الخضاري لـ «الراي»: أي وزير حتى لو كان «سوبرمان» لن يستطيع إدارة...

  • 10/10/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الأستاذ في جامعة الكويت نائب رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقاً الدكتور سليمان الخضاري، أن دور وزارة الصحة ينبغي أن يكون محصوراً بوضع ضوابط تقديم الخدمات الصحية في البلاد، ومتابعة قيام المؤسسات والمنشآت باتباع تلك الضوابط، وليس تقديم الخدمة مباشرة عن طريق إدارة المستشفيات، معتبراً أن الواقع القائم حالياً خلق ترهلاً إدارياً وتدخلاً سياسياً في عملية إدارة الوزارة.وطالب الخضاري، في حوار مع «الراي»، بإعادة هيكلة الوزارة وتفكيكها بشكل إيجابي، لتكون بمنأى عن التأثير السياسي المباشر، مشيراً إلى أنه إذا صدقت النوايا فسيمكن تحقيق إعادة الهيكلة وخلق المؤسسات المساندة الفاعلة للوزارة في مدة لا تتجاوز 5 سنوات أو أقل من ذلك. وإذ شدد على وجوب العمل الجاد لاصلاح منظومة الصحة وخلق الهيئات المستقلة الرديفة المساندة لعمل الوزارة، قال الخضاري: «إنه من العار علينا أنه لا يوجد مستشفى جامعي في الكويت حتى الآن».وفي ما يلي نص الحوار: •  من خلال خبرتكم في القطاع الصحي، كيف ترى بعض المشاكل التي تعاني منها الوزارة؟- وزارة الصحة تعد من كبرى وزارات الدولة بعد «التربية» من حيث عدد العاملين والميزانيات المخصصة لها، لكنها مازالت تدار وفق الاسس التي أنشئت عليها منذ بداية الدولة الكويتية الحديثة.•  كيف ذلك؟- منذ بداية الدولة الكويتية الحديثة كانت وزارة الصحة تقدم الخدمات الصحية للمواطنين بشكل مباشر، ومن ثم تطور الأمر شيئا فشيئا الى أن دخل القطاع الخاص كمستثمر رئيسي ومنافس في القطاع الصحي. وفي الدول المتقدمة لا يمكن لجهة ما أن تقوم بوضع ضوابط تقديم الخدمة وتقدمها وتقيّمها في نفس الوقت، وهو ما يحدث حاليا في وزارة الصحة والتي لا تقيّم نفسها فقط وإنما تقيّم القطاع الطبي الاهلي المنافس لها في تقديم الخدمات الطبية، لذلك فالوزارة أصبحت مهيمنة على القطاع الصحي بكل مناحيه وهو وضع غير سليم.•  أليس من المنطق أن تُهيمن الوزارة على المستشفيات التابعة لها؟- وزارة الصحة في الكويت تقوم بتعيين مديري المستشفيات ونوابهم ورؤساء الاقسام الفنية واصحاب المناصب الادارية داخل تلك المؤسسات، وهذا الأمر غير مُطبّق إلا في دول قليلة، وهو غير صحي ويخضع لاعتبارات سياسية أكثر منها فنية.•  لكن القوانين تتيح ذلك؟- القوانين واللوائح تتيح ذلك، لكننا نعيش في عصر قوانين انتهت صلاحيتها تنص على أن وزير الصحة من حقه ان يعين رؤساء الاقسام الفنية ومديري المستشفيات، لكن إذا سألتني عما يجب ان يكون والصحيح، أتساءل عن دخل وزير الصحة في تعيين رئيس لقسم فني في مستشفى، في حين ان هذا القسم يمكن ان يختار احد الاشخاص ممن يرى فيه الكفاءة لتولي رئاسته لفترة محددة، وهذا ما يحدث في المستشفيات العالمية.•  كيف ترى الصورة التي يجب ان يكون عليها دور وزارة الصحة؟