تابعت أطياف المجتمعات حادثة اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، من أطراف متعددة ولربما فات الكثير معرفة النظرية الإعلامية التي اتخذتها وسائل إعلام مستأجرة، دأبت على نشر القصص الخيالية منذ بداية الحادثة، وهي نظرية “التأطير الإعلامي”، والتي استُغلت لتحقيق الأهداف التي تسعى لها الجهات الداعمة. والتأطير هو التركيز واختيار جوانب دون غيرها، واستخدام عناصر في النصوص الإعلامية، لبناء التأثير وخلق إطار تصوري، يترتب عليه أن يتخذ المتلقي موقفًا محددًا من الإطار، بعد عرض نصوص التغطية للمشكلة ومسبباتها وتقييمها. فمنذ اليوم الأول الذي فتحت فيه بعض وسائل الإعلام التركية والقطرية وأخرى عالمية النقاش حول قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي بدأت خفافيش الظلام الداعمة في تنفيذ أجندتها وأطّرت تغطيتها الإعلامية عبر رسائل إعلامية، إذ حددت للمتلقين إطارًا على السعودية بأنها المتهمة في قصة خاشقجي. وتمشيًا مع نظرية التأطير الإعلامي التي نفذتها، حاولت الوسائل ترتيب النصوص المجهزة لبناء الصورة الذهنية لدى المتلقي، حسب الأولويات والتدرج الذي يعمل على إحكام تأطير القضية وتثبيت الصورة لدى المتلقي، فكانت النصوص في تغطية تلك الوسائل الإعلامية متدرجة بدأت باختفاء ثم اختطاف ثم تعذيب وقتل وجميعها وضعت في إطار مع السعودية، وذلك لخدمة الأجندة. ولتنفيذ الأجندة التي يتضح أنها كانت تتمثل في تأليب الرأي العام العالمي على السعودية، استهداف الثقة في المملكة، وتغيير النظرة العالمية الإيجابية تجاهها، وعدم إتاحة الفرصة للمتلقي للتفكير في طرف آخر، هز ثقة المتلقي في الإعلام الموضوعي، وتغييب الأسئلة الحقيقية في القضية، وأهمها هو أين جمال خاشقجي؟، حيث تأتي نظرية التأطير هنا بدورها لإغلاق هذا السؤال المفتوح بعدما ربطت وسائل الإعلام المتورطة جميع الاحتمالات بالسعودية، وذلك قبل انتهاء التحقيقات في القضية. واستخدمت الجهات الداعمة عدة خطوات لتحديد إطار القضية وهي؛ أهمية القضية، والوسائل الإعلامية، وصنع جمل ومفردات تقلل تأثير تصريحات السياسيين، ومن ثم تضمين تعليقات وآراء تدعم تحقيق الأجندة دون أدنى حياد، وكما انتقت من الخلفية التاريخية ما يدعم ذلك. وفي الخلفية التاريخية لقناة الجزيرة وهي إحدى الوسائل التي تنفذ نظرية التأطير في قضية اختفاء جمال خاشقجي، نجد أنها نفذت النظرية ضد قضايا دولية سابقة وبحسب الأجندة الموضوعة ومنها تغطيتها للأحداث والمظاهرات في إيران، والتي يتضح أن أجندتها في ذلك الوقت تتركز على تحوير هدف المظاهرات من مطالب برحيل النظام الإيراني إلى أهداف تتعلق بالاقتصاد، وتقليل حدة المتابعة من المتلقي للأحداث عبر نقلها للصور التي تظهر المواقع الأقل تظاهرًا فقط، وكذلك من أجندتها في تلك التغطية تشكيك جمهورها في الإعلام الموضوعي. وكما تسود الخلفية التاريخية للجزيرة ممارسات التأطير حتى في قضايا تمس الإرهاب، عندما تستضيف الإرهابيين والمطلوبين والفارين من العدالة، أو عندما تبث الكلمات المسجلة دون حتى فواصل إعلانية لقيادات تنظيم القاعدة، ليظهروا في قميص المدافع على الرغم من اعتدائهم. وتستخدم الجزيرة نظرية التأطير عبر برامجها منذ نشأتها وذلك يتمثل في التركيز على عبارات محددة والتحيز، وإخفاء أهم المعلومات والتصريحات الهجومية وانعدام الحياد، وإتاحة المنبر للطرف القائم بالاتصال الذي يحمل رسائل لتحقيق الأجندة بشكل أوسع. وفي كل القضايا ذات الأهمية، تبدأ الجزيرة في تنفيذ نظرية التأطير في طريقة لا تدع مجالاً للنظر إليها كوسيلة إعلامية محايدة، وفي الحادثة الأخيرة لم تكن بمفردها بل سقطت معها وكالات وصحف عالمية لتنفيذ أجندة ضد السعودية، يحيكها تنظيم الحمدين بأموال القطريين، ولكنها سرعان ما تتكسر أمام القوة السعودية. وفقًا لخلاصة عديد الكتب في نظريات الاتصال، فإن مواجهة التأطير بكل أنواعه بدأ عبر صناعة الحملات المنظمة المواجهة وتوفير فرص قوية تدعم قلب الطاولة، وتنفيذ حملات إستراتيجية عبر وسائل الإعلام والسوشيال ميديا أيضًا.
مشاركة :