توقع لـ "الاقتصادية" مختصون نفطيون أن يؤدي رفع الحظر عن تصدير النفط الأمريكي إلى مزيد من التراجع في الأسعار وزيادة حدة المنافسة على الحصص السوقية. وأوضح المختصون أن رفع الحظر الأمريكي المفروض منذ أكثر من 40 عاما سيصب في اتجاه اتساع تخمة المعروض خاصة أن الخام الأمريكي يستهدف أسواق غرب أوروبا، متوقعين أن يؤثر ذلك في النفط الروسي ونفط "أوبك". وقال لـ "الاقتصادية"، الدكتور امبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، إن رفع حظر التصدير عن النفط الأمريكي سيسحب من رصيد أسواق روسيا، حيث من المتوقع أن تعطي الأسواق الأوروبية الأولوية للنفط والغاز الأمريكي بحكم علاقات الشراكة الاقتصادية. وأشار فاسولي إلى أن القرار الأمريكي برفع الحظر، الذي يحيطه كثير من الجدل داخل الإدارة الأمريكية بات أقرب للتنفيذ في محاولة لإنقاذ صناعة النفط في البلاد، التي تواجه صعوبات واسعة في الاستمرار في ظل الظروف الحالية ويتمسك به اقتصاديون أمريكيون، معتبرين إياه الطريق الوحيد لإعادة الازدهار إلى تلك الصناعة الحيوية كثيفة العمالة في الولايات المتحدة. وأوضح فاسولى أن قرار رفع الحظر سيؤثر بشكل واسع في اقتصاديات الولايات المتحدة وفي سوق النفط الخام بشكل عام لافتا إلى أن بعض الأصوات مازالت تعارض هذا القرار في الداخل الأمريكي وتفضل التوسع في الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة. على جانب آخر، أوضح لـ"الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" للاستشارات، أن تقرير وكالة الطاقة الدولية الذي حمل رؤية متشائمة للسوق حتى نهاية عام 2016 سيؤثر سلبيا في مستوى الأسعار الذي انخفضت إلى مستويات قياسية لم تسجلها منذ قرابة عشر سنوات، مشيرا إلى أهمية تعاون جميع الأطراف على استعادة الثقة بالسوق. واعتبر نوبل أن التراجع الحاد في الأسعار له تداعيات واسعة على كل الأنشطة الاقتصادية خاصة أسواق المال، مضيفا أن الأمل معقود على مؤشرات الطلب بأن تخالف التوقعات وتقود السوق قريبا إلى التوازن المطلوب لأن فكرة تخفيض الإنتاج أصبح مستبعدا التوافق عليها بين المنتجين سواء في أوبك وخارجها وهو ما عكسه الاجتماع الوزاري الأخير لمنظمة أوبك. وقال نوبل إن حالة التسابق الإنتاجي والتصديري ستستمر في العام الجديد خاصة مع احتمال رفع حظر تصدير النفط الأمريكي ومع عودة ضخ الصادرات الإيرانية بمعدلات مرتفعة وبالتالي فإن قضية تعافى الأسعار مرهونة بنمو الطلب أو بسبب تداعيات بعض التوترات السياسية، التي تجدد المخاوف على الإمدادات. وأضاف نوبل أن استمرار انخفاض منصات الحفر الأمريكية يعد دلالة على احتمال قوى بتعافي الطلب وتقلص الإنتاج الأمريكي بات ضرورة مهمة في ظل الظروف الراهنة للسوق وكثير من الاستثمارات في مجال النفط الصخري تلجأ الآن لتجميد نشاطها وتراهن على استئناف النشاط بعد عودة قريبة لارتفاع الأسعار بحسب توقعاتهم. ويقول لـ "الاقتصادية"، نيل سيمس نائب رئيس شركة "إكسبرو" للخدمات النفطية لشؤون أسواق أوروبا، إن استمرار تراجع الأسعار سيزيد الأعباء على كل أطراف الصناعة خاصة الشركات الدولية في جميع تخصصاتها، حيث تتطلب المرحلة المقبلة أن تركز الشركات على تقوية علاقات الشراكة مع المنتجين والمشغلين والمطورين مع تقديم الحلول المبتكرة والمرنة في العملية الإنتاجية للوصول إلى أعلى معدلات الكفاءة في الأداء وتقليل الأعباء الخاصة بمصروفات الإنتاج. وأشار سيمس إلى أن "إكسبرو" تركز على تقديم خدمات متطورة فيما