إعداد: عبير حسينبعد عام على تعيين بريطانيا أول وزيرة في العالم لمكافحة الشعور بالوحدة، عينت تريزا ماي رئيسة الحكومة البريطانية، أمس، جاكي دويل برايس وزيرة للصحة النفسية ومكافحة التمييز والانتحار في وقت تستضيف فيه لندن ممثلي 50 دولة في أعمال أول قمة عالمية للصحة النفسية، الذي تزامن مع احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي للصحة العقلية والنفسية. ناقشت القمة عدة دراسات عن عوامل زيادة الاضطرابات النفسية حول العالم، وتأثيرها على الأشخاص والمجتمعات والاقتصاد العالمي. وتزامناً مع بدء أعمالها نشرت دورية «لانست» الطبية تقريراً شارك في إعداده 28 متخصصاً عالمياً في الطب النفسي والصحة العامة وعلم الأعصاب، بالتعاون مع جماعات مدافعة عن حقوق المصابين بأمراض عقلية، توصل إلى أن التكلفة المتوقعة التي يتكبدها الاقتصاد العالمي جراء الإصابات بالأمراض النفسية والعقلية ستصل إلى نحو 12 تريليون استرليني (16 تريليون دولار) بحلول عام 2030. فيكرام باتيل الأستاذ بجامعة هارفارد الأمريكية وأحد المشاركين في إعداد التقرير أشار إلى أن بعض التكاليف ستكون نتيجة مباشرة للرعاية الصحية والأدوية، لكن أغلب الخسائر ستكون غير مباشرة متمثلة في فقد الإنتاجية والإنفاق على الرفاه الاجتماعي والتعليم. وقال باتيل على هامش مشاركته في أعمال القمة أمس «ارتفع عبء المرض العقلي بدرجة كبيرة خلال الربع قرن الماضي، لا توجد مشكلة عانت منها البشرية تعرضت للإهمال مثل الصحة العقلية». وأضاف: «الوضع قاتم جداً».وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 433 مليون مصاب حول العالم بأمراض عقلية، منهم حوالي 300 مليون شخص يعانون الاكتئاب، و50 مليوناً من الخرف، بينما يقدر عدد المصابين بالفصام 23 مليوناً، إضافة إلى 60 مليون مصاب باضطراب الثنائي القطب. كانت المنظمة أطلقت على احتفالها باليوم العالمي للصحة العقلية والنفسية شعار «الشباب والصحة النفسية في عالم آخذ في التغير»، وأشارت في تقريرها السنوي إلى أن فترة المراهقة والسنوات الأولى من سن الرشد هما مرحلتان عمريتان تطرأ فيهما العديد من التغييرات على حياة الفرد، مثل تغيير المدرسة ومغادرة المنزل واستهلال الدراسة في الجامعة أو مزاولة عمل جديد، وهي أوقات مثيرة بالنسبة للكثيرين، ولكنها يمكن أن تكون أيضاً أوقاتاً عصيبة يشوبها التوتر. وأضافت: يمكن أن تسفر هذه المشاعر عن الإصابة باعتلال نفسي، كما يمكن أن يعاني المراهق من ضغوط إضافية بسبب التوسع في استخدام التكنولوجيات الحديثة خاصة التواصل مع الشبكات الافتراضية بصرف النظر عن الوقت، سواء كان ليلاً أم نهاراً. وكشف التقرير عن أن نصف الاضطرابات النفسية تبدأ في الظهور في سن 14 إلا أنه غالباً لا يتم الكشف عنها أو علاجها، لذا يعد الاكتئاب ثالث أسباب الوفاة المبكرة للمراهقين، بينما يحل في المرتبة الثانية بين الفئة التي تتراوح أعمارها بين 15 و29 عاماً. فحص دوري للأطفال أعلنت تريزا ماي عن إجراء فحص دوري للأطفال من سن الرابعة للكشف المبكر عن إصابتهم بأمراض الصحة النفسية، وأشارت إلى ارتفاع مشاكل الصحة العقلية بين الشباب البريطانيين 6 أضعاف خلال العقدين الماضيين. ونقلت عنها صحيفة«الجارديان» قولها: تنشأ نصف مشاكل الصحة العقلية في سن 14، ومع ذلك يحصل مراهق من بين كل 3 على العلاج الصحيح». وأضافت «سيتم توفير تقييمات الصحة العقلية الجديدة لجميع المدارس كجزء من فصول جديدة حول «المرونة العقلية» والتي ستكون جزءاً من المنهج الدراسي اعتباراً من 2020».وأشارت ماي إلى أنه سيكون لكل مدرسة موظف مسؤول عن الصحة العقلية، كما ستنشر الحكومة اعتباراً من العام المقبل تقريراً سنوياً بعنوان «حالة الأمة» حول الصحة العقلية للأطفال. كما أعلنت عن تقديم 1.8 مليون استرليني دعماً لخدمة Samaritans المعنية بخدمات الصحة النفسية. أشارت مات هانكوك وزيرة الصحة البريطانية إلى تراجع معدل الانتحار بين البريطانيين خلال السنوات السبع الأخيرة بحيث وصل إلى 4500 شخص كل عام. كما أعلنت عن تدريب أخصائيين في الصحة العقلية للعمل في المدارس اعتباراً من نهاية 2019. وقالت صحيفة «ديلي ميل» إن القمة العالمية التي حضرها الأمير وليام وزوجته كيت دوقة كامبريدج ناقشت كيفية الوصول إلى تكافؤ حقيقي بين الصحة البدنية والعقلية في المدارس وأماكن العمل. وتوقعت الصحيفة إن الخطة الشاملة التي اعتمدتها الحكومة البريطانية للكشف المبكر عن الأمراض العقلية ستحقق وفورات بقيمة 6.4 مليار استرليني سنوياً.
مشاركة :