استبق وزير الخارجية الإرلندي سايمون كوفناي قمة أوروبية بدأت أمس، ووُصِفت بأنها «لحظة الحقيقة»، بتأكيد استعداد بروكسيل لتمديد فترة المفاوضات مع بريطانيا حول خروجها من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، في محاولة «لردم الهوة» بين الطرفين، شرط «ألا تتراجع لندن عن التزاماتها». توافق تصريح كوفناي مع تأكيد أبرز مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أن بروكسيل «مستعدة لتمديد الفترة الانتقالية لبريكزيت سنة، إلى حين الاتفاق على الحدود الإرلندية ومسائل أخرى عالقة». في الوقت ذاته، نصح الأوروبيون رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بتسوية الخلافات بين وزرائها، لتستطيع التجاوب مع الاقتراح الهادف إلى حلّ أبرز خلاف بين لندن وبروكسيل، أي الحدود بين إرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة وجمهورية إرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. لكنّ ديبلوماسياً أوروبياً لفت إلى أنّ «ذلك ليس حلاً بذاته، إذ لن يسوّي مشكلة» الحدود، بل يشكّل «فرضية للدفع بالمفاوضات». كما اعتبر زميل له أن هذا الاقتراح «ليس مطروحاً فعلياً على طاولة التفاوض»، لأن دونه مشكلة سياسية بالنسبة إلى المملكة المتحدة، إذ سيكون عليها احترام قواعد الاتحاد، فيما لن تكون عضواً فيه. واجتمع قادة الدول الأوروبية الـ27 إلى عشاء عمل، غابت عنه ماي، ورأى مراقبون أن لا جديد لديهم يعرضونه، مع استعدادهم في الوقت ذاته لسيناريو «طلاق» من دون اتفاق. وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أكد أن خطر «عدم التوصل إلى اتفاق» بين الجانبين بات أكبر من أي وقت، داعياً ماي إلى تقديم «اقتراحات خلّاقة» للخروج من المأزق، ولكسر جمود المفاوضات حول الحدود الإرلندية. وردّ ناطق باسم ماي بأنها «تنتظر بفارغ الصبر مناقشة المسألة وجهاً لوجه (مع توسك) في بروكسيل»، مستدركاً أنها «حددت موقفها من المفاوضات» حول «الطلاق»، ما يعني تمسكها بخطتها التي أثارت خلافات حادة في المملكة المتحدة. وكان وزراء في حكومة ماي هددوا بالاستقالة، إذا أصرّت على خطتها التي رأى وزير الخارجية السابق بوريس جونسون أنها تُفقد بريطانيا سيادتها، وتجعل إرلندا «تابعة للاتحاد الأوروبي». معلوم أن المفاوضات بين لندن وبروكسيل تعثرت نتيجة خلاف حول كيفية إبقاء حدود برية بين شطرَي إرلندا، بعد خروج بريطانيا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، علماً أن ماي اقترحت أن تلتزم بريطانيا القوانين الجمركية الأوروبية، إلى حين إبرام اتفاق أوسع للتبادل الحر، تفادياً لمراقبة البضائع على الحدود. ويمكن لاقتراح تمديد فترة المفاوضات إتاحة مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق تجاري، ما يقلّل من إمكان اللجوء إلى إجراءات أمنية تُطبّق على الحدود الإرلندية، في حال غياب حلّ أفضل. وتسعى أوروبا إلى تعهد بريطاني ببقاء إرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الجمركي، حتى نهاية المرحلة الانتقالية، وهذا ما ترفضه لندن. في السياق ذاته، أثار احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد من دون اتفاق قلق الولايات المتحدة، إذ حذر رئيس الاحتياطي الفيديرالي جيروم باول من وضع يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد. واستدرك أن المصارف الأميركية ليست «معرّضة لخطر كبير» في المملكة المتحدة، لأنها تملك أموالها الخاصة، لكن الخطر يكمن في مساهمتها في مصارف أوروبية.
مشاركة :