تكشف الأحداث الساخنة داخل منظومة التحكيم في الكرة السعودية أن ثمة صراعاً قوياً، الهدف الرئيس منه هو الاستحواذ على اللجنة التي لم تعرف الاستقرار إلا مع مجيء عمر المهنا رئيساً عليها؛ إذ ظلت على مدى سنوات المكان الأكثر توترا وغلياناً من بين كل الأماكن داخل منظومة الاتحادات السعودية المتعاقبة ما أدى بالإطاحة بأكثر من رئيس ولجنة. الاستقرار الذي تعيشه اللجنة مع المهنا الذي يمضي نحو عامه الخامس متأبطاً الحقيبة الملغومة القابلة للانفجار في كل لحظة ليس استقراراً فنياً بقدر ما هو استقرار إداري، فالرجل يتحرك على أرض هي أشبة ما تكون بمنطقة جليدية ومطلوب منه ألا يسقط مهما كانت الظروف والأسباب، وهو ما نجح فيه حتى الآن رغم سوء واقع الحال الفني الذي يتسبب فيه بعض الحكام الحاليين والسابقين الذين هم أصل الأزمة الكروية في السعودية، إما لضعف القدرات الفنية للبعض منهم أو لارتباط البعض الآخر بأجندات فضحتها مواقف عرّت حقيقتهم أمام الرأي العام. قدرة المهنا على إدارة لعبة التوازنات داخل هذا الوسط التحكيمي المأزوم هي التي أبقته حتى اليوم كأمر واقع، وإلا فإن العواصف المفتعلة التي مرّت خلال فترة رئاسته والتي قادها بعض الحكام كانت كافية لاقتلاعه، ليس ذلك وحسب بل واغتياله رياضياً، بحيث تنهي مسيرته الرياضية تماماً؛ خصوصاً وأن المؤامرات التي حيكت ضده كانت محبوكة إلى حد كنا نتوقع معها أن لا قيامة له بعدها؛ لاسيما وأن بعضها أدير أو نفذ من خلال أناس كان للمهنا فضل عليهم خلال مسيرتهم التحكيمية، لكن يبدو أن نوايا الرجل كانت سفينته في كل مرة للعبور إلى ضفة النجاة. اليوم يواجه المهنا حلقة جديدة من سلسلة الأزمات التي ما انفكت تحاول تطويقه، إذ يواجه عملية مدبرة للانقلاب عليه والإطاحة به، والتي تتمثل في قضية الحكمين المساعدين عبدالعزيز الأسمري "39 عاماً" وأحمد فقيهي "42 عاماً" اللذين تعطل مشروع انضمامهما لحكام النخبة الآسيويين بسبب دخولهما لمرحلة عمرية لا تسمح لهما بالدخول لنادي النخبة؛ لكن المتربصين وأصحاب الأجندات أبوا إلا أن يستفيدوا من الواقعة لأجل تنفيذ مخططهم القديم. ما يكشف ببساطة تهافت المخطط الجديد الذي تم تصعيده للرئيس العام لرعاية الشباب أن أهم بند من بنود الانضمام لنادي النخبة هو أن لا يتجاوز عمر الحكم 38 عاماً، بعد أن كانت قبل هذا العام مفتوحة للحكام المساعدين، ورغم ذلك فقد رفع المهنا أوراقهما معتمداً على اللائحة السابقة قبل أن يأتيه الرد من الاتحاد الآسيوي مفاده: "عفواً.. باب نادي النخبة لا يسمح لهما بالدخول لتجاوزهما العمر المسموح"، فكان أن رشح الحكمين المساعدين محمد العبكري "34 عاماً" وخلف زيد "32 عاما" اللذين يعقبانهما في الترتيب بحسب ترشيح أعضاء اللجنة ومصادقة رئيس الاتحاد أحمد عيد. المؤلم في هذه الأزمة هو قبول الأسمري وفقيهي بأن يكونا أداة في هذا المخطط، وهما اللذان يعلمان بحقيقة الخطاب، والمؤلم أكثر هو تغليب المتآمرين مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الكرة السعودية؛ خصوصاً وأن الجميع يشهد بأن العبكري وخلف زيد أكثر مساعدين يملكان حظوظاً قوية للتواجد في مونديال 2018 إلى جانب الحكم فهد المرداسي عطفاً على مستوياتهم وصغر أعمارهم؛ ولكن من يقلب واقع الحال سيدرك لماذا كل تلك المؤامرات ضد المهنا تحديداً، وقد قيل قديماً: إذا عرف السبب بطل العجب!.
مشاركة :