أطفال يدفعون ثمن غياب وعي المجتمع

  • 10/11/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تعتبر ظاهرة استخدام الأطفال للأجهزة الالكترونية من الظواهر التي باتت منتشرة في مجتمعنا بشكل كبير يفقد السيطرة عليه ، خصوصاً وأن هناك إحصاءات تؤكد أن استعمال الأطفال لهذه الأجهزة لفترات طويلة تتخطى الساعة في اليوم الواحد وربما أكثر ، وسط غياب تام من الأهالي عن اضرارها التي بدأت تلقي علينا أثارها بسلوكيات واضطرابات لدى العديد من الأطفال نتج عنها تأثير سلبي على قدرة الطفل على التركيز واضطرابات في عدد ساعات النوم وتراجع حاد في قدرة الطفل على التذكر وزيادة عصبيته والميل نحو العنف بشكل لافت للأنظار . الأمر الذي يستدعي تحرك الجهات المختصة إلى تكثيف الجهود لتوعية المجتمع بأضرارها وما قد تتسبب فيه من أثار جانبية على المدى الطويل . ”أضواء الوطن” طرحت القضية على عدد من المواطنين والاختصاصيين حيث نبذوا ذلك التصرف مشيرين إلى أن التقنية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي غذت لدى أطفالنا العديد من السلوكيات الخاطئة ، وشددوا على أهمية التوعية للقضاء عليها من خلال الأشراف العام على الأبناء وتحديد فترات استخدام الأجهزة الإلكترونية . حيث بين الأستاذ أحمد صالح الغامدي ”مرشد طلابي بتعليم جدة” أن الأجهزة الالكترونية بشتى أنواعها سلاح ذو حدين ، وإن مانشاهده من خلال عملنا في الميدان من سلوكيات صادرة من بعض الطلاب مثل العدوانية ، عدم الإنضباط أثناء الطابور الصباحي و داخل حجرة الصف من حركات غير إرادية يدل على أن أبناءنا أستخدموا هذه الأجهزة بطريقة غير صحيحة، ويرجع السبب في ذلك غياب التوعية عن أضرار تلك الأجهزة على مستوى المجمتع بشكل عام وعلى مستوى الأسرة بشكل خاص ، لاشك أن للأسرة دور كبير في هذا الجانب وهي محور القضية فنجد الوالدين يحضران لأبنائهم الأجهزة الكترونية ويتركونهم دون رقيب ، ويقضون الأبناء ساعات طويلة أمام هذه الأجهزة مما يؤدي إلى تأثيرات غير محمودة ، قد تكون نفسية أو دراسية أو سلوكية ، لذلك نجد بعض الطلاب من خلال عملنا في الميدان لديهم تدني في المستوى الدراسي ، وضعف في التركيز ، كثير النسيان كثير الحركة، عصبي عدواني، والبعض منهم يخلد إلى النوم بسبب السهر ليلاً على تلك الأجهزة في ظل غياب دور الأسرة ، لقد أصبحت الأجهزة الكترونية هي المتنفس الوحيد للأجيال الحاضرة ولذلك نجد تلك الأجهزة مع الطالب في المنزل وفِي الأماكن العامة بل حتى وهو في طريقه إلى المدرسة فعلينا جميعاً توعية المجتمع بكافة أطيافه عن مدى تأثير تلك الأجهزة على أفراد المجمتع بشكل عام وعلى طلاب المدارس بجميع مراحلها وخاصة المرحلة الابتدائية . وأخيراً أرى أن الحل يكمن في حظر إستخدام الأجهزة الإلكترونية خلال أيام الدراسة مما يسهم في تخفيف تلك التأثيرات عليهم مستقبلاً والله الهادي إلى سواء السبيل . كما أكد الدكتور حسن الأهدل ”مستشار أسري” أن إدمان استخدام الأجهزة الذكية أصبح ظاهرة عالمية تشتكي