير، ومؤسس واحدة من عمالقة التكنلوجيا في العالم. وفي الخامس من شهر تشرين الأول / أكتوبر 2018، تمر الذكرى السابعة، لرحيل "ستيف جوبز"، الذي ترك فراغاً عظيماً في عالم التكنولوجيا، والذي في الوقت نفسه فتح الكثير من الأبواب لتطوير هذه الحياة أكثر وأكثر، وأعطى من خلال سيرته الذاتية وإنجازاته، خريطة للشباب العاملين في مجال التكنولوجيا، تخبرهم بأن هذا هو عصرهم، وفي هذا التحقيق، سنعرض عليكم أهم إنجازات ستيف جوبز في الذكرى السابعة لوفاته. من هو "ستيف جوبز".....؟ ولد في ولاية سان فرانسيسكو الأمريكية، في 24 شباط / فبراير من العام 1955، لوالد سوري الأصل اسمه "عبد الفتاح الجندلي"، وأم أمريكية تُدعى "جوان شيبل"، وبعد ولادته بوقت قصير فقط، عرضه والداه للتبني، وقرر حينها زوجان من ولاية "كاليفورنيا"، يدعيان "بول" و"كلارا جوبز"، وهما من عائلة أرمنية، أن يتبنياه. من "مرآب منزله".. إلى عملاق التكنولوجيا "أبـــل" مرّ "ستيف جوبز"، بالعديد من المراحل والصعوبات في حياته، إلا أنه كان يتجاوزها جميعها مُتشبثاً بحلمه، هذا الحلم الذي جعله يستمر في الإبداع يوماً بعد يوم، وجعله الاسم الأول في عالم التكنولوجيا، وبمثابة "عــرّاب" للمبتكرين في العقدين السابقين، والمثير للإهتمام جداً في حياة "جوبز"، أنه بدأ العمل بتأسيسه شركة صغيرة في "مرآب منزله". تأسيس "أبل".. وجهاز "أبل 1" الثوري .. قبل العام 1976 بسنوات قليلة فقط، التقى الشاب "ستيف جوبز"، بصديقه الوحيد المفضل فيما بعد "ستيف وزنياك"، وجمع بينهما عشقهما لمجال التكنولوجيا والإلكترونيات، وظلا يبتكران ويطوران اختراعات صغيرة، حتى توصلا برفقة صديقهما الثالث "رونالد واين"، إلى ابتكار أول أجهزة الكمبيوتر الخاصة بشركتهما الناشئة، والذي أسمياه "أبـــل 1"، وكان ذلك في شهر نيسان / أبريل من العام 1976، وكان يُباع حينها بـ 666٬66 دولار، أي ما يُعادل في وقتنا الحالي قرابة الـ 2700 دولار أمريكي، وأنتج منه 200 جهاز فقط، حينها بدأت "أبـــل" ترى النور لأول مرة، وشهدت انطلاقتها الأولى من مرآب منزل "ستيف جوبز". أول جهاز "ماكنتوش" في العالم .. شهد العام 1984، نقلة نوعية كبيرة في عالم الأجهزة الحاسوبية، وكانت هذه النقلة – بطبيعة الحال – على يد "ستيف جوبز"، حيث قدم للعالم أول جهاز يعتمد على نظام تشغيل "ماكنتوش"، الذي كان أول نظام تشغيل بالتاريخ الحديث يحتوي على واجهة رسومية وفأرة، بدلاً من واجهة سطر الأوامر التي كانت قياسية في ذلك الوقت، كما أنه كان يتميز بذاكرة تخزين حجمها 128 كيلوبايت، وكان ذلك في 24 كانون الثاني / يناير من العام 1984، لكن وعلى الرغم من الحملة الإعلانية الكبيرة التي روجت له، إلا أن الجهاز لم يحقق النجاح المتوقع، وحدثت على إثر ذلك العديد من الخلافات في شركة "أبـل". شركة "نكست".. مشروعه بعد الإستقالة بعد فشل أول جهاز "ماكنتوش" لأسباب غريبة، على الرغم من أنه كان يعد ثورة في عالم الحواسيب، وظهور الخلافات في شركة "أبــل"، تم إجبار "ستيف جوبز" خلال العام 