جاء قرار المصرف المركزي الأردني رفع أسعار الفائدة بداية الشهر الجاري، انسجاماً مع التطورات التي تشهدها أسعار الفائدة في الأسواق العالمية، وتحديداً مع رفع المركزي الأميركي لأسعار الفائدة بعد بيانات اقتصادية قوية. وأشار وزير المال الأردني السابق محمد أبو حمور في مقابلة مع «الحياة» إلى أن المركزي الأردني يتبع بالعادة قرارات مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي (المصرف المركزي) برفع أسعار الفائدة على أدوات الدينار الأردني، نظراً إلى ربط سعر صرف الدينار مع الدولار منذ عام 1995. وأضاف أن المركزي حافظ على أسعار فائدة السلف الممنوحة ضمن برنامج تمويل ودعم القطاعات الاقتصادية من دون تغيير بهدف الحفاظ على جاذبية البيئة الاستثمارية، في حين عمد إلى توسعة مظلة البرنامج ليشمل قطاع الصحة، وقطاع النقل والتعليم إلى جانب القطاعات الأخرى التي يشملها البرنامج حالياً. وتابع أن من الضروري إدراك مغزى القرار الإيجابي وضرورته ومبرراته المنطقية في ظل الحاجة إلى الحفاظ على سعر صرف الدينار وعلى مستوى ملائم من الاحتياطات الأجنبية إضافة إلى دوره في الحد من أخطار التضخم. وأكد أن البنوك ستعمد إلى رفع أسعار الفائدة استجابة لتوجهات السياسة النقدية، ما من شأنه أن يُشكل عبئاً إضافياً على المقترضين خصوصاً في ظل الظروف التي يمر بها المواطن الأردني إثر تباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع المداخيل. وأشار إلى أن رفع أسعار الفائدة يضيف ضغوطاً على القطاعات الاستثمارية غير المشمولة ببرنامج دعم وتمويل القطاعات الاقتصادية، كما أن السوق المالي قد يتأثر بارتفاع أسعار الفائدة، إذ تنخفض الجاذبية النسبية للاستثمار في أوراق المال عند ارتفاع أسعار الفوائد. ولفت إلى أن قرار رفع الفائدة سينعكس بشكل طبيعي على عبء خدمة مديونية المملكة، والتي تجاوزت 28 بليون دينار، فمن جانب سترتفع نسب الفائدة على الإصدارات المستقبلية لسندات وأذونات الخزينة المحلية، كما أن نسب الفائدة على القروض الخارجية والتي تصل نسبتها إلى نحو 40 في المئة من إجمالي الدين العام سترتفع خصوصاً إن علمنا أن ما يقارب 70 في المئة منها بالدولار. وتوقع أبو حمور أن ترتفع خدمة الدين العام الداخلي والخارجي من الفوائد بنحو 100 مليون دولار سنوياً، علماً أنها تبلغ نحو بليون ونصف مليون دولار هذه السنة، ارتفاعاً من 700 مليون دولار عام 2010. وفي الإطار، قال الخبير المالي مفلح عقل في تصريح إلى «الحياة» أن رفع أسعار الفائدة بشكل عام يكون له أثر سلبي في المدينين وحملة أوراق المال ثابتة الفائدة، أما المستفيدون من القرار فهم المودعون، إذ ترتفع نسبة الفائدة على ودائعهم. ولفت إلى أن الحكومة من أكبر المتضررين من القرار، إذ يشكل رفع أسعار الفائدة ضغوطاً إضافية عليها، كون القرار شمل ايضاً رفع أسعار الفائدة على الديون الخارجية بالعملة الأجنبية والتي يطلق عليها فوائد متحركة عائمة. وأكد أن لهذا القرار أثراً سلبياً في الاقتصاد وبخاصة الاستثمار إذ كلما ارتفع سعر الفائدة تردد المستثمر في استثمار امواله في البلد نظراً إلى أن كلفة رأس المال تصبح مرتفعة. واعتبر المحلل الاقتصادي وجدي مخامرة أن رفع اسعار الفائدة سينعكس بشكل سلبي على الفوائد التي ستدفعها الحكومة لأن الجزء الأكبر من الديون الخارجية مقوّمة بالعملات الأجنبية. ولفت إلى أن حجم الدين الأردني 40 بليون دولار منها نحو 16.5 بليون دولار ديون خارجية، مشيراً إلى أن حجم الفوائد والأقساط التي ستقوم الحكومة هذه السنة بتسديدها بلغ نحو بليون و600 مليون دولار وفقاً للأرقام الواردة في موازنة التمويل والنشرة الصادرة من البنك المركزي، بالتالي فإن رفع أسعار الفائدة سيزيد الأعباء على الموازنة. وأضاف أن الرفعات المتتالية لسعر الفائدة من قبل المركزي الأردني قد تدفع البنوك إلى رفع الفائدة على الإقراض للحفاظ على الهامش بينها وبين أسعار الفائدة على الودائع، وبالتالي سترتفع أسعار الفوائد وقيمة الأقساط على القروض المحلية التي تقوم الحكومة باقتراضها، ما يؤثر سلباً في الاقتصاد الذي يعاني من تراجع في النمو والاستثمار. وفي السياق، أوضحت جمعية البنوك في الأردن أن رفع أسعار الفائدة على قروض الأفراد أو تخفيضها يتم ضمن آلية محددة تعكس تعليمات التعامل بشفافية وعدالة مع الزبائن التي اصدرها البنك المركزي، والتي تلتزم بها جميع البنوك العاملة في المملكة، ويتم توضيحها في الاتفاق الذي يوقعه الزبون مع البنك، مبينة أن البنوك لا تستطيع رفع أسعار الفائدة على المقترضين تلقائياً، خصوصاً أن تغيير أسعار الفائدة محدد بعدد مرات معينة يلتزم بها البنك وتحددها العقود، مؤكدة أن البنوك لم يسبق لها أن رفعت سعر الفائدة إلا ضمن الآليات التي حددتها تعليمات البنك المركزي.
مشاركة :