منها كل المجتمعات خاصة مع سهولة توفر الجوالات للجميع والتي أصبحت تقوم بكل مايقوم به جهاز الكمبيوتر وأبرز الاستخدامات الإدمانية تتركز حول ممارسة الألعاب سواء الموجودة في الأجهزة نفسها أو في الشبكة العنكبوتية وكذلك استخدام مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي أو استخدام الأنترنت للتصفح أو لمشاهدة الأفلام والمقاطع وسماع الأغاني و المحاضرات . وهذا الإدمان لم يختص به أحد أو عمر معين فقد انتشر بين الجميع ، ذكور وإناث ، بالغين ومراهقين وأخطره على الأطفال ، إذ أن الطفل لايزال في مرحلة البناء والتعلم فهو في مرحلة البناء الجسدي والذهني والعقلي والاجتماعي والثقافي والأخلاقي والقيمي ، فهذا الإدمان على أقل تقدير سيبطء ويؤثر بشكل كبير على عملية البناء والتعلم ناهيك عن الأخطار الجسدية والعقلية . لذا فقد عكف العديد من المتخصصين ومن مراكز البحوث على دراسة هذه الظاهرة وحاولوا توصيف المشكلة وأسبابها وإقتراح الحلول المناسبة لها ومن أبرز هذه الحلول التوعية بالمشكلة والتحذير من أخطارها ، والمبادرة إلى علاجها قبل أن تصبح إدمان يصعب الخروج منه ، ومنع أو على الأقل تقنين إعطاء الأجهزة للأطفال وقد يكون من أبرز التوصيات واصعبها هو أن يبدأ الوالدين بعلاج انفسهما أولاً قبل الأخذ بعلاج أبنائهم ، فقد نجد أحد الوالدين أو كلاهما مدمن على استخدام هذه الأجهزة لذا فيصعب عليهما التمسك بخطة لعلاج أبناءهم بل قد يكون هم السبب الرئيسي في إدمان أطفالهم حيث يعطوهم الجهاز لاشغالهم به للتفرغ لأجهزتهم هم ففاقد الشئ لايعطيه ، وإن كان رب الدار بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص والطبل . وقد نجد قريبًا حاجة المجتمعات إلى إنشاء مراكز متخصصة لعلاج هذا الإدمان لسرعة إنتشاره ودخوله تقريبا للكثير من البيوت والأهم صعوبة علاجه ذاتياً . من جهتها أوضحت الكاتبة سناء مهدي أن اقتران المحتوى الإيجابي للهاتف الجوال أو الآيباد يتواكب ومتغيرات العصر ، المنخرطة في ركبها كل الفئات العُمرية على حدٍّ سواء، إلا أن سلبياتها على الأطفال واقع لا يخفى على الآباء والمربين، وقد يتفاقم الأمر إلى ظاهرة مرضية تستدعي العلاج الفوري . وذلك عند الاستسلام لسيطرته نفسيًا وصحيًا واجتماعيًا دون البحث عن البدائل ، بدءًا تستطيع المشاركة معهم في التصفح والاطلاع على مختاراتهم من برامج ومقاطع وألعاب ، تستطيع إتاحة الحوار الهادئ والإقناع اللبق بطرح بدائل مشابهة ”بمعية الأبوين” كمشاهدة أفلام على التلفزيون، أو قراءة الكتب المناسبة، أو عمل مسابقات بين الإخوة وجلب ألعاب للترفيه والفائدة ، كل ذلك يتأتى أكله في تحديد وقتٍ لكل نشاط، ووقت للراحة وللنوم والتحصيل .. بعيدًا عن الجوال . ربما الحرمان منه أمر صعب لكن التدرج في الاستغناء عنه يستحق البحث حفاظا على جيلٍ واعٍ . بينما يرى الدكتور جمعان الغامدي ”مشرف الملتقى الثقافي بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجدة” أن الإستخدام المفرط للأجهزة الذكية