يتعلق باختبارات الآبار بالاعتماد على أحدث التكنولوجيات المتطورة في هذا المجال وهذا جزء حيوي ومهم لتطوير الإنتاج في صناعة النفط والغاز حول العالم. وأوضح سيمس أن روسيا من الصعب أن تقدم على فكرة خفض الإنتاج وهو ما أكده عديد من المسؤولين الروس في الشركات النفطية الكبرى لأسباب تتعلق بالبيئة والمناخ وصعوبة التخزين مشيرا إلى أن المشاورات بين روسيا و"أوبك" فيما يتعلق بخفض الإنتاج لم تسفر عن أي اتفاق وبالتالي أصبحت قضية الخفض معقدة وربما مستبعدة. وأضاف سيمس أن الأسعار في ظل صعوبة توافق المنتجين واستمرار تسابق الإنتاج مرشحة لمزيد من الانخفاضات الحادة غير المسبوقة والمستفيد الأكبر هو دول الاستهلاك التي ستخفض كثيرا في فواتير استيراد الطاقة، مشيرا إلى أن التعافي يحتاج إلى بعض الوقت حتى يحدث تسارع في معدلات النمو الاقتصادي في دول الطلب الرئيسية والاقتصاديات الناشئة بشكل عام. إلى ذلك، توقع مختصون معنيون بسوق النفط الخام أن يشهد الأسبوع الجاري مزيدا من الانخفاضات السعرية التي تتسع في أعقاب قرار الاجتماع الوزاري لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" بالإبقاء على سقف الإنتاج مرتفعا، حيث سجلت الأسعار مستويات قياسية هي الأدنى على مدار 11 عاما. واعتبر المختصون أن تقرير لوكالة الطاقة الدولية أسهم في إضعاف مستمر للأسعار بعد أن توقع استمرار حالة تخمة المعروض بشكل أكبر في العام الجديد بالتوازي مع ضعف مستويات الطلب العالمي على النفط. وأوضح المختصون أن ضخ النفط الإيراني بكثافة في العام المقبل مع تسارع الإنتاج والتصدير في العراق سيعزز تخمة المعروض على الرغم من استمرار تراجع منصات الحفر الأمريكية في إشارة إلى تناقص المعروض الأمريكي. وكانت أسعار النفط الخام واصلت هبوطها الحاد في ختام التعاملات لتتجه صوب أدنى مستوياتها في 11 عاما بعد أن حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن فائض الإمدادات العالمية قد يزداد العام المقبل. وهوت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بما وصل إلى 5 في المائة و12 في المائة خلال الأسبوع متأثرة بالطقس المعتدل في الولايات المتحدة وهبوط شديد لسوق الأسهم الأمريكية. وهيمنت الحيرة على المتعاملين والمختصين على حد سواء بسبب انخفاض النفط منذ اجتماع منظمة أوبك في الرابع من كانون الأول (ديسمبر)، الذي لم يتوافق حول سقف للإنتاج. وحذرت وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة بشأن الطاقة للدول المتقدمة من أن نمو الطلب على الخام بدأ يتباطأ. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت عن 38 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ كانون الأول (ديسمبر) 2008 وجرى تداولها منخفضة 1.80 دولار أو 4.5 في المائة عند التسوية إلى 37.93 دولار للبرميل. وهبط برنت خلال الجلسة إلى 37.36 دولار وهو أعلى بنحو دولار من المستوى 36.20 دولار الذي سجله خلال الأزمة المالية، وإذا نزل برنت عن هذا المستوى في الأسبوع الحالي فسيكون هذا أدنى مستوى له منذ منتصف 2004 عندما حام حول 34 دولارا. ونزلت عقود الخام الأمريكي دون 36 دولارا عند التسوية للمرة الأولى منذ شباط (فبراير) 2009، وخسر الخام الأمريكي 1.14 دولار أو 3 في المائة إلى 35.62 دولار للبرميل عند التسوية بعدما سجل أدنى مستوى في الجلسة 35.35 دولار للبرميل، وكان الخام الأمريكي قد نزل إلى 32.40 دولار خلال الأزمة المالية في كانون الأول (ديسمبر) 2008.
مشاركة :