المجتمعات تدفع ثمن غياب العقاب في الجرائم ضد الصحافيين

  • 11/3/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في الثاني من نوفمبر من كل عام بغية تقييم الجهود المبذولة في سبيل تعزيز سلامة الصحافيين، لكن الأمور تزداد سوءا عاما بعد عام، ويبقى قتلة الصحافيبن دون عقاب في غالبية القضايا. باريس - قالت منظمة اليونسكو إنه ولأول مرة في التاريخ، تتخطى نسبة الصحافيين الذين قتلوا العام الماضي، في البلدان التي لا تشهد نزاعات مسلحة، نسبة الصحافيين الذين قتلوا في البلاد التي تشهد نزاعات مسلحة، حيث بلغت 55 بالمئة، فيما ظاهرة الإفلات من العقاب على هذه الجرائم لا تزال متفشية، إذ لم تقدّم للعدالة إلا جريمة واحدة فقط من بين 10 جرائم ارتكبت ضد الصحافيين. وجاء ذلك في تقرير أصدرته المنظمة بشأن سلامة الصحافيين ومخاطر الإفلات من العقاب بالتزامن مع الاحتفال باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين والذي يصادف الثاني من نوفمبر من كل عام. وقالت منظمة اليونسكو إن أكثر من ألف صحافي لقوا حتفهم بين عامي 2006 و2017 في جميع أنحاء العالم. وتقول اليونسكو إنه بالرغم من ارتفاع مستوى الوعي العام بهذه التحديات خلال السنوات الماضية، فإنّ هذه الأرقام تذكر بضرورة مواصلة الجهود المبذولة في هذا الإطار لتسليط الضوء على الجرائم المرتكبة ضد العاملين في وسائل الإعلام. ليس مجرد واجب أشارت المنظمة الأممية المعنية بالتربية والعلم والثقافة إلى مقتل 182 صحافيا بين عامي 2016 و2017 أثناء أداء عملهم. وأضافت أن العام الحالي شهد مقتل 86 صحافيا بين شهري يناير وأكتوبر. وبحسب منظمة “مراسلون بلا حدود” إن سوريا هي البلد الأكثر دموية في العالم بالنسبة إلى المراسلين، تليها المكسيك، البلد الذي لا يشهد حربا لكنه يبقى الأكثر خطورة. وقالت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي بمناسبة هذا اليوم “يعدّ التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب جزءا لا يتجزأ من حرية التعبير وحرية الصحافة والانتفاع بالمعلومات”. وتابعت إن “تعزيز سلامة الصحافيين الذين يعرضون حياتهم للخطر بغية تزويدنا بالمعلومات ليس مجرد واجب حتمي وإنّما تحدّ يجب على الديمقراطية التغلب عليه”. وقالت اليونسكو إن العام الماضي شهد زيادة ملحوظة في عدد الصحافيات اللواتي لقين حتفهن أثناء أداء عملهن. فقد رصدت اليونسكو في عام 2017 مقتل 11 صحافية، وهو أكبر عدد للضحايا من الصحافيات منذ عام 2006. ويفيد التقرير أيضا أن الصحافيات معرضات أكثر من غيرهن لتهديدات التحرش الجنسي أو اللفظي، فضلا عن المضايقات على الإنترنت. وفي هذا السياق، قالت أزولاي “لا بدّ من تعزيز التزامنا في التصدي للمخاطر المحددة التي تهدد سلامة الصحافيات”. وأفادت اليونسكو إن الصحافيين المحليين الذين يقومون بالتحري في قضايا الفساد والجرائم والسياسة يمثلون الأغلبية الساحقة من عدد الضحايا في هذا المجال، حيث بلغت نسبتهم 90 بالمئة من الصحافيين الذين قتلوا في عام 2017. ولكن مقتل الصحافيين المحليين يحصل على اهتمام إعلامي أقل بكثير من الاهتمام الذي يُمنح لمقتل الصحافيين الأجانب. وعقدت اليونسكو ندوة إقليمية مع الحكومة اللبنانية في بيروت بعنوان “تعزيز التعاون الإقليمي لإنهاء الإفلات من العقاب للجرائم والاعتداءات المرتكبة ضد الصحافيين في العالم العربي”. وضمت الندوة عددا من أصحاب القرار والخبراء وممثلين عن السلطات القضائية وقوات الأمن واللجان الوطنية لحقوق الإنسان ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، وذلك لاستكشاف السبل الممكنة لتعزيز وتنسيق رحلة التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب. وقال حمد الهمامي مدير المكتب الإقليمي لمنظمة اليونسكو