بدأت الأزمة التي يشهدها المجلس الشعبي الوطني الجزائري (الغرفة الصغرى في البرلمان) تأخذ أبعادا خطيرة إثر إعلان أعضاء مكتبه الوطني شغور منصب الرئيس، الذي يعد ثالث رجل في هرم السلطة في البلاد (بعد الرئيس والوزير الأول) وهذا على الرغم من أن السعيد بوحجة لم يعلن عن استقالته. أخذت أزمة المجلس الشعبي الوطني الجزائري (مجلس النواب) منعرجا خطيرا بعدما أعلن أعضاء هذا المجلس شغور منصب رئيس المجلس في لقاء جرى يوم الأربعاء الماضي. ويتوقع أن يتم انتخاب رئيس جديد في الأيام القليلة المقبلة. وفي تصريح للصحافة الجزائرية، قال الحاج العايب، النائب الأكبر سنا في المجلس الشعبي الوطني وأحد معارضي الرئيس الحالي السعيد بوحجة إن: "السعيد بوحجة أصبح من الماضي وعليه تفهم قرار مكتب المجلس الشعبي الوطني بإعلان حالة الشغور، لأنه لا يستطيع السماح باستمرار تجميد أشغال المؤسسة التشريعية لمدة أطول" وفق تعبيره. وأضاف: "لماذا تقولون إن إعلان حالة الشغور ليس قانونيا. النواب لا يرغبون في العمل مع بوحجة" متسائلا "هل كنتم تنتظرون من مكتب المجلس الشعبي الوطني، أن يقف مكتوف الأيدي أمام حالة الجمود التي يعيشها المجلس؟" هذا، ويتوقع أن يتم تعيين رئيس جديد ومؤقت في الساعات والأيام القليلة المقبلة لخلافة السعيد بوحجة. هل سيستسلم السعيد بوحجة لضغط النواب؟ لكن وفق القانون الجزائري، يبقى هذا الأخير الرئيس الشرعي للمجلس رغم المعارضة التي أبداها ضده نواب أحزاب الموالاة الذين يشكلون الأغلبية في المجلس (الغرفة السفلى بالبرلمان الجزائري)، من بينها حزب جبهة التحرير الوطني بقيادة جمال ولد عباس وحزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يترأسه الوزير الأول الجزائري الحالي أحمد أويحيى. ويحدد الدستور الجزائري ثلاثة شروط فقط يتم بموجبها إعلان شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني وهي: وفاة الرئيس أو استقالته من منصبه أو إصابته بمرض يمنعه من أداء نشاطاته البرلمانية. شروط غير متوفرة لغاية الآن في هذه القضية. ويلوح في الأفق سيناريوهان أساسيان: الأول، وهو الأكثر تداولا في الساحة السياسية الجزائرية، أن يستسلم الرئيس الحالي للأمر الواقع ويغادر منصبه من تلقاء نفسه، خاصة وأنه لم يتمكن من الدخول إلى مكتبه منذ يوم الثلاثاء الماضي بعد إغلاق النواب أبوابه بأقفال حديدية. مجلس نواب برئيسين؟ السيناريو الثاني هو أن يرفض التنحي رغم تعيين رئيس جديد من قبل معارضيه. وهذا السيناريو سيقود إلى أزمة كبيرة، إذ سيصبح هناك رئيسان لبرلمان واحد، وهي سابقة أولى من نوعها في تاريخ الجزائر ولم يخطط لها أي مشرع جزائري أو نص قانوني. وإلى ذلك، تبقى الأنظار متجهة نحو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كونه الوحيد القادر على إيجاد حل لهذه المشكلة حسب المراقبين السياسيين. وتتباين الآراء حول الموقف الذي يمكن أن يتخذه الرئيس الجزائري المريض منذ سنوات. فثمة من يقول إنه سيطلب من رئيس مجلس النواب الحالي الرحيل، خاصة أن هذا الأخير أكد مرارا أنه سيتقبل دون تردد قرار بوتفليقة. وثمة من يقول إن عبد العزيز بوتفليقة سيقف مع الشرعية الدستورية ويساند السعيد بوحجة. الأمر الذي قد يشكل فشلا ذريعا لحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذان يراوغان منذ عدة شهور لتغيير رئيس مجلس النواب الجزائري مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل/نيسان 2019. وتعيش الجزائر على وتر الأزمات التي طالت قطاعات عدة أبرزها القطاع العسكري. وبعدما كان المجلس الشعبي الوطني هو المؤسسة الوحيدة التي تسير بشكل قانوني، ها هو على أبواب الانفجار. ويحتل الجزائر رئيس المجلس الشعبي الوطني المرتبة الثالثة في هرم السلطة الجزائرية بعد رئيس الجمهورية والوزير الأول. فيما يتم انتخابه من قبل البرلمانيين لعهدة واحدة (خمس سنوات) قابلة للتجديد. ويراقب البرلمان الجزائري وفق دستور البلاد عمل الحكومة وفقا للشّـروط المحدّدة في الموادّ 94 و98 و151 و152 من الدّستور. فيما يقوم بتشريع القوانين ومراقبة عمل الحكومة. طاهر هاني نشرت في : 19/10/2018
مشاركة :