من قبل الأطفال والمراهقين يشكل ناقوس خطراً مرعباً ومؤججاً للمجتمع ، لما قد تسببه من أمراض نفسية ومشاكل إجتماعية ، تتمثل في الإنطوائية والعزلة الإجتماعية ، والجرائم المجتمعية بل والأسرية ، حتى وصل الأمر إلى أن الأسرة قد تكون مجتمعة في مكان واحد ومن خلال تلك الأجهزة كل منهم في عالمه الخاص . وفي ذات الوقت جميعنا لا ننكر أن هذه التقنية أضحت تلعب دوراً بارزاً في حياتنا اليومية، كوسيلة للتواصل الاجتماعي بين الأبناء وابائهم بين الأصدقاء بين زملاء العمل ، كما تعد مجالاً خصباً للترفيه ومنبراً متوهجاً لمصادر المعرفة ، وعنصراً فاعلاً لقضاء وقت الفراغ . ولكن المرعب في الأمر أنها انتشرت بين الأطفال والمراهقين بشكل ملفت للأنظار ، الأمر الذي وصل بأولئك الأطفال إلى قضاء ثلثي يومهم مع تلك الأجهزة، وهذا ما نقصد به دق ناقوس الخطر على الصحة النفسية والجسدية لأطفالنا وشبابنا وشاباتنا . وقد أثبتت عدداً من الدراسات أن الأطفال والشباب والشابات أكثر أستخداماً لهذه الأجهزة من أبائهم وأمهاتهم ، بل أن هناك علاقة طردية بين أستخدام الأطفال لهواتفهم وقلق أولياء أمورهم من هذا الإستخدام المفرط ، الأمر الذي حدا بالأطباء النفسيين والمستشارين الأسريين ورجال التربية والتعليم ، إلى ضرورة تقنين استخدام تلك الأجهزة ، ومطالبة الأسر وأولياء الأمور بمراقبة ابنائهم ونصحهم وارشادهم إلى ترشيد استخدام أجهزتهم الذكية ، ناهيك عن المطالبة بضرورة وضع ألية للمواقع والبرامج التي يجب أن تتاح لهم . وهنا أود أن أختم ما أشرت إليه بعاليه أن هؤلاء الأطفال والشباب والشابات أمانةٌ في أعناقنا ويتوجب علينا مراقبتهم بشكل تربوي عقلاني وتوجيههم إلى الأصلح والمفيد وعدم ترك ( الحبل على الغارب ) ، مع تبيان مساوئ تلك الأجهزة ومدى ضرر الأسهاب في استخدامها . وأن الأستخدام الأمثل لها يوازن بين شخصية الطفل وسلوكياته ، فأما أن يكون شخصاً سوياً فاعلاً في مجتمعه ، وإما أن يكون رهين تلك الأجهزة وما تسببه له من مشاكل صحية ونفسية وعضوية أيضاً . وأوضح الأستاذ أحمد الثقفي ”مدير المكتبة العامة بجدة” أهمية ربط الأطفال بالكتاب الذي يساهم بشكل كبير في قضاء وقت الفراغ بما يفيد الطفل ويشغلهم عن الأجهزة الالكترونية لفترات طويلة حيث أن المكتبات العامة تستقبل الأطفال من السنة الثَّالثة مِن العمُر، أو حتَّى قبلَ هذه السِّن؛ وذلك بصحبة الأب، أو الأم، وفي هذه السن المُبكرة تُغرس فيهم عادة التَّردد على المكتبة العامة لاستخدامِها والاستفادةِ مِن مُقتَنياتِها وخِدماتِها وأنشطتِها. إن الأطفال الصغار وإن لم يكونوا قادرِين على القراءة فإنَّهم يُمارسون اللَّعِب ببعض أدواتِ التَّسلية المتعددة المتوفِّرة في المكتبةِ، أو يُشاهدون أفلامًا هادفةً، أو يَستمِعون لقِصص خاصة بهم، تُحكى لهم مِن قِبل أشخاصٍ يتقمَّصون شَخصيات أبطال القِصص، ويَحكُون فصولَها أمامَ الأطفال بِلُغة سهلة وواضحة ، تَتناسب وقُدْراتِهم الذِّهنية، أيضًا يتعود الأطفال في هذه السِّن المُبكرة