أفق المصالحة يتلاشى في ظلام صفقة القرن

  • 10/16/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حافظ البرغوثي يبدو أن أفق المصالحة الفلسطينية قد تلاشى، وحلّ محلّه شبح التهدئة بين حركة حماس والاحتلال بوساطة قطرية، وبمشاركة المبعوث الدولي نيكولاي ميلادينوف، وبرعاية أمريكية - تركية، وصولاً إلى اتفاق التهدئة السابق سنة 2014.الأمريكيون حدّدوا دور قطر مسبقاً كممول وفقاً لمشروع طرحه جاريد كوشنير وهو مشروع رفضته السلطة الفلسطينية باعتباره محاولة لتثبيت أحد بنود صفقة القرن وتوريطها في الصفقة. وكان «الإسرائيليون» زيّنوا هذا المشروع وعرضوه على السلطة الفلسطينية قبل شهور، بصيغة متطورة عن طريق موفدهم الخاص رئيس جهاز الشاباك الذي وصفه بأنه مشروع إقليمي يحظى بموافقة أمريكية - تركية - قطرية - «إسرائيلية»، وأن على السلطة الانخراط فيه لتحسين الوضع الإنساني في غزة والعودة التدريجية إلى القطاع. وعرض «الإسرائيليون» إغراءات كثيرة، منها وقف الإجراءات والعقوبات الأمريكية على السلطة وإعادة الحوار والعلاقات بين واشنطن والسلطة الفلسطينية، واستئناف المساعدات الأمريكية المقطوعة لوكالة الغوث والسلطة التي بلغت أكثر من 800 مليون دولار، منذ تسلم الرئيس ترامب الرئاسة، والعمل على حشد المزيد من الأموال لوكالة غوث اللاجئين، وإيجاد خط ساخن بين رئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس لحل المسائل العالقة بهذا الشأن، على أن يتكفل نتنياهو بإقناع ترامب بتنفيذ الخطوات المطلوبة منه، وصوّر «الإسرائيليون» أنفسهم بأنهم الآمر الناهي في البيت الأبيض، وأن تموّل قطر الوقود لغزة بمبلغ 15 مليون دولار شهرياً، ودفع رواتب حركة حماس، وفي النهاية تتكفل السلطة بدفع هذه الرواتب لاحقاً مع إقامة ميناء لغزة في العريش أو استئجار رصيف بحري في قبرص اليونانية واستخدام مطار عوفدا العسكري في إيلات كمطار يخدم غزة، بحيث يتم نقل الركاب إليه في قافلة إلى طائرات تابعة للخطوط القطرية أو التركية فقط، تكون وجهتها قطر. وكان الرد من الجانب الفلسطيني أن مشكلتنا الرئيسية هي مع الاحتلال وليست مع حماس، وأن موقفنا هو السعي لإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران سنة 1967 وأن الأصل هو إلغاء القرارات الأمريكية بشأن القدس واللاجئين والاستيطان، وأن أية محاولة لإقامة مطار وميناء، يجب أن تتم فوق أراضي غزة وليس في قبرص ومصر، وأن «إسرائيل» ليست مخوّلة بالتحدث نيابة عن مصر، وأنهم لم يسمعوا مثل هذه الموافقة من مصر أبداً، وأن العرض الذي تم تجميله ظاهرياً هو محاولة لشرعنة صفقة القرن بالموافقة الرسمية من منظمة التحرير تحت بند «إنعاش غزة».الهمّ «الإسرائيلي» هو تحييد الوضع في غزة، ومنع التصعيد والعودة إلى اتفاق التهدئة القديم وليس أكثر، أما التفاصيل والمحفزات التي عرضوها ليست إلا طعماً للإيقاع بالمنظمة في فخ الصفقة. ولهذا شنّ «الإسرائيليون» حملة انتقادات ضد السلطة لعرقلتها هذا المشروع ورفضها ما تقدّم به المبعوث القطري محمد العمادي، بتولي السلطة مسؤولية إدخال الوقود بتمويل قطري، ورفضها أن تكون قناة مالية لدفع رواتب موظفي حماس بتمويل من قطر، لأنها ستتكفل بها لاحقاً دون أدنى تغيير على الأرض لصالح حكومة الوفاق. فالهدف القطري هو الإبقاء على مشروع حماس الإخواني حياً في غزة وهو هدف أمريكي أيضاً، وكلّنا نعرف أن واشنطن هي التي طلبت من أمير قطر السابق حمد بن خليفة إقناع حركة حماس سنة 2006 بخوض الانتخابات، وفرضت على الرئاسة الفلسطينية إجراء الانتخابات لوجود فرصة لحماس بالفوز، وموّلت إيران وقطر حركة حماس في ذلك الوقت ب 250 مليون دولار للصرف على الانتخابات.الآن المشهد يبدو معقّداً أكثر من السابق، فجهود المصالحة لم تتوصّل إلى شيء ويشعر القادة الفلسطينيون أن الهدف الأمريكي - «الإسرائيلي» - القطري، هو تدمير المشروع الفلسطيني في الضفة لتصفية القضية الفلسطينية والإبقاء على مشروع دولة غزة. ولهذا بحث المجلس الثوري لحركة فتح الخيارات التي سينفذها المجلس المركزي لمنظمة التحرير قبل نهاية الشهر، ومنها الانسحاب التدريجي من التنسيق مع الاحتلال بكل أشكاله الأمنية والاقتصادية والحياتية اليومية، وإيلاء مسؤوليات المجلس التشريعي إلى المجلس المركزي باعتباره برلمان منظمة التحرير، وحلّ المجلس التشريعي لانتهاء ولايته منذ الانقلاب سنة 2007 واتخاذ خطوات ضد حماس، ومنها قطع التمويل عن الوزارات الخدماتية في حالة انخراط حماس في المشروع الأمريكي - القطري الاحتلالي الانفصالي. وينتظر قادة فتح إجراءات احتلالية أشد، لخنق السلطة اقتصادياً ومالياً بالتعاون مع الإدارة الأمريكية التي باتت ترى في السلطة الفلسطينية كياناً يجب تدميره وخلق بدائل مستعدة للتساوق مع صفقة القرن، وهو ما وصفه الرئيس الفلسطيني أبو مازن بأنه المرحلة الأكثر خطورة في تاريخ القضية الفلسطينية، لأن المراحل السابقة بعد حرب حزيران كان هناك أبو عمّار الذي خلق الأمل بالعمل الفدائي، وبعد أحداث الأردن ظهر أبو عمار في جنوبي لبنان، وبعد لبنان ظل الرجل واقفاً وعاد باتفاق أوسلو، واستشهد دون أن يتنازل عن القدس، وهي لب القضية سابقاً ولاحقاً، وليست غزة كما يصوّرها قادة حماس. hafezbargo@hotmail.com

مشاركة :