رفع أنقاض مخيم اليرموك تمهيداً لإعادة إعماره

  • 10/13/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بين أبنية مدمرة، تشق جرافة صفراء طريقها لتتوقف أمام تلال من الركام تحجب الرؤية عما خلفها، قبل أن يبدأ سائقها رفع الأنقاض تدريجياً ونقلها الى شاحنة قريبة في أحد أحياء مخيم اليرموك في جنوب دمشق الشاهد على سنوات النزاع. وتحول مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين خلال سنوات الحرب السورية، رمزاً لمعاناة قلّ نظيرها، بعدما شكل ساحة معارك بين أطراف عدة تناوبت على السيطرة عليه، وتعرض لقصف عنيف وحصار محكم دفع سكانه للفرار منه. في أروقة المخيم الخالي من سكانه، يطغى مشهد الدمار على ما سواه. ولا يتردد في أنحائه إلا ضجيج جرافات وشاحنات تتنقل بين شوارعه الضيقة، بعد نحو خمسة أشهر من سيطرة القوات الحكومية عليه إثر طرد تنظيم «داعش» منه. ومنذ ثلاثة أسابيع، بدأت عملية إزالة الأنقاض من المخيم في إطار خطة مشتركة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة السورية، من المتوقع أن تستمر شهراً إضافياً. وقال عضو لجنة الإشراف على المشروع المهندس محمود الخالد (56 سنة): «عندما دخلنا في اليوم الأول، كان المشهد مرعباً وصادماً للغاية، لكن الصورة بدأت تتضح بشكل أفضل بعدما باشرنا التنظيف». وزاد: «أزلنا 50 ألف متر مكعب من الأنقاض، وفتحنا كل الطرقات الرئيسة، والهدف التمهيد لإعادة إعمار المخيم وإعادة السكان إلى بيوتهم» في مراحل لاحقة. وأظهرت نتائج مسح أولي للأضرار، الحاجة إلى إزالة 20 في المئة من أبنية المخيم بشكل كامل، بينما يحتاج 40 في المئة منها إلى أعمال ترميم وتدعيم، بينما البقية صالحة للسكن. ويعدُّ مخيم اليرموك أكبر المخيمات الفلسطينية في سورية، وكان يعيش فيه قبل اندلاع النزاع 160 ألف شخص بينهم سوريون. لكن الحرب، التي وصلته في العام 2012 مع سيطرة الفصائل المعارضة عليه وحصاره من قبل القوات الحكومية ثم دخول «داعش» إليه في العام 2015، أجبرت سكانه على الفرار داخل سورية وخارجها. ولم يسلم شارع أو حارة من الدمار جراء الغارات والقصف على المخيم. ويشاهد من يتجول في أنحائه بقايا أدراج معلقة بأبنية، ومنازل لم يبق منها سوى بضعة جدران أو أعمدة، وأخرى تحولت إلى تلال من الحجارة. وعلى نقطة أمنية عند مدخل المخيم، يضع جنود سوريون كمامات لتجنّب تنشق الغبار المتصاعد من عملية إزالة الأنقاض. وفي الأزقة الضيقة، ينهمك سائقو جرافات برفع حجارة ضخمة وقضبان حديد ملتوية، بينما تغادر شاحنات تباعاً لإفراغ حمولتها. ويشير الخالد، إبن مخيم اليرموك، إلى منزله المتضرر ومكتبه المدمر وبيوت عائلته، ويقول: «أعرف كل زاوية في المخيم. هنا ترعرعتُ وكبرت وأنا متفائل بعودته» إلى سابق عهده. ولم تتضح الخطوات المقبلة التي ستلي عملية إزالة الأنقاض من الشوارع الرئيسة في اليرموك، إذ تحتاج اعادة الإعمار إلى «جهود دولية»، وفق ما يقول الخالد. وأوضح مدير الإدارة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في سورية أنور عبد الهادي أن بدء إعادة الاعمار «بانتظار قرار الحكومة السورية» التي تدرس مخططاً لإعمار المناطق المحيطة بدمشق. ورداً على سؤال عما اذا كان يتم التواصل مع جهات دولية للمساهمة في إعادة إعمار المخيم، قال: «سنتواصل مع الجميع عندما نتفق مع الدولة على خطة الإعمار». ويأمل المسؤول الفلسطيني بأن «تبدأ اعادة الإعمار بأقصى سرعة لعودة أهالينا الى المخيم». ويبدو أن عودة السكان الى المخيم «صعبة جداً» في وقت قريب، وهو ما كانت الأمم المتحدة أعلنته بعد استعادة الجيش السيطرة على المخيم، جراء غياب كامل للبنى التحتية من مياه وكهرباء ومنشآت صحية وخدمات أساسية. وعلى رغم تقدّمه في السن، يشارك ابراهيم عم علي (74 سنة) في الإشراف على عملية إزالة الأنقاض، إذ يتجول بين الجرافات غير مكترث بالغبار والتراب الذي ملأ شعره وثيابه. وقال الفلسطيني ابن مخيم اليرموك، وأحد أعضاء لجنة إزالة الأنقاض: «شعرتُ بأسى شديد حين شاهدتُ المبنى الذي عشت فيه وإخوتي مدمراً (...) اليوم تشتّتنا وتبعثرنا». وتمنى علي «مساعدة الدول الصديقة في إعادة إعمار المخيم». وأكد أن: «كل ما له بداية، له أيضاً نهاية. وها قد بدأنا».

مشاركة :