على كثير مِن الخِصالِ الحميدة كالهدوء، وحُسنِ الإصغاءِ، واحترام مشاعر الآخرين وحقوقِهم، هذا إلى جانب استعارة بعض القصص القَصيرة والمُصوَّرة بواسطة آبائهم، أو أُمَّهاتهم حيثُ يَتولى الأب ، أو الأُم في المنزل قراءة هذه القِصص لهم، ومناقشتَهم فيها. ومِن الفوائد التي يَجنيها الأطفال مِن المكتبات العامة: غرس حُب المكتبة ، وعادةِ التردد عليها، فيَكْبر الطِّفل ويَكبر معه حُبه لها، واحترامه لرسالتها، وتقديره لخِدماتها ، ذلك أنَّه سيتَذكَّر فيما بَعد أنها المكتبةُ الوحيدةُ التي استقبلته طوال مراحلِ طُفولته، وأنَّها لا تَزال تفتح أبوابَها له فيما تَبقَّى مِن عُمُره، حتَّى إن كان شيخًا كبيرًا، طالما أنه قادر على الاستفادة منها . وحذر الدكتور عبدالرحمن العمري ”مشرف برامج التربية الخاصة” من إفراط الأبناء في استخدام الأجهزة الالكترونية وقد تظهر هذه المشكلة في مع بداية الإجازة الصيفية من كل عام إذ يحرص الوالدين على إهداء ابنائها هدايا النجاح وقد تكون أجهزة إلكترونية تحتوي على ألعاب الفيديو على سبيل المثال ونتيجة الاستخدام غير المنضبط تصبح فترة اللعب أكثر إدماناً ثم تستمر هذه العادة للأبناء مع أيام الدراسة حيث يصعب إقناع الأطفال بتركها وليست هذه القضية مشكلة محلية بل عالمية تحذر منها منظمات الطفولة والمهتمة باستخدام الألعاب الالكترونية فعلى سبيل المثال وضعت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال معيارا لإستخدام الأجهزة الذكية اذا حذرت من استخدامها للأطفال اقل من سنتين وساعة واحدة في اليوم للأطفال من سن ٣ الى ٥ سنوات وساعتان للأطفال من ٦ الى ١٨ سنة ، وقد وضحت بعض الدراسات العلمية الآثار المترتبة للاستخدام المفرط كالضعف في التركيز أثناء أداء المهمات التعليمية وقصور في الذاكرة طويلة المدى عند استرجاع المعلومات وقد تظهر مشاكل ايضا في مهارات التآزر البصري الحركي ، وحركات تكرارية غير نمطية وظهور آلام في اليدين والعيون ، وهناك سؤالا هاما يظهر وهو ايضا ماهو طبيعة المحتوى لهذه الألعاب فقد تكون بعض الألعاب ايضا غير مناسبة لبعض الأعمار وخاصة الصغار ومصممة كألعاب قتالية ومغامرات أكثر عنفا مما يسبب الذعر والخوف وخاصة أثناء النوم ولذلك يجب الأنتباه أولا لطبيعة اللعبة ومناسبة العمر ،، وقد يحدث لا قدر الله انفصاماً لشخصية الطفل نتيجة الوقت الطويل في هذا الواقع الافتراضي البعيد عن واقعه الحالي وحيث أن الألعاب الالكترونية أصبحت الشغل الشاغل وللخروج من هذا المأزق أنه يتعين على الوالدين توفير خيارات أخرى مناسبة ليستمتع بها الأطفال كوقت للقراءة حيث يختار الطفل ما يناسبه مع تعزيزه لترسيخ عادة القراءة و أيضا توفير وقت للعب ليفرغ الطفل طاقاته لتعزيز الصحة العامة وتنمية مهاراته فيما يعود عليه بالفائدة ووقت لمشاهدة التلفاز وغيرها ،، وختاما أرى أن الحل كما ذكرنا يكمن في توفير خيارات أخرى مناسبة وانضباطا في اللعب بساعات محددة وألعاباً مناسبة ولا يجب التهاون في هذا الأمر.

مشاركة :