انتقد أعضاء مجلس الشورى السعودي بلغة ديبلوماسية وزارة الخارجية في مواضع عدة، منها النجاح الموقت في التصدي لتزايد النفوذ الإيراني، والمحاولات التركية لاستغلال الإسلام السياسي، بعد أن فشلت سياسة الوزارة في اليمن، ونظراً لطبيعة أعمال الخارجية، اكتفت لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس بإرجاء مناقشة المواضيع ذات الطابع السري لحين حضور وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل تحت القبة، بعد أن وافق المقام السامي على دعوة «الشورى» له. ولم يكتف الأعضاء في جلسة الشورى أمس (الإثنين) بذكر سلبية تعاون السفارات السعودية مع المواطنين، حتى ارتفع سقف المطالب الشورية للمشاركة في إعداد استراتيجية المملكة الخارجية، وتعيين نساء سفيرات وفي مناصب ديبلوماسية قيادية، بيد أن المطلب الأول أحبطه العضو الدكتور سعود السبيعي بالقول: «دور مجلس الشورى - بحسب نظامه - يقتصر على إبداء رأيه في سياسات الدولة العامة، ولا تحق له المشاركة في إعدادها وتنفيذها، وأن ذلك من صلاحية مجلس الوزراء فقط». وكان العضو اللواء حمد الحسون الأكثر جرأة في نقد الخارجية بتأكيده عدم رضا كثير من السعوديين عن تعامل السفارات حول العالم، وعدم التجاوب السريع في القضايا الصغيرة، إضافة إلى النظرة السلبية من مسؤولي السفارات والقنصليات للمذنبين من المواطنين، وعدم التفاني لمساعدتهم، ما يجعلهم يتوجهون إلى طرق بديلة، طبقاً لقوله. وعبر أعضاء الشورى عن عدم رضاهم عن سياسة المملكة الخارجية في القارة السمراء تحديداً، إذ إن 9 دول أفريقية تحاول الدخول للمملكة منذ أعوام، بحسب العضو الدكتور أحمد الزيلعي ولم تستطع، مضيفاً: «هناك بطء في تطوير العلاقات مع الدول الأفريقية، أو أن التعامل مع هذه الدول كما يقول الشاعر الشعبي: اللي يبينا عيت النفس تبغيه واللي نبيه عيا البخت لا يجيبه». ولم ترض العضوتان دلال الحربي ولبنى الأنصاري عن التمثيل النسائي في وزارة الخارجية، إذ انتقدت الحربي غياب المعلومات عن دور مركز المرأة في الوزارة، على رغم إنشائه قبل 10 أعوام، فيما اعتبرت الأنصاري أن ما ذكرته الوزارة في تقريرها حول توظيف 21 في المئة من النساء في وظائف ديبلوماسية غير صحيح، وأن النسبة الحقيقية 4.5 في المئة». وقالت الأنصاري: «حان الوقت لتعيين المرأة سفيرة وفي مناصب عليا داخل الوزارة»، مطالبة الوزارة بالتفكير جدياً في هذه الخطوة، لأن الوقت حان، مضيفةً: «يجب تدريب النساء في معهد الدراسات الديبلوماسية، لأن التقرير يظهر أن من حظي بالتدريب زوجات الديبلوماسيين فقط، وأعدادهن قليلة». واتفق الأعضاء مع مقترح ورد في تقرير وزارة الخارجية حول توحيد الجهود المبذولة في الإعلام الخارجي، ليطالب العضو عساف أبو اثنين بأن تُفصل وكالة الإعلام الخارجي التابعة لوزارة الإعلام، وأن تلحق بوزارة الخارجية، فيما طالب العضو الدكتور يحيى الصمعان بإنشاء لجنة داخل الوزارة تعنى بمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وربطها بالسعودية في الإعلام الغربي». وطالب العضو الدكتور سعيد الشيخ بأن تعمل وزارة الخارجية على تعميق البعد المؤسسي لزيادة احتمالات النجاح وإدراك الأبعاد المستقبلية للمواقف السياسية للمملكة إثر المواقف الجريئة التي اتخذتها إبان ثورات الربيع العربي من بعض الدول الإقليمية، وهو ما دعاه إلى تشكيل لجنة مشتركة مع وزارة الخارجية لإعداد استراتيجية السياسة الخارجية ومتابعة تنفيذها. من جهة ثانية، طالب مجلس الشورى السعودي صندوق الموارد البشرية (هدف) بالإسراع في تشغيل المرصد الوطني لسوق العمل، وتفعيل دوره بما يمكّنه من توفير الإحصاءات والمعلومات والبيانات والتقارير الدقيقة والحديثة لطالبي العمل والمهتمين بشؤونه في القطاعين الحكومي والخاص. كما دعا المجلس في قراره «هدف» إلى تطوير آليات توظيف السعوديين، من خلال العمل مع الجهات المعنية لوضع تعريف موحد للباحثين عن عمل، وتصنيف معتمد للمهن وللمستفيدين من خدماته من المؤسسات والأفراد، وربط خدمات الصندوق بهذا التصنيف. العطيشان: الدولة لم توفق في تحقيق تطلعات ولي الأمر < ما زالت صرخات أعضاء الشورى تدوي تحت قبة المجلس كلما طرح موضوع للبطالة، وكانت مداخلة العضو الدكتور عبدالعزيز العطيشان الأقوى صدى من خلال مقترح للتوطين تمت مناقشته في جلسة أمس، بعد أن قال: «لم نوفق كدولة ومسؤولين في تحقيق تطلعات ولي الأمر». وذكّر العطيشان الأعضاء بتاريخ مشكلة البطالة العائد إلى عام 1410 عندما صدر أمر سام بسعودة عقود التشغيل والصيانة في قطاعات الدولة بنسب محددة، مشيراً إلى أن حصول المواطنين على وظيفة ذات دخل كاف رغبة لم تتحقق لكل عضو فضلاً عن تطلعات ولي الأمر. لينطلق العطيشان في مهاجمة برنامج «نطاقات» في وزارة العمل، لأنه السبب في انتشار السعودة الوهمية في القطاع الخاص، وقال تأكيداً لكلامه: «اسألوني أنا! نظام نطاقات غير صحيح، لأن الشباب يتعود على الكسل بتسلمه بضعة آلاف وهو في بيته»، مضيفاً: «ماذا إذا ذهبت الطفرة الحالية؟». وأقر المجلس بعد مداخلة العطيشان ملاءمة درس مقترح للتوطين قدمه العضو عبدالرحمن الراشد، يذكر أن الشورى يدرس حالياً ثلاثة أنظمة متعلقة بمكافحة البطالة ونقل وتوطين التقنية، ويعتبر المقترح المقدم من العضو الراشد بمثابة المظلة العامة للمقترحات الثلاثة بحسب توضيح نائب رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس الدكتور فهد العنزي.
مشاركة :