عواصم ـ وكالات: مازالت الانسحابات تتواصل من مؤتمر الاستثمار السعودي الذي يلاحقه الفشل أكثر وأكثر فيما رفض كبار الوزراء والشركات المساومات الاقتصادية من أجل حضور المؤتمر الذي قررت مقاطعته، وأكد مصدر مطلع إن كريستيان سوينج الرئيس التنفيذي لدويتشه بنك ألغى خططا للمشاركة في المؤتمر، وسوينج بين أحدث المنسحبين من المؤتمر، الذي يعقد على مدى ثلاثة أيام والمعروف باسم «دافوس في الصحراء»، بعد اختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي في تركيا. شركات ووزراء يلغون المشاركة وفي هذا السياق، ألغى كثيرون من أولئك الذين كان من المنتظر أن يحضروا المؤتمر، بمن فيهم وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، مشاركتهم، لكن السعوديين يقولون إنهم يعتزمون المضي قدما في عقد المؤتمر في موعده المقرر في الفترة من الثالث والعشرين إلى الخامس والعشرين من أكتوبر. وحتى الآن، لم يعلن جو كايسر الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس الألمانية ما إذا كان سيحضر المؤتمر السعودي أم لا. ووصف وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الذي كان يحاول إعادة بناء الروابط المتوترة مع السعودية قبل اختفاء خاشقجي، الوضع بأنه «غير مقبول». وأبلغ الصحفيين أن برلين ستعلن عن موقفها عندما تصدر الرياض بيانا بشأن القضية. وقال ماس للصحفيين «إذا ثبت أن الشائعات صحيحة فإنه سيكون أمرا ليس فقط صادما بل أيضا غير مقبول. نعتقد أن الوقت مناسب الآن لصدور البيان الذي وعدت به السعودية». وأضاف أن ألمانيا سترد على الفور بعد صدور البيان، وبالتنسيق مع حلفائها الأوروبيين. القيم الغربية وفي السياق ذاته، قالت مجموعة إيه.بي.بي السويسرية للمعدات الهندسية أمس إن الرئيس التنفيذي أولريتش سبيسهوفر لن يحضر مؤتمرا استثماريا في السعودية الأسبوع القادم وينضم سبيسهوفر إلى رؤساء شركات وقادة سياسيين آخرين من أنحاء العالم انسحبوا من المؤتمر في ظل مخاوف بشأن مصير صحفي سعودي. ولم تذكر إيه.بي.بي سببا لقرار سبيسهوفر. وتتنامى قائمة كبار المسؤولين التنفيذيين الذين ألغوا حضور المؤتمر. ومن بين أحدث المقاطعين للمؤتمر ديرك هوك رئيس وحدة الدفاع في إيرباص. فيما كانت مجموعات الأعمال الكبرى أول من نأى بنفسه من الرياض في شكل غير مسبوق بعد اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي، لكنها لم تفقد بوصلتها في ما يتعلق بمصالحها الاقتصادية. واعتبر مايكل بوسنر البروفسور في جامعة «إن واي يو» الأمريكية في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أن الشركات تشكل مثالا يحتذى به، فيما كتبت صحيفة فايننشال تايمز القريبة من أوساط الأعمال أن الشركات الكبرى «استعادت شعلة القيم الغربية». وجاءت هذه التعليقات الإيجابية بعد عدول مجموعة من مسؤولي الشركات عن المشاركة في المؤتمر السعودي.. فقبل أن تقرر مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد ووزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين ووزير المال الفرنسي برونو لومير عدم المشاركة في المؤتمر، كانت أسماء كبرى في الاقتصاد العالمي قد قررت الإحجام عن الحضور. انسحاب المصارف الكبرى هذا، وقد تضاءلت نسبة المشاركين، وخصوصا في غياب مصارف كبرى مثل «إتش إس بي سي» و«كريدي سويس» و«جي بي مورجان تشايس»، إضافة إلى صناديق استثمار مثل «بلاك روك» و«بلاك ستون». المؤشر الاول كان انسحاب البريطاني ريتشارد برانسون الذي تلقى وعدا من الرياض بتمويل مشاريعه للسياحة في الفضاء، تلاه انسحاب رئيس مجموعة «في تي سي أوبر» التي يستثمر فيها الصندوق السعودي 3,5 مليار دولار. أطراف مشكوك فيها وتوضح سيلفي ماتيلي المديرة المساعدة لمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية أن المنظمات غير الحكومية والمستهلكين وحتى الجهات الممولة مثل المصارف بات لهم تأثير كبير على ممارسة الشركات لأنشطتها. وتضيف: لم تعد الشركات قادرة على الوقوف إلى جانب أطراف مشكوك فيهم إذا صح التعبير حين بات الأمر يتعلق بقضية حقوق الإنسان وحرية الصحافة مع ما يحظى به من تغطية إعلامية كثيفة. وتظهر هذه الانسحابات أيضا شيئا من الثقة، وخصوصا لدى الأمريكيين. وتوضح مؤرخة الصناعة النفطية ايلن والد في صحيفة نيويورك تايمز أن السعودية لم تعد في وضع تهدد فيه الاقتصاد الأمريكي. ويؤكد الصحافي بريت ستيفنز في الصحيفة نفسها أن آل سعود يحتاجون في شكل كبير إلى الولايات المتحدة وليس العكس، وخصوصا بعدما تقدمت واشنطن على الرياض في إنتاج الخام بفضل النفط الصخري. مغامرة أوبر من جهتها، تخوض مجموعة «أوبر» مغامرة محسوبة عبر مقاطعتها مؤتمر ينظمه أحد مموليها الكبار، علما بأن عليها أن تجمع أموالا ضخمة مع دخولها البورصة العام المقبل. وقالت مصادر مطلعة على الوضع إن التنافس بين المستثمرين بدأ من الآن. وإذا كان مديرو شركات كبرى لن يتوجهوا إلى الرياض، فإن بعضهم سيرسل موفدين على غرار مجموعة «تاليس» الفرنسية. وذكرت وكالة بلومبرج أن بعض المصارف الكبرى سيقوم بالخطوة نفسها. ويقول جايسون توفي الخبير لدى كابيتال ايكونوميكس إن كثيرين سيحرصون على الحفاظ على علاقات وثيقة مع الحكومة السعودية.
مشاركة :