في مداخلته إن “سلامة الصحافيين من أولويات المنظمة ممثلا بقطاع الاتصال والمعلومات بشكل خاص، ومن هنا كان العمل على خطة عمل لسلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب التي اعتمدت من قبل المجلس التنفيذي للأمم المتحدة عام 2012”. ودشنت اليونسكو أيضا بمناسبة اليوم الدولي حملة عالمية بعنوان #الحقيقة_لا_تموت، وذلك بالشراكة مع جهات إعلامية في جميع أنحاء العالم. بهدف التشجيع على نشر مقالات كتبها صحافيون قتلوا خلال ممارستهم المهنة أو كتبت تكريما لذكرى هؤلاء. وفي رسالته بالمناسبة، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الصحافيات غالبا ما يكن “الأكثر تعرضا للاستهداف، ليس بسبب التقارير التي يُعدِدْنها فحسب، وإنما أيضا بسبب كونهن إناثا، ويشمل ذلك تعرضهن لخطر العنف الجنسي”. سيادة ثقافة الإفلات من العقاب غوتيريش: العام الحالي وحده شهد مقتل ما لا يقل عن 88 صحافياغوتيريش: العام الحالي وحده شهد مقتل ما لا يقل عن 88 صحافيا ذكر غوتيريش أن العام الحالي وحده شهد مقتل ما لا يقل عن 88 صحافيا، مشيرا إلى “تعرّض آلاف عديدة أخرى من الصحافيين للاعتداء أو المضايقة أو الاحتجاز أو السجن بتهم مزيفة ودون مراعاة الأصول القانونية الواجبة. وهذا وضع شنيع ولا ينبغي أن يصبح هو الوضع الاعتيادي الجديد”.وحذر غوتيريش من أنه “عندما يُستهدف الصحافيون فإن المجتمعات ككل تدفع الثمن”.وأعرب عن القلق البالغ إزاء ازدياد الاعتداءات وسيادة ثقافة الإفلات من العقاب. وناشد الحكومات والمجتمع الدولي توفير الحماية للصحافيين وخلق الظروف التي يحتاجونها لمزاولة عملهم. وأثنى على “الصحافيين الذين يؤدون عملهم في كل يوم بالرغم مما يتعرضون له من ترهيب وما يتهددهم من أخطار، قائلا “عملهم وعمل من قضى من زميلاتهم وزملائهم يذكّرنا بأن الحقيقة لا تموت أبدا. وكذلك يجب ألا ينطفئ وهج التزامنا بالحق الأساسي في حرية التعبير”. وأضاف أن “كتابة التقارير الصحافية ليست جريمة"، داعيا إلى الوقوف معا دفاعا عن الصحافيين “من أجل الحقيقة والعدالة”. وفي الأعوام الأخيرة، تم تسميم الصحافي محمد العبسي في اليمن وقتل الصحافيين ميروسلافا بريش وخافيير فالديز بالرصاص في المكسيك، ومثلهما يان كوسياك وخطيبته في سلوفاكيا. ولا تزال التحقيقات جارية في مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي. وفي مالطا، وبعد عام من مقتل الصحافية دافني كاروانا غاليزيا بتفجير سيارتها، يؤكد نجلها ماثيو أن التحقيق لا يحرز تقدما سريعا ويضيف “تم اعتقال ثلاثة أشخاص، لكنهم مجرد منفذين، إنهم جميعا في أسفل القائمة”. وأعلنت اليونسكو الثاني من نوفمبر “يوما عالميا ضد الإفلات من العقاب بالنسبة إلى الجرائم بحق الصحافيين”، وذلك تكريما للفرنسيين غيسلين دوبون وكلود فيرلون اللذين قتلا في الثاني من نوفمبر 2013 في مالي. "صرختهما تطاردنا" قالت جمعية أصدقاء غيسلين دوبون وكلود فيرلون أن “صرختهما تطاردنا”، وأضافت في مقال نشر في صحيفة ليبراسيون أن اغتيالهما، وكذلك اغتيال آنا بوليتكوفسكايا في موسكو العام 2006 وماري كولفان في سوريا العام 2012 “تتحمل الدول ودوائرها الدبلوماسية وأجهزة شرطتها واستخباراتها وقضاؤها مسؤوليته المباشرة”. ومضت خمسة أعوام على اغتيال الصحافيين الفرنسيين والتحقيق يراوح مكانه. وتوجه قاض فرنسي متخصص في مكافحة الإرهاب للمرة الأولى إلى مالي في مارس الفائت، لكنه لم يتمكن من التحقيق في مكان وقوع الجريمة. وأُطفئت الأنوار في برج إيفل في أول نوفمبر قصد القيام بدقيقة صمت من أجل قتلى الصحافيين ولإحياء ذكرى اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين. وتجمع أعضاء من منظمة “مراسلون بلا حدود” الفرنسية حاملين ملصقات بصور صحافيين قتلى.

مشاركة :