فنانة تعزف "كونشرتو" الأمومة على الشاشة المصرية

  • 10/18/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بتلقائية وحميمية مفرطة تنقل الفنانة المصرية دلال عبدالعزيز أمومتها من الواقع إلى الشاشة، وهو ما حولها إلى أم جديدة على الشاشة المصرية، أمّ تختلف بالتأكيد عن الراحلات أمينة رزق وفردوس محمد وكريمة مختار، اللائي برعن في تجسيد دور الأم دراميا لعقود طويلة، هي أم معاصرة بأتم معنى الكلمة، وتملك مفرداتها وأفضل الوسائل لنقل رسائلها الدرامية في جميع أعمالها. القاهرة - تقمصت الفنانة المصرية دلال عبدالعزيز مؤخرا دور الأم في أكثر من عمل درامي وسينمائي، فأتقنته بقوة في مسلسل “سابع جار” وأفلام “البدلة” و”كارما” و”قلب أمه” و”سوق الجمعة”، تلك الأعمال التي تنقلت فيها بين أدوار الأم الشعبية، والتي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، ومزجت في أدائها بين الجدية وخفة الظل التي تميزها. وقالت دلال عبدالعزيز في حوار مع “العرب”، إن إحدى الأدوات الضرورية في أداء دورها كأم في بعض الأعمال أن تكون “متطورة ومواكبة لعصرنا اللاهث بدرجة كبيرة، عكس الحال مع أمهاتنا وجداتنا، فنحن في عصر تسيطر عليه التكنولوجيا ولسنا وحدنا كأسر من تربي الأبناء، وعلينا أن نتفاعل مع عالمهم بحضور قوي ومنطقي حتى نتحول إلى جزء منه، ونستطيع أداء رسالتنا التي لا تختلف على الشاشة عمّا نعيشه في الواقع، ولا أشعر بأني أمثل دور الأم، بل أمارسه على الشاشة كما أعيشه في الواقع”. أم طبيعية جدا تعد أم إيمي ودنيا (الممثلتان إيمي ودنيا سمير غانم)، كما يحلو للجمهور أن يلقبها، فنانة انحازت إلى كونها أمًّا في بداياتها وتفرغت فترات طويلة لأداء دورها في منزلها وبين أسرتها، إلاّ أن ذلك لم يأخذها من فنها، وقد يكون حوّل بوصلة أدائها في اتجاه دور الأم بشكل أسرع وأكثر إتقانا، وهو ما تصفه بأنه “خبرة مجانية حصلت عليها من بناتي، كنت أحب السيدة كريمة مختار، واعتبرها أفضل أم على الشاشة المصرية كما أحببت شادية كأم في الأفلام”. وتشير إلى أنها عندما أصبحت أمّا بالفعل وجدت نفسها تمتلك شخصيتها الخاصة في تقديم هذا الدور، فأمومتها لبنتيها، وأحيانا لوالدهما سمير غانم الذي تعتبره ابنها الكبير، أصقلتها على الشاشة، وهي تشعر بأن كل مشهد تقدمه مر عليها بصورة أو بأخرى من قبل في حياتها، و”أمومتها كانت هبة من الله على المستوى الإنساني والفني”. دلال عبدالعزيز: أمومتي لدنيا وأمي منحتني خبرة مجانية لأداء دور الأم على الشاشةدلال عبدالعزيز: أمومتي لدنيا وأمي منحتني خبرة مجانية لأداء دور الأم على الشاشة وأضافت “في الحديث عن واقع الأمهات في مصر الآن، الأم تزايدت أعباؤها بدرجة غير مسبوقة، وأصبحت في الكثير من الأسر المسؤولة الأولى عن إدارة بيتها وتربية أبنائها، وجمعها بين ذلك ومسؤولية عملها خارج المنزل أمر مرهق للغاية”. ومن هناك تكمن صعوبة تصوير تلك المعاناة على الشاشة التي لا تفرد غالبا مساحات لهذه الأدوار، باعتبارها ليست الأدوار الرئيسية، وهو ما تعتبره عبدالعزيز خطأ في ظل تطورات كبيرة تجتاح المجتمع، حيث ترى أنه من الضروري التركيز على جميع أفراد الأسرة وليس الأبناء فقط، رغم تسليمها بقاعدة أن الشباب روح الدراما وعمودها الفقري. ورغم أن دلال عبدالعزيز بدأت في أداء أدوار الأم على الشاشة في أعمال هامة مثل فيلم “آسف على الإزعاج” مع أحمد حلمي وقبله فيلم “أسرار البنات” مع عزت أبوعوف، لكنها ترى أن مثل هذه الأدوار تظل الاستثناء وليس القاعدة، تلك القاعدة التي لم يخرج عنها سوى مسلسل “سابع جار”، لأنه العمل الدرامي الوحيد الذي قام بإبراز دور الأم كما ينبغي. وأكدت في حوارها مع “العرب”، أن هذا الدور غالبا ما يكون هامشيا وبلا قيمة حقيقية في الدراما العربية، وتقول “المرأة يتم الاحتفاء بها على الشاشة إلى أن تصل إلى سن الأربعين فقط، وبعد ذلك إما تخضع