الفكرة مجرد بذرة

  • 10/10/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

قبل سنوات خطرت ببالي فكرة تخص مساهمة الفرد في تسجيل المخالفات، للحد من التهور على الطُرق، على أن ينال نسبة بعد تحصيلها. كانت مجرد فكرة! تسكنُ جمجمتي لا غير، اعتقدت أنها ماتت. بعد سنوات تم إقرار برنامج (كلنا أمن)، سعِدت به رغم احساسي أن هنالك من سرق فكرتي، استمر البحث عن السارق المحتمل. بلا فائدة تمت محاولة إنعاش الفكرة الأقرب للميتة. كل ما قمت به السؤال عبر تغريدة عن إمكانية حصول المُبلغ على نسبة، تم تجاهل سؤالي، وعادت فكرتي لسباتها العميق. بعد سنوات طرح المبدع (عمر جبران الغامدي) فكرة (خالِف تُعرف) والمبنية على أن للمخالف فرصة السداد، أو المساهمة المجتمعية؛ بتسجيل مخالفات على آخرين بضعف المبلغ لتسقط عنه مخالفته. هنا عدُت أحفر أحد القبور في جمجمتي مناديًا فكرتي، لكنها لم تَرُد، بل إن ملامحها قد تغيرت كثيرًا. هنا يجب أن تتعلم الدرس الأهم" مجرد الفكرة ليست سوى مجرد فكرة". مجرد فكرة تعني؛ فكرة مجردة من أي شيء، من أي دراسة، أو محاولة اثبات جدواها، أو التسويق لها، أو السعي لإقناع طرف فاعل في تطبيقها، أو تكرار المحاولة. ما قام به الأخ عمر، هو العمل الصحيح تجاه أي فكرة، عفوًا تجاه بذرة فكرة لتتحول إلى شجرة واقعية لها ثمار. قام بما يجب حيال رعايتها وتطويرها، ودراسة جدواها، ووضع الافتراضيات، واقتراح التعديل، وإيجاد الحلول، واستخدام لغة الأرقام، ومثّل النجاح في جودة العرض، نتج عن ذلك انتشار المقطع الذي قام بتصويره للترويج للفكرة -لم تعُد مجرد فكرة- نتج عن ذلك الاهتمام والرعاية عرضها على مسؤولين بوزارة الداخلية، نسأل الله أن نرى نورها قريبًا. اعتقد أن مقطع الفيديو يحتاج مراجعة المختصين، ابتداء من عنوانه، مرورًا بمضمونه، غوصًا في حبكه، وما استخدمه من أساليب نفسية فيه. تذكرت الكثير مما قدح في ذهني من (مجرد أفكار) حول تطوير تقنيات كُثر، بين أجهزة الجوال وبرامجها، وبين لوحة العرض في بعض المركبات، ووو الكثير منها تمّ دون الحاجة لفكرتي الميتة، والمدفونة في جمجمتي، أحدهم تكلم بها، أطلق سراحها، قام بدفع الأكسجين لرئتيها، بينما أنا وأدتها، وسجنتها في الظلام. سُئِل أحد الحكماء عن أكبر الكنوز، فأجاب في المقابر! يقول إن ما دُفن مع كل العقول من أفكار وعلم يمثل أكبر كنز للبشرية. نعم، فلو شارَك كلٌ بفكرته الصغيرة لأصبح العالم أفضل، ليس ضروريا أن تكون فكرة جبارة، فغيرك يملك الجزء الآخر منها. لم يتم اختراع السيارة بداية بشكلها الحالي، ولا بما تحتويه من وسائل ترفيه، فقد بدأت بتقليد عربة، ثم تم إضافة محرك بخاري، مرورًا بحزام السلامة، والمسجل والمكيف والكاميرات، والحساسات، ولا تزال العجلة تسير في طريق التطوير. قال أبو جعفر المنصور: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا. البذور كثيرة، ولكنها ستبقى بذور مالم تزرع في الأمل وتسقى بالعمل، ويُعتنى بها، حينها فقط ستصبح شجرة، ولها ثمرة. والجيد أن نعلم أن من الممكن استخراج بذور أخرى من نفس الثمرة. فكرة لم تولد، ليست سوى مجرد فكرة. فهد بن جابر

مشاركة :