يقول الشاعر الأهوازي: تهوي الروح ما يحصل يدلها على اهل المجد من أب يدله شوف الخنفسا مدَّت يدلها تريد اويه الوذن توگف سوِيَّة الشاهد في الأبوذية، في الخنفساء التي مدت ساقها لتصطف في سباق الخيل الأصيلة. عندما يقرر حزب أو طاغوت أو شخصية مرموقة، تاجر أو سياسي متنفذ، أن يتخذ لنفسه ما يُصطلَح عليه في دنيا السياسة بكلاب الحراسة، كتَّاباً وعمالاً مرتزقة، يلقيهم في أتون المعارك التي لا يريد أن يتلوَّث بها، ويستخدمهم لإرعاب أعدائه وإرهاب خصومه، يبذل لهم الأموال، ويمكِّنهم من المناصب، ويفسح لهم في الصحف والميادين الفاعلة في المجتمع، فينبح جروٌ هنا ويخدش هرٌّ هناك وبينهما قرد يهرِّج... هؤلاء لا يقع الخيار عليهم إلا بعد أن تتوفر فيهم خصال ويتمتعوا بمواصفات، أولها الذلة والدونية، أن يعيش أحدهم عقدة تتمكن فيه وتترسخ فتغلب طباعه وتسود أخلاقه وتستوطن نفسه. أنا في الحقيقة لست أدري ماذا يعيب بعض الأعراق والأصول، أو المهن والحرف، حتى يتنكَّر لها أصحابها ويسعى أهلها لإخفائها؟ لماذا يستميتون ليلحقوا أنفسهم بالوجهاء وينتسبوا إلى المتقدمين في الثراء؟ لا الفقر عار، ولا الكسب الشريف منقصة، أما الأصول والأعراق فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى وقل هو الله أحد. وما لا أستوعبه من أداء هؤلاء وإثاراتهم المسكونة بالعقد والغارقة في الأمراض، كيف يعيش كل منهم عقدته التي تذكره دائماً بأصله وطبقته؟ وتنبش أمامه حقيقته، وتجليها مبغوضة مكروهة؟ فتنزع نفسه للخروج من هذا الإطار ولبس ثوب غير ثوبه، عبر شيطنات تنقله إلى مصاف الفاعلين في الساحة، أو الشخصيات العامة ذات الحظوة والمكانة. جزء كبير من المشاكل التي يعيشها الواقع السياسي في الكويت، هي إطلاق أيدي هذه الفئة من الكتاب المرتزقة، والعناصر القلقة، أو المفاتيح الانتخابية، وأطلق عليهم ما شئت، فهم لا يحملون هماً وليست لديهم قضية، إلا إجابة "عمهم" وتسكين عقدتهم. يتباكى أحدهم على الفساد، وينادي بالمحاسبة والإصلاح، فإذا مسَّه العلاج وطاله، جزع وعلا منه البكاء والصياح! يدين الطائفية ويشكوها، ويرمي بها من لم يخضع لسيده ويلثم مثله حذاءه، فإذا لم يمارسها غريمه، فيستثنيه لانتسابه لطائفته، رماه بالجَفاء وعدم مراعاة الوفاء! أعلم أنهم غثاء، زبد يذهب جُفاء، ولكن الحسرة تغلب على ضياعهم وابتذالهم سلعة رخيصة، كالمحارم الورقية القابلة للتدوير وإعادة التشغيل.
مشاركة :