في خطوة عسكرية تبعث بعدة رسائل إلى موسكو، دخلت حاملة طائرة أمريكية إلى مياه القطب الشمالي لأجل المشاركة بمناورات عسكرية على قرب الحدود الروسية، وسط توتر دبلوماسي وعسكري متنامٍ بشأن ملفات عدة آخرها اعتزام الولايات المتحدة الانسحاب من معاهدة نووية. ويعد دخول السفينة العسكرية الأمريكية الضخمة إلى هذه المنطقة أول خطوة من نوعها منذ نهاية الحرب الباردة، أي قبل نحو 30 عاما. ويثير توقيت هذه المناورات العسكرية شكوكا لدى الروس، لا سيما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن السبت، نيته الانسحاب من معاهدة نووية أبرمت مع موسكو خلال فترة الحرب الباردة، وتحديدا قبل 31 عاما. ويعود آخر دخول لحاملة الطائرات إلى منطقة القطب الشمالي إلى عام 1991، أما آخر مرور من بحر النرويج فيعود إلى سنة 1987، ويرى متابعون أن أجواء التوتر التي تخيّم على علاقات واشنطن وموسكو خلال العامين الأخيرين تنذر بمزيد من التصعيد حتى وإن كان مستبعدا أن تتطور الأمور إلى مواجهة مفتوحة بين القوتين العظميين. وتستهدف السفينة التي تحمل اسم الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان وتعمل بالطاقة النووية، على استعراض القوة الأمريكية في بحر النرويج. وذكر بيان لبحرية الولايات المتحدة أن الهدف هو إبراز «الشدة والمرونة». وأوضحت قيادة السفينة العسكرية أن المناورات ستشهد تدريبا مكثفا على إقلاع الطائرات والهبوط في الطقس الصعب للقطب الشمالي، وتسعى البحرية الأمريكية إلى اختبار مدى الجاهزية في ظروف من هذا القبيل. ومن المرتقب أن تلتحق حاملة الطائرات «هاري ترومان» بمناورات عسكرية لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ما بين 25 أكتوبر و7 نوفمبر، ويقول متابعون إن التدريبات ستكون الأوسع من نوعها، لأنها ستضم 50 ألفًا من المقاتلين و65 سفينة و250 طائرة مقاتلة. وستجري هذه المناورات العسكرية في مساحة تضم كلا من أيسلندا والنرويج والسويد وفنلندا. وتزيد هذه التحركات مستوى الحضور العسكري لكل من الولايات المتحدة وروسيا في منطقة القطب الشمالي. ووضعت المعاهدة النووية التي ألغت فئة كاملة من الصواريخ يتراوح مداها بين 500 و5 آلاف كيلومتر، حدا لأزمة اندلعت في الثمانينات بسبب نشر الاتحاد السوفيتي صواريخ «إس إس 20» النووية التي كانت تستهدف عواصم أوروبا الغربية. وأبرم الصفقة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان، مع الزعيم السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف في ديسمبر عام 1987، لتكون المعاهدة الأولى والوحيدة من نوعها بين القطبين. وأجبرت المعاهدة، أو هكذا يفترض، الطرفين على سحب أكثر من 2600 صاروخا نوويا تقليديا، من الأنواع القصيرة ومتوسطة المدى. ولا يعني الانسحاب من الاتفاق بالضرورة اندلاع حرب نووية بين الشرق والغرب، لكن قرار ترامب أثار مخاوف من تسارع السباق المحموم الرامي إلى تطوير وإنتاج الأسلحة النووية، لدى كلا المعسكرين، علاوة على حلفاء واشنطن وموسكو.
مشاركة :