نيويورك – تخطط دول كبرى لإلغاء الانتخابات الليبية المزمع تنظيمها في ديسمبر المقبل والتي تعد جزءا من الخطة الأممية للمبعوث غسان سلامة. وبدأ هذا المخطط يتضح أكثر مع عودة الحديث عن المفاوضات والحوار كحل لإنهاء الانقسام العاصف بالبلاد منذ أكثر من أربع سنوات. وتبدد هذه المساعي الآمال في إمكانية التوصل إلى تسوية للأزمة عن طريق الانتخابات. وقال مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي إن مساعي تبذل لاستئناف المفاوضات مقابل تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى. وأضاف في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك “علمت من دبلوماسيين في مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة أن مساعي حثيثة تجري لتعيين جيفري فلتمان كمستشار لغسان سلامة مسؤول عن الحوار الليبي”. وأشار إلى أن “فلتمان كان إلى وقت قريب وكيل الأمين العام للشؤون السياسية، والمسؤول عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وتوجيه الممثلين الخاصين للأمين العام، وقد نجح في توجيههم بما يخدم السياسات البريطانية والأميركية في المنطقة والتي تقوم على استدامة الفوضى في ليبيا وتأجيل الحلول”. وعارضت بريطانيا وإيطاليا منذ البداية فكرة إجراء الانتخابات لكن بطريقة غير مباشرة حيث اشترطت ضرورة توحيد السلطة التنفيذية ومؤسسات الدولة أولا ومن ثم إصدار دستور للبلاد واعتبرت تلك الشروط بمثابة ورقة حمراء ضد إجراء الانتخابات، فالفرقاء الليبيون أثبتوا على مدى ثلاث سنوات من المفاوضات الفاشلة استحالة توصلهم إلى صيغة توافقية تنهي الانقسام، كما أن مسودة الدستور تقابل برفض شعبي في مختلف الأقاليم وخاصة في برقة (شرق) حيث يطالب السكان هناك بالفيدرالية. وتصويت مجلس النواب مؤخرا على قانون الاستفتاء على مشروع الدستور وفقا للأقاليم يعزز بقوة هذه الفرضية حيث يتوقع مراقبون أن يسقط في إقليم برقة وهو ما سيفتح الباب لمعركة سياسية وقانونية جديدة بشأن الدستور قد تستمر لسنوات. واعتبر إبراهيم الدباشي أن “عودة فلتمان إلى الملف الليبي وقبوله بالعمل تحت سلامة يدل على أن هناك مخططا أميركيا بريطانيا إيطاليا لإبعاد شبح الانتخابات والتنكر لمبادئ الديمقراطية والعودة إلى نقطة الصفر من خلال تنظيم حوار بين ليبيين يختارونهم كيفما شاءوا ويستمر لأطول فترة ممكنة بحجة تحقيق توافق يعرفون أنه مستحيل”. ويبدو أن إيطاليا نجحت في إقناع الولايات المتحدة بفكرة إلغاء الانتخابات التي كانت من بين أول المرحبين بها مطلع العام. ويقول مراقبون إن روما قد تكون استفادت من التوتر الفرنسي الأميركي المتصاعد بسبب عدة قضايا في مقدمتها الصراع على النفوذ في أفريقيا، لإقناع واشنطن برؤيتها بشأن ليبيا. وتصاعدت الخلافات الفرنسية الإيطالية في الأشهر الماضية حول ليبيا، لا سيما بعد مؤتمر باريس. وكان غسان سلامة ألمح خلال تصريحات سابقة إلى صعوبة إجراء الانتخابات وفقا لموعد 10 ديسمبر الذي جرى تحديده خلال مؤتمر باريس بسبب تردي الوضع الأمني وتلكؤ البرلمان ومجلس الدولة في إصدار التشريعات اللازمة لها. ورغم ترحيب أغلب الأطراف المحلية بفكرة إجراء الانتخابات كبديل للمفاوضات التي فشلت في إنهاء الانقسام إلا أنها سرعان ما تراجعت عن ذلك خدمة لمصالح شخصية أو ربما بضغوط خارجية من قبل بعض القوى الرافضة لها. وتابع الدباشي “لو تحقق تعيين فلتمان في البعثة فإن دوره سيركز على وقف مساعي سلامة التي بدأت تركز على أصل الداء وهو الجانب الأمني من خلال تفعيل الأجهزة الأمنية النظامية وكبح جماح المجموعات المسلحة في العاصمة”.
مشاركة :