على مدار ثمانية أسابيع خاض أعضاء جماعة «اللقطة الواحدة» في مصر تجربة فريدة لرسم مجموعة من العازفين على آلات موسيقية مختلفة، بهدف رصد العلاقة الأصيلة بين العازف وآلته، وما فيها من اندماج وتواصل وتوحد، وما يحدثه ذلك من تأثير في التعبيرات الجسدية والملمحية لديه، وأثمرت هذه المغامرة الفنية عن إنتاج 90 لوحة أبدعها 40 فنانا، رسموا عدة عازفين مختلفين حسب آلاتهم، مثل الكمان والعود والمزمار البلدي والطبلة. ونتاج هذه التجربة الفنية من لوحات سيجري عرضه أمام الجمهور والنقاد التشكيليين في المعرض الحادي والأربعين لفناني اللقطة الواحدة، تحت عنوان «العازف»، والذي افتتحه رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري وليد قانوش، داخل قاعتي «إيزيس» و«نهضة مصر» في مركز محمود مختار. وتتنوع أعمال المعرض بين التصوير الزيتي والألوان المائية والجواش والأكريليك والباستيل والكولاج والأحبار والأعمال المجسمة. وكعادة فناني اللقطة يتناولون العنصر الواحد بالرؤية الخاصة لكل منهم، مع تسلل روح واحدة تتخللهم جميعا وتتجلى في الأعمال. فك الشفرات من جانبه، قال مؤسس جماعة اللقطة الواحدة الفنان التشكيلي د. عبدالعزيز الجندي: «وسط النغمات المتصاعدة هنا وهناك، وأمام ملامح اندمجت مع اللحن وذابت في شجونه وأحاسيسه الممتعة، مكث اللقطاويون (مصطلح يطلق على أعضاء الجماعة) لأسابيع متوالية يتواصلون بمشاعرهم وانفعالاتهم وأعينهم وريشاتهم ليحاولوا فك الشفرات والوصول إلى الأعماق». وتابع الجندي: «انطلق الكمان يصدح في الأنحاء ويتخلل صوته بقوة إلى الآذان ومنها إلى القلوب، ونغمات العود الحالمة تدغدغ المشاعر وتصل رهافتها إلى مواطن دفينة في أغوار النفس، وجلجلة المزمار بأجواء احتفالية تلتهب بابتسامة صاحبه فترقص لها القلوب والأنامل التي تسكب الألوان على الأسطح المشتاقة، وقد ضبط إيقاعه بدقات طَبلٍ بلدي قادم من سحر أعماق الأرض الطيبة، وفي هذه الأجواء المموسقة أخذ اللقطاويون كل ذلك ودمجوه بالمكان أينما كان، فتارة يكون أشجارا وأفرعا ونباتات، وتارة أخرى يكون المكان كتلا نحتية عذبة أو بجوار النهر». وأردف: «وهكذا وُلِدت على أيديهم معزوفات أخرى امتزجت فيها مشاعرهم الفياضة بالدندنات والإيقاعات الممتزجة بالأجواء المحيطة، وعبر كل فنان منهم ببصمته الخاصة وبطريقته المميزة ذات الأداء الشخصي وبالتقنيات المفضلة لديه، ألحانا موازية قوامها الخطوط والألوان والملامس، نكاد نسمع منها النغمات الشجية فنطرب لها كأنها تعيد تمثيل المشهد لكن برؤية جديدة ومختلفة».
مشاركة :