لجراحات تجميل تضفي عليها سنا أصغر وإما تهمل، وكأننا نخير بين أن نفقد صورتنا الإنسانية الطبيعية وحيوية حياتنا في مختلف المراحل وبين إلقائنا من ذاكرة الجمهور”. والفنانة أو السيدة دلال، كما يقول لها البعض، من النجمات القليلات اللاتي يرفضن التعامل مع جرّاحي التجميل بأي صورة وتبرر ذلك لـ”العرب” بقولها “أنا أم طبيعية جدا مثل كل الأمهات المصريات، متصالحة مع سني في كل مراحل حياتي، كما أن صورة جميلات الشاشة العربية في زمنها الجميل، مثل سعاد حسني وفاتن حمامة وليلى فوزي ونادية لطفي وزبيدة ثروت، لا تفارق خيالي وهن جميعا لم يقمن بأي جراحات تجميل، وقد أحببناهن وهن كبيرات، كما عشقناهن صغيرات”. وتواصل حديثها قائلة “على امتداد عمري أنظر دائما للفن كمحاكاة صادقة للواقع وأقدم أدواري بشكلي الطبيعي ومشاعري الحقيقية، فأنا لم أختف عن الشاشة مثلا لفترة طويلة، فأخشى عند عودتي أن يتفاجأ الجمهور بعلامات الزمن وقد حفرت على وجهي، دائما أكبر أمام الجمهور من عمل إلى آخر، وتحولت بسهولة من ابنة إلى أخت ثم أم دون قلق”. ومع تزايد حدة الانتقادات لجراحات التجميل التي تحولت إلى هوس أصاب الكثير من النجمات، ما حولهن في بعض الحالات إلى مسوخ فاقدة للتعبيرات البشرية العادية، فإن دلال عبدالعزيز لا ترفض مثل تلك الجراحات في حالة وجود تشوه أو مشكلة بسيطة لا بد من إصلاحها، إلاّ أنها ترفضها إذا كان هدفها إيقاف عجلات الزمن أو التحايل على الجمهور. وتوضح “السن ليست مشكلة أمام الممثلة الواثقة من علاقتها بجمهورها، فأنا في الثلاثينات من عمري لم أنتظر حتى أصل إلى سن الأمومة لثلاثة رجال، أحدهم كان في نفس سني في مسرحية ‘جوازة طلياني’، فقد تحمست للدور وكنت أخشى أن أنتظر السن المناسب لأداء مثل تلك الأدوار فلا أجدها، كنت أزيد من سني من أجل دور جيد”. عشق الكوميديا عبدالعزيز: تحولت بسهولة من ابنة إلى أخت فأم دون قلقعبدالعزيز: تحولت بسهولة من ابنة إلى أخت فأم دون قلق تصر دلال عبدالعزيز على قراءة العمل الذي تشارك فيه ككل، وليس دورها فقط، وتختار الدور الذي لا تستطيع أن تتركه قبل الانتهاء من قراءته، فالشخصية التي تقترب تركيبتها من قلبها وتشعر بأنها حقيقية وليست مصطنعة تقبلها بلا تردد، ومع ذلك فهي لا تنفي قيامها بأدوار لمجرد مجاملة أشخاص تحبهم أو يكونون في حاجة إلى دعمها، خاصة إذا كانوا في خطواتهم الأولى فنيا. وكشفت لـ”العرب” أنها في مسلسل “خير وبركة” شعرت بأن الفنان علي ربيع ومحمد عبدالرحمن ولداها، “بقلب الأم كان عليّ مساندتهما، وهما في الحقيقة خفيفا الظل وطيبان للغاية، كذلك في فيلم ‘قلب أمه’ دوري كان مشهدين تقريبا، لكن شيكو (الفنان شيكو) وهشام (الفنان هشام ماجد) أقنعاني بأن المشهدين هما اللذان تبنى عليهما قصة الفيلم، فوافقت”. أما عن دورها في فيلم “البدلة” مع المطرب تامر حسني والكوميدي أكرم حسني والذي تخطت إيراداته الستين مليون جنيه مصري (حوالي 3.5 مليون دولار) ليصبح أعلى فيلم كوميدي من حيث الإيرادات في تاريخ السينما المصرية، فتقول “أحب الكوميديا من عشرتي مع سمير غانم، وبنتيّ إيمي ودنيا، فأنا أحب الحياة التي توجد فيها البسمة، والفيلم كان مليئا بالبسمات ودوري مهم ومؤثر جدا، كما أنها المرة الأولى التي ألتقي فيها فنيا بتامر، وكذلك أكرم الذي يعتبر اكتشافا كوميديا مذهلا بالنسبة لي”. ويبقى تشخيص دلال عبدالعزيز لدور الأم الصعيدية في فيلم “كارما”، بطولة الفنان عمرو سعد والفنانة غادة عبدالرازق، ذا بصمة تمثيلية خاصة، حيث بدت فيه في حالة اندماج تام مع الشخصية وهو ما تبرره لـ”العرب” بقولها “هذا الفيلم كان أول تعامل لي مع المخرج خالد يوسف وهو ‘معلم’ بصراحة، حيث يقدم الوجه الحقيقي للسينما ويجمع ما بين خبرة المخرجين الكبار وتطور المخرجين الشباب، كما أن إحساسه بالممثل عال جدا، ويجتهد ليجعل من يعمل معه مرتاحا حتى خارج العمل”.

مشاركة :