1985، على تقديم استقالته، لكنه في العام نفسه، أسس شركة "نكست"، التي تعمل على تطوير منصات الحواسيب في التعليم العالي والأسواق التجارية، وبعد النجاح الذي حققته شركة "جوبز" الجديدة، قامت "أبـل" بشراء "نكست" خلال العام 1996، ليعود "جوبز" حينها إلى الشركة "أبــل"، ويصبح المدير التنفيذي لها في عام 1997، وينقذ الشركة من خساراتها التي كانت تتعرض لها عقب خروجه منها، ويعيد قوتها السوقية مرة أخرى. شركة "بيسكار".. من استوديو إلى جوائز الأوسكار بالعودة إلى العام 1986، الذي كان مصيرياً بالكثير من الأحيان بالنسبة إلى "ستيف جوبز"، وبعد استقالته من "أبـل"، وخلال تأسيسه لشركة "نكست"، اشترى شركة صغيرة كانت جزءاً من من شركة "لوكاس فيلم Lucasfilm" الأميركية الشهير، وكانت شركته الجديدة تدعى "بيكسار"، وحينها انفصل عن الشركة الأم "لوكاس فيلم"، وقادها لتكون بعد وقت قصير فقط، من أكبر شركات الرسوم المتحركة في العالم. وبعد النجاح الذي حققه "جوبز" في شركته الجديدة "بيسكار"، قرر عملاق الترفيه العالمي "والت ديزني"، أن تضمها لمجموعتها، وقامت بشرائها بمبلغ وصل حتى 7.4 مليار دولار، ما جعل "جوبز" أكبر مساهم منفرد في "ديزني" حينها، وأحد أعضاء مجلس الإدارة فيها، فيما بعد حازت "بيسكار" على 10 جوائز أوسكار، وتم ترشيحها لأكثر من 30 جائزة أخرى. ثورة "جوبز" الرقمية مع بداية الألفية.. مع بداية الألفية الثالثة، بدأ وجه العالم يتغير بشكل كامل، وكان ذلك كله بفعل يدي "ستيف جوبز"، وبعبقرية غير معقولة، قرر "جوبز" أن يُحدث ثورة في عالم التكنولوجيا، وذلك بنقل أجهزة الكمبيوتر من الاستخدام المكتبي، إلى الاستخدام الشخصي المحمول، وكان العام 2001، هو نقظة البداية لهذه الثورة الجديدة، حيث قدم حينها سلسلة من المنتجات الذكية التي لاقت رواجاً وانتشاراً كبيراً للغاية، وهي أجهزة الـ"آيبود"، والـ"آي باد"، والـ"آيفون"، ومتجر "آي تيونز" الموسيقي العملاق. إلا أن أهم هذه الإبتكارات على الإطلاق، هو إعلانه خلال العام 2007 عن إطلاق جهاز الـ"آيفون"، الهاتف الأنيق والمتطور، والذي أحدث انقلاباً في عالم الأجهزة النقالة، إذ كان هو أول هاتف بشاشة لمس متطورة، ومن هنا بدأت حكاية جديدة للهواتف الذكية، ثم تبعها "جوبز" بمتجر "أبل ستور" الذي يوفر لمستخدمي الـ"آي فون"، تطبيقات هائلة تغطي كل مناحي الحياة. "ستيف جوبز".. يغادر إلى الأبد في الخامس من شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام 2011، أي قبل 7 أعوام من الآن، فُجع العالم بنبأ رحيل "ستيف جوبز"، عن عمر ناهز الـ 57 عاماً، بعد صراعه الطويل مع مرض سرطان البنكرياس، الذي انتشر في جسده كله وتسبب في توقف التنفس لديه، ونعته حينها "أبــل" في بيان رسمي لها، أكدت من خلاله أن مؤسسها المشارك ورئيسها التنفيذي السابق "ستيف جوبز"، فارق الحياة، وكان قد استقال منذ شهر تقريباً من منصبه كرئيس تنفيذي للشركة، وقال وقتها انه تمكن من الوفاء بوعده في الإبتعاد عندما يشعر انه غير قادر على العطاء.
مشاركة :