أعلن الرئيس اللبناني العماد ميشال عون بعد اجتماعه مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في يريفان، على هامش القمة الفرنكوفونية أمس، أن الأخير «يرغب في تشكيل الحكومة اللبنانية بعد الانتخابات النيابية»، في إشارة إلى أن البحث بينهما تناول أسباب التأخير في ولادة الحكومة بعد مرور 4 أشهر ونصف شهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليفها. وتواجه الحريري عقبات المطالب التوزيرية للفرقاء، والتنافس على حصص وحقائب وزارية بين فريق عون و «حزب القوات اللبنانية» (راجع ص4). ومع أن عون اكتفى بنقل «رغبة» ماكرون، مشيراً إلى أن تأليف الحكومة «شأن لبناني بحت»، فإن مصادر واسعة الاطلاع على التحرك الفرنسي كانت أكدت لـ «الحياة» أن الرئيس الفرنسي حدد الاجتماع مع عون في العاصمة الأرمينية من أجل حضّ الجانب اللبناني على تسريع ولادة الحكومة، لأن التأخير ينعكس سلباً على تنفيذ قرارات مؤتمر «سيدر» الذي رعته فرنسا في نيسان (أبريل) الماضي لمساعدة لبنان في النهوض من أزمته الاقتصادية، والتي كانت مشروطة بالإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لوقف الهدر والفساد وخفض العجز في الموازنة. وأوحت المصادر المطلعة، بأن الجانب الفرنسي يطرح ضرورة الخروج من المراوحة في تشكيل الحكومة العتيدة من باب «الحضّ» و «إسداء النصائح وليس الضغط»، وضرورة تحمّل اللبنانيين مسؤولياتهم في تنفيذ قرارات «سيدر» بعدما تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته في دعم لبنان بمبالغ استثمارية تبلغ 11.8 بليون دولار موزعة على 12 سنة لتطوير البنية التحتية اللبنانية، بعد العبء الذي تحمّله الاقتصاد اللبناني نتيجة استقبال مئات الألوف من النازحين السوريين خلال السنوات السبع الماضية. وذهب بعض الأوساط اللبنانية إلى حد القول إن «سيدر» قد يكون في خطر إذا ضاع مزيد من الوقت. مصادر لبنانية شبه رسمية قالت لـ «الحياة»، إن من الطبيعي أن يعتبر الجانب الفرنسي أنه بذل جهداً استثنائياً من أجل جمع 50 دولة ومنظمة دولية في «سيدر» من أجل مساعدة لبنان، فضلاً عن دعمه بمؤتمرين آخرين في روما (خصص لمساعدة الجيش والقوى الأمنية)، وفي بلجيكا في شأن المساعدات للنازحين، وأن تطبيق مفاعيل هذا الجهد يتطلب حكومة فاعلة... وأن إضاعة الوقت تجعل المجتمع الدولي لا ينتظر طويلاً إذا لم يفعل الجانب اللبناني ما عليه في الإفادة من الدعم. وتزامن «حضّ» باريس على تسريع ولادة الحكومة اللبنانية مع زيارة لبيروت قام بها السفير بيار دوكين الذي كلفه ماكرون متابعة تنفيذ قرارات «سيدر»، المختلف عن مؤتمرات سابقة بأنه يقدم مبالغ استثمارية لمشاريع يتولى القطاع الخاص في الدول المانحة ولبنان تنفيذها. وأضافت المصادر أن ضمان الإفادة من الدعم يبدأ بتشكيل الحكومة، كي تأخذ الإجراءات مسارها. وعلمت «الحياة» أن دوكين اجتمع قبل مغادرة بيروت أمس، إلى ممثلي سفارات عدد من الدول المانحة التي التزمت مساعدة لبنان، لإطلاعهم على نتائج لقاءاته التي شملت رئيس البرلمان نبيه بري والحريري، وتناولت ما أقرّ من قوانين لتسهيل تنفيذ «سيدر» وما تبقى من قوانين وقرارات تتطلب قيام الحكومة الجديدة. وكان الحريري أكد الثلثاء الماضي أن الوضع الاقتصادي لم يعد يتحمل مزيداً من التأجيل. وأشارت المصادر المواكبة لجهوده من أجل إزالة العراقيل من أمام الحكومة، الى أنه يعتبر أن الإقلاع بقرارات «سيدر» يحتاج إلى حكومة وفاق وطني، وإذا كان من حق الفرقاء أن يطرحوا طموحاتهم بالحصص التوزيرية والحقائب الأساسية، فإن من واجبه وضع صيغة مقبولة لا تلبي كل الطموحات لكنها صالحة لإخراج البلد من أزمته الاقتصادية. وأوضحت أن الحريري كان أبدى تفاؤله بإمكان إنجاز الحكومة خلال 10 أيام، لأنه لمس تجاوباً من عون في اجتماعهما الأخير الأسبوع الماضي، وأن اجتماعه معه اليوم أو غداً (عاد من يريفان مساء أمس)، وفق اتفاقهما، قد يشهد وضع اللمسات الأخيرة على صيغة كان قدمها إليه. وأكدت المصادر أن الحريري أبلغ من سألوه عن توزيع الأسماء والحصص والحقائب أن مَن يعرف ماذا تتضمنه الصيغة اثنان فقط، هو وعون. من جهة أخرى، قال الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في كلمة مساء أمس: «ليس لدينا جديد في موضوع تشكيل الحكومة، نحن نحضّ على تشكيلها من أجل المصلحة الوطنية، لكن بعضهم مصرّ على أن حزب الله محشور في الإقليم... لسنا مزعوجين ولا محشورين». وإذ شدد على «عدم وجود عوامل خارجية في مسألة تشكيل الحكومة»، جزم بـ «عدم تدخل ايران في موضوع التشكيل، ومثلها سورية».
مشاركة :