- دور وزارة الصحة ينبغي أن يكون محصوراً بوضع ضوابط تقديم الخدمات الصحية في البلاد ومتابعة قيام المؤسسات والمنشآت المرخصة ربحية أو غير ربحية باتباع تلك الضوابط، حيث ان تدخلها بتقديم الخدمة عن طريق إدارة المستشفيات خلق ترهلاً إدارياً وتدخلاً سياسياً في عملية ادارة وزارة الصحة والأمثلة كثيرة كالعلاج بالخارج، أو عن طريق التوسط لتعيين فلان وفلان كرئيس قسم أو غير ذلك من الامور والأدوات التي تشكل ضغطا سياسيا على الوزير، وتهدده بمنصة الاستجواب حال امتناعه عن تنفيذ تلك المطالب السياسية، والحديث يطول في هذا الأمر.•  ماذا تقترح للخروج من هذا الواقع؟- يجب ان يكون هناك فريق عمل متكامل من وزارة الصحة وديوان الخدمة المدنية وادارة الفتوى والتشريع وجامعة الكويت لوضع قانون جديد لوزارة الصحة او الاكتفاء بالقانون القديم، إن كان يسمح بوضع لوائح تجعل من الوزارة واضعاً لضوابط تقديم الخدمات الصحية ومراقباً لتطبيق تلك القرارات وليس مقدماً للخدمة بشكل مباشر.•  إذا كيف يتم التعامل مع الوضع القائم للمستشفيات الحكومية الموجودة؟- كما يُقال أهل مكة أدرى بشعابها، ولذلك يجب ان يكون لكل مستشفى درجة من الاستقلالية، ورؤيتي هي في تحويلها لمؤسسات صحية غير ربحية من خلال تعديل تشريعي وتخصص لها ميزانية يُساءل عنها المستشفى المعني، من خلال مجلس للأمناء والذي قد يكون ممثلاً بأعضاء من وزارة الصحة وديوان الخدمة المدنية وديوان المحاسبة وجامعة الكويت، ومن نرى فيه الخبرة أو الأهلية من اصحاب المنطقة التي يخدمها هذا المستشفى، كما يتم تمويل نشاطه عبر تأمين صحي يشمل الجميع.•  لكن من يدير المستشفيات الحكومية في معظم دول العالم هي وزارات الصحة؟-هذا الكلام ليس صحيحاً، وهذا الأمر موجود في عالمنا العربي فقط تقريباً وواقعه الصحي لا يبشر بالخير، وأعتقد أنه لا يمثل النموذج الذي نتطلع للمقارنة معه، وحين نتكلم عن الدول المتقدمة مثل كندا وبريطانيا وفرنسا والمانيا واستراليا -باستثناء الولايات المتحدة تقريبا-، فمثل هذه الدول تشجع المجاميع الخيرية ونقابات الاطباء والممارسين الصحيين على إنشاء تجمعات طبية تكون نواة لمستشفيات أو مستشفى بشكل مباشر بحيث تضع ضوابط لها مع التركيز على ألا تكون ربحية، باعتبار أن هناك أزمة أخلاقية قد تقع فيها اذا شجعت على الاستثمار التجاري في القطاع الصحي، وهنا لا أقصد عدم تشجيع القطاع الاهلي ولكن كيف للوزارة في الواقع الحالي وهي منافس أن تكون مراقباً على القطاع الاهلي المنافس لها؟ والمفترض هو ان تكون هناك هيئة مستقلة معنية بالتراخيص الصحية والتعامل الأولي مع الأخطاء الطبية وبعض اختصاصات الرقابة الصحية.•  هل من خلال ما سبق تقصد إعادة هيكلة وزارة الصحة؟- هذا صحيح، لكن إن سمحت لنفسي أكثر فسأقول إن تفكيكها إيجابياً وصولاً إلى اللا مركزية، أصبح ضرورة ملحة للإنتاج والبعد عن التأثير السياسي في الإدارة الصحية والبعد عن التاثير السياسي المباشر، وما خلقه تاريخ تعامل الوزارة مع السياسيين واستغلال العديد من الملفات في الوزارة كأدوات ضغط سياسي.•  لكن موضوع اعادة هيكلة الوزارة ليس بالأمر السهل؟- بالتأكيد، لكن إذا صدقت النوايا فسنستطيع تحقيق قانون أو لوائح وأنظمة إعادة هيكلة الوزارة وتنفيذ الأمر برمته، خلال مدة لا تتجاوز 5 سنوات إن لم يدخل في ذلك العامل السياسي، وقد سبقتنا الكثير من الدول القريبة في هذا الاتجاه.•  هل ترى ان وزارة الصحة تدير أو تشرف على ما يفوق طاقتها؟- بالتأكيد لأن الوزارة بالإضافة لكل ما سبق من واقع إداري مترهل فهي المعنية أيضاً بتدريب الاطباء الكويتيين وتخريجهم والاعتراف بشهاداتهم عن طريق معهد الكويت للاختصاصات في حين ان الواقع العالمي يقول ان المؤسسات المعنية بالتعليم الطبي يجب أن تكون الجامعات، وتلك المتعلقة بالاعتراف بالشهادات الطبية وتقديم الامتحانات وتقييم برامج التدريب الطبي يجب ان تكون هيئات مستقلة... كل تلك الملفات وغيرها خلق واقعا بيروقراطيا وأي وزير سيأتي للصحة فلن يستطيع انتشال وزارة الصحة من مشاكلها إنْ أراد العمل وفق الواقع الحالي لأنه سيواجه كماً من الملفات المعقدة والتي لن يستطيع حتى «سوبر مان» حلها!•  كيف ترى ما يتم تداوله في شأن الاخطاء الطبية؟- المجال الطبي هو مجال بشري ولا يمكن نفي حدوث الأخطاء فيه، لكن ما رأيناه من تعامل للوزارة أخيراً مع هذا الأمر هو أمر سيئ للغاية، حيث يشعر الأطباء بأنهم يُقدَّمون قرابين لإنقاذ المسؤولين السياسيين، في ظل ثقافة مجتمعية لا تفرق بين الأخطاء الطبية والمضاعفات الطبية، حتى وصل الأمر بالوزارة لنشر خبر إحالة أحد الأطباء للتحقيق على ما نسب له من أخطاء في التلفزيون الرسمي للدولة في سابقة لا أعتقد أنها حصلت في السابق!•  هل كثرة الحديث عن الاخطاء الطبية تجعل الاطباء لا يقبلون على إجراء العمليات المعقدة؟- كثرة الحديث عن الاخطاء بشكل إعلامي وسياسي يخلق حالة من عدم الثقة بين الطبيب والمريض، ويعزز من ثقافة التطاول على الاطباء والاعتداء عليهم أحيانا، مما يؤدي بالأطباء وبشكل اختياري الى ممارسة ما يسمى بالطب الدفاعي بحيث يقوم الطبيب بأقل إجراء لا يدخله في مشكلة، ولهذا الامر آثاره الوخيمة على صحة المريض نفسه أحياناً!•  كيف ترى الاداء لقياديي الوزارة في الوقت الحالي؟- نسمع كغيرنا الكثير عن التغييرات الإصلاحية، لكننا لا نلمس ذلك على الارض... وقيادات الوزارة مطالبون بالكثير لإثبات ان ما يتحدثون عنه من مشاريع كبيرة وجبارة هي أمور ممكنة التحقيق على أرض الواقع!•  باعتقادك من الذي يستطيع اتخاذ قرار بإعادة هيكلة الوزارة؟- مجلس الوزراء بناء على عرض شامل لوزير الصحة يعرض فيه تصورا كاملا للمشروع وأدعو أي شخص يتولى وزارة الصحة أن يبادر بطلب عقد جلسة لمناقشة الحالة الصحية للبلاد، وان يواجه المجتمع بما تستطيع وزارته القيام به و ما لا تستطيع القيام به وأسباب ذلك، ويطلب بوضوح ما يرى نفسه بحاجة إليه من دعم من المؤسسة التشريعية.• أخيراً، كيف ترى مسألة تطوير المنظومة الصحية داخل البلاد؟- يجب العمل الجاد لاصلاح منظومة الصحة عن طريق اعادة هيكلة الوزارة بما يتوافق مع المعايير العالمية وخلق الهيئات المستقلة الرديفة المساندة لا وزارة للقيام بعملها، وأحب أن أشدد على أنه من العار علينا في 2018 ان الكويت تبقى ضمن الدول القليلة في العالم والتي لا تمتلك مستشفى جامعياً حتى الآن!ومن بين أساليب تطوير المنظومة الصحية توسيع التأمين الصحي للمتقاعدين ليشمل جميع المواطنين